ارشيف من : 2005-2008

إيران ـ سوريا: التفاف على المخططات الأميركية

إيران ـ سوريا: التفاف على المخططات الأميركية

الانتقاد/ إقليميات ـ العدد 1122 ـ 12آب/أغسطس 2005‏

طهران ـ ملحم ريا‏

ينبئ تأكيد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد أن التلاحم والتعاضد بين ايران وسوريا في هذه المرحلة، وبمواجهة التحديات والتهديدات الغربية للبلدين، بالاضافة الى تلك الروابط الاجتماعية والثقافية والدينية الممتدة جذورها منذ قرون بين البلدين، والموقف السوري الايجابي "حسب القراءة الايرانية" من الحرب العراقية الايرانية الذي عزز هذه العلاقات وطوّرها أكثر، بمرحلة جديدة ستقدم عليها المنطقة تستلزم هذا التشاور والتنسيق الذي شدد عليه الجانبان الايراني والسوري لمواجهة التحديات.‏

ولعل أهم ما يقلق سوريا وايران حاليا هو المشروع الاميركي الرامي الى تغيير الخريطة السياسية في المنطقة لإعادة برمجتها وهيكلتها تحت عنوان الشرق الاوسط الكبير، وما يحمله من آليات ثقيلة وخفيفة لتطبيقه بقوة السلاح كما حدث في العراق، أو ممارسة لعبة الترهيب والترغيب كما يحصل الآن مع سوريا وايران.‏

ولربما سوريا وايران على ثقة في أن التعامل معهما لن يصل الى حد شن هجوم عسكري، على الاقل في الوقت الراهن بعدما غرقت الولايات المتحدة في المستنقع العراقي، وتكبدت خسائر فادحة، او كما يقال في ايران "لقنت درساً لن تنساه أبداً"، انما ما تسعى اليه واشنطن من خلال مؤسساتها وخلاياها المنتشرة في العالم هو قلب هذه الانظمة عبر:‏

1- تضييق الخناق بممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية عبر التهديدات الاميركية المتصاعدة على سوريا كي ترضخ امام سلام غير عادل وغير شامل مع "اسرائيل"، اضف الى ذلك الضغوطات الاقتصادية والسياسية التي احتدت وتيرتها عقب عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني "رفيق الحريري"، وصدور القرار 1559 والاتهامات المتلاحقة لدمشق بعدم ضبط حدودها مع العراق، والسماح للارهابيين بالتسلل الى ارض الرافدين.‏

وهذه المؤامرات والاستفزازات لم تستثن ايران ايضاً، وربما يكون الملف الايراني شائكاً أكثر من الملف السوري لما يشكله النظام الاسلامي من خطورة تهدد الاستكبار في عمقه. فهذا ملف ايران النووي ما زال يدور في دوامة وأحجية نووية منذ عامين دون التوصل الى حل، حتى ساد اعتقاد في طهران ان لا حلَّ دبلوماسياً له بالرغم من محاولات حثيثة وسعي دؤوب للحؤول دون تصعيد الموقف، الا ان الضغوطات الاميركية على اوروبا وحتى على روسيا، والتعنت الاميركي كانا دائما بالمرصاد.‏

2- توجيه بعض المجموعات الارهابية من داخل العراق للدخول الى الاراضي الايرانية والسورية والقيام بأعمال تخريبية، وربما هذا ما حاول الرئيس الاسد توضيحه بقوله "ان الاوضاع الامنية المتردية في العراق تشكل الهاجس الاكبر للبلدين"، لما لها من تأثير سلبي عكسته على أمنهما، منها التفجيرات الاخيرة في ايران التي قامت بها ـ حسبما صرح مسؤول ايراني ـ عناصر من فلول حزب البعث العراقي تسللت عبر الحدود العراقية الايرانية في وقت لم تكن سورية بمنأى عن العمليات الارهابية.‏

3- دعم الاكراد بدءاً من العراق لينتهي الامر بأكراد سوريا وايران، ما يوقظ بعض الخلايا الكردية النائمة لترفع شعارات قومية وتتحرك على خلفية حكومة فدرالية كردية في العراق، وبالفعل بدأت علائم هذه التحركات تظهر في ايران بعد مناوشات أخيرة بين بعض الأكراد الايرانيين وقوى الامن وكذلك في سوريا.‏

4- دعم المنظمات الانفصالية والمعارضة الايرانية والسورية الموجودة في الخارج لاثارة النعرات وأعمال الشغب.‏

5- التهديد العسكري (دون التنفيذ الفعلي) او ما يسمى بالحرب النفسية بعد حصار عسكري من قواعد اميركية متمركزة في دول الجوار كأفغانستان، تركيا، آذربيجان، الخليج، قطر، الكويت، السعودية والعراق، بالاضافة الى الترسانة العسكرية والنووية الاسرائيلية الضخمة.‏

وفي المقابل ما تسعى اليه سوريا وإيران جاهدتين هو الالتفاف على المخططات الاميركية من خلال:‏

1- تعزيز التعاون والتشاور اقتصاديا وسياسيا، ليس فقط بين البلدين فحسب، انما مع دول الجوار والدول العظمى كالصين وروسيا ودول عدم الانحياز ودول الاتحاد الافريقي، والاهم من ذلك تبديد المخاوف لدى بعض الدول المجاورة من الترسانة العسكرية، وحاليا التكنولوجيا النووية السلمية. هذا بالنسبة لايران، اما سوريا بدورها فتحاول تعزيز الثقة اكثر مع هذه الدول.‏

بالاضافة الى الاتفاقيات الاقتصادية الضخمة بين البلدين المقرر ان تتوسع اكثر لتشمل تعاوناً نفطياً من الممكن ان يحظى لبنان بحصة منه.‏

2- محاولة تلبية بعض المطالب الكردية واحتواء ازمة خطيرة.‏

3- تحالف عسكري تستفيد سوريا من خلاله من القوة العسكرية الايرانية، وايران من الموقع الاستراتيجي السوري. لذلك لا يستطيع المتتبع لهذه الزيارة العبور عن جملة، ربما هي الاهم في اللقاء عندما قال الرئيس الايراني ان سوريا في خط الدفاع الاول عن الامة الاسلامية، وذات اهمية استراتيجية كبرى، وفي مقابل ذلك اعتبرت سوريا إيران السند والحامي الاول لها في مواجهة التهديدات الاميركية والاسرائيلية.‏

2006-10-28