ارشيف من : 2005-2008

البرنامج السياسي للحكومة العراقية: رؤى واقعية وأهداف استراتيجية

البرنامج السياسي للحكومة العراقية: رؤى واقعية وأهداف استراتيجية

العدد 1114ـ 17 حزيران/يونيو 2005‏

بغداد ـ "الانتقاد"‏

يتضمن البرنامج السياسي للحكومة الانتقالية الذي عرضه رئيسها الدكتور ابراهيم الجعفري يوم الثلاثاء 31/5/ 2005 على الجمعية الوطنية، والذي نال ثقتها على أساسه، جملة مفردات تشكل المفاصل المهمة والاساسية في استحقاقات المرحلة الراهنة، سواء على صعيد مهام وواجبات الحكومة، أم على صعيد مطالب وطموحات وتطلعات مختلف شرائح وفئات المجتمع العراقي.. من هذه المفردات توفير الأمن وتأمين فرص العمل والتسهيلات المعيشية، وإنصاف ذوي الشهداء والمتضررين، وصيانة حقوق الانسان وتوسيع مديات وآفاق التنمية الاجتماعية بعناوينها ومظاهرها وأشكالها المختلفة. والى جانب تلك المفردات هناك مفردات اخرى قد لا تحظى بنفس الأهمية والاهتمام بالنسبة للمواطن العادي الذي من الطبيعي انه يفكر بالأولويات الحياتية وفق منهج لا يبتعد كثيرا عنه، ولا يتقاطع مع منهج الحكومة ورؤيتها.‏

وفي واقع الامر ان البرنامج السياسي الذي رأى الدكتور الجعفري ان نجاحه يرتكز على التلاحم الشعبي يمثل استراتيجة متكاملة ومترابطة في اجزائها لانتشال البلاد من الاوضاع المزرية التي أوصلها الينا نظام صدام البائد، ولم توضع لها معالجات عملية وواقعية خلال العامين المنصرمين، وإن وضعت فإن عوامل عدة حالت دون ترجمتها على ارض الواقع.‏

ففي اطار البرنامج السياسي من المفترض ان تعمل الحكومة على ما يلي:‏

1ـ بناء القوات المسلحة العراقية على أسس وطنية سليمة بعيدة عن النشاط السياسي والحزبي، وان يكون ولاؤها للوطن.‏

2ـ ترسيخ مقومات العملية السياسية في العراق الجديد من خلال استيعاب مكونات الشعب العراقي في تشكيل مجلس الوزراء، سواء التي شاركت في الانتخابات التاريخية في الثلاثين من كانون الثاني/يناير 2005 أو التي لم تشارك لأسباب وظروف استثنائية.‏

3ـ مكافحة البطالة من خلال ايجاد فرص العمل للعاطلين القادرين على العمل وفق نظام الضمان الاجتماعي، وتقديم التسهيلات المناسبة لبناء المساكن وتحسين وتطوير نظام البطاقة التموينية للمواطنين.‏

4ـ انتهاج سياسة اقتصادية متوازنة تراعي حاجات البلاد وتنمية الموارد وزيادة العوائد المالية آخذة بنظر الاعتبار المشاكل الاقتصادية التي خلفها النظام البائد.‏

5ـ اعتماد سياسة تربوية وثقافية شاملة، لتعزيز مفاهيم المواطنة والمشاركة وتعميق الأسس الاخلاقية والوعي الحضاري بعيدا عن روح التطرف والجهل، وتقوية التربية والتعليم وبناء المدارس والمعاهد والجامعات.‏

6ـ السعي لإقامة موازين العدالة والتأكيد على استقلال القضاء والقيام بالاصلاحات الادارية في مؤسسات الدولة، وارساء مبادئ النزاهة والامانة والشعور بالمسؤولية ومكافحة الفساد الاداري.‏

7ـ الاهتمام برعاية ذوي الشهداء والمتضررين من النظام البائد لأسباب سياسية وطائفية او قومية، وتوفير العيش الكريم لهم، واستحداث صندوق لتعويض ضحايا الارهاب.‏

8ـ اعتماد سياسة خارجية تحافظ على استقلال العراق وتضمن سيادته الوطنية ووحدة اراضيه، وتقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى.‏

9ـ رفع مستوى الخدمات العامة للمرافق الحيوية من خلال الاسراع بحل الازمات المتفاقمة والتركة الثقيلة التي ورثتها الحكومة الانتقالية.‏

وفضلا عن ذلك كله يتطرق البرنامج السياسي الى شتى القضايا، وهو من خلال نظرة سريعة يبدو غير مرتبط ـ أو بعبارة أدق غير منحصر ـ بالمرحلة الانتقالية التي من المفترض انه لم يتبق منها سوى سبعة اشهر، علما ان القسم الاكبر من الملفات لم يفتح حتى الآن.‏

ومثلما يقول الدكتور الجعفري في خاتمة البرنامج السياسي "ان الحكومة الانتقالية المنتخبة تتوخى من خلال برنامجها السياسي تحقيق نتائج ملموسة لدى ابناء الشعب، وتؤسس للاهداف الوطنية على المديات الحالية والقريبة والاستراتيجية التي تتأتى عبر تظافر كل الجهود المخلصة والخيرة".‏

ومن خلال ذلك يمكن ان نفهم ان الحكومة تحتاج الى دعم ومساندة ابناء الشعب لكي يكون بمقدورها تقديم الخدمات لهم وتأمين افضل الاوضاع والظروف امنيا وسياسيا واقتصاديا، وكذلك فإن الاهداف التي تضمنها البرنامج تمثل رؤية وطموحا وغير خاضعة لسقف زمني معين. اضف الى ذلك ان الامن يعد المدخل الاساسي والمهم للسير حثيثا في طريق التحول الى الامام، ويوازيه تأمين حاجات الناس الرئيسية.‏

واذا حققت حكومة الجعفري نجاحا ملموسا في هذين الجانبين خلال الاشهر القلائل القادمة فهذا يعني انها انجزت شيئا يستحق الاهتمام ويبشر بالخير ويدفع الى التفاؤل.‏

2006-10-28