ارشيف من : 2005-2008

هل يعود الوفاق إلى العلاقات السورية العراقية؟

هل يعود الوفاق إلى العلاقات السورية العراقية؟

الانتقاد/العدد 1116 ـ 1ـ تموز/يوليو 2005‏‏

خورشيد دلي‏

دخلت العلاقات السورية العراقية مرحلة يمكن تسميتها بالانتظار السياسي والأمني على الرغم من الإشارات الإيجابية المتبادلة من الجانبين، وسط جو من غياب الثقة والإحساس بثقل الملف الأمني، فضلا عن غموض نيات كل طرف بالنسبة للآخر، علماً ان الذين يشغلون المؤسسات الحكومية العراقية الحالية هم من الذين كانوا على علاقة جيدة ووثيقة بدمشق أيام عهد نظام صدام حسين.‏

سوريا التي تتعرض لاتهامات أميركية وعراقية بعدم ضبط حدودها مع العراق، وأحيانا بتقديم المساعدة للمتسللين الذين يقومون بعمليات دموية يذهب ضحيتها العشرات من العراقيين يوميا.. سوريا هذه تعتقد انه من الصعب جدا إقامة علاقة مستقرة مع العراق ما دامت القوات الأميركية باقية فيه, وفي ظل الاعتقاد السوري هذا الذي يخالف على الأقل قناعة المؤسسات الحكومية العراقية التي لا ترى في هذه القوات مشكلة سيادية في الفترة الحالية، بقدر ما ترى فيها عاملا لنجاح تجربتها السياسية ولاستكمال بنيتها الأمنية في مواجهة العمليات والأعمال المسلحة التي دمرت العراق أكثر فـأكثر ...في ظل هذه المعادلة فإن الشكوك تبقى تحوم حول تصورات الطرفين وجهودهما لإعادة الوفاق إلى العلاقات بين البلدين على الرغم من الحاجة الماسة لكل طرف إلى الآخر لأسباب أمنية واقتصادية بالدرجة الأولى.‏

وإذا كان من نتائج هذه الأجواء السلبية المشوبة بالقلق التأخر في استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على الرغم من الحديث الطويل عن قرب تبادل السفراء بينهما.. وكذلك تأجيل العديد من الزيارات التي كانت مقررة لقادة المؤسسة الحكومية العراقية إلى دمشق مثل الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس الوزراء إبراهيم الجعفري، فإن هذه النتائج والأجواء وضعت العلاقات بين البلدين أمام استحقاقات أمنية خطيرة, تمثلت في التلويح الأمني الأميركي ضد سوريا عبر الحدود العراقية السورية، والحديث عن إقامة منطقة أمنية عازلة في الحدود من شأنها تغليب الشأن الأمني، وجعل هذا الشأن أولوية في العلاقات المشحونة بين البلدين على الجوانب الأخرى التي وصفت بالتاريخية والجغرافية والاستراتيجية في معركة الصراع مع "إسرائيل" والتطلعات القومية.‏

في الواقع, هذه الصورة المتوترة للعلاقة السورية العراقية لا تتوافق وحديث كل طرف عن أهمية العلاقة مع الطرف الآخر، وحرصه على بناء أفضل العلاقات معه من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة ككل, ولعل من الإشارات المهمة والبارزة التي صدرت مؤخرا في هذا المجال، توصية حزب البعث السوري في مؤتمره القطري الأخير بإصلاح الخلل في العلاقات السورية العراقية، ولإيصال هذه الصورة بادرت الحكومة السورية مؤخراً إلى تنظيم جولة للدبلوماسيين والملحقين العسكريين والإعلاميين في دمشق إلى المنطقة الحدودية مع العراق، التي تمتد قرابة 750 كليومتراً، حيث نشرت قرابة 7000 جندي على 457 مخفراً من أجل القيام بأعمال الحراسة والمراقبة والكمين لمنع عمليات التسلل عبر الحدود، وقد أسفرت هذه الأعمال خلال الأشهر القليلة الماضية عن اعتقال 1200 متسلل, كما أقامت السلطات السورية ساترا ترابيا بارتفاع أربعة أمتار على امتداد الحدود مع العراق، وفي مناطق متفرقة أنشأت أسلاكاً شائكة...‏

بينما يشكو الجانب السوري من ان القوات الأميركية والعراقية لا تقوم بإجراءات مماثلة ومناسبة لحماية الحدود على الرغم من امتلاك القوات الأميركية إمكانيات تقنية عالية، وان المزاعم الأميركية لسورية بخصوص أمن الحدود مع العراق تدخل في باب "الأجندة" الأميركية المسبقة تجاه سوريا التي ترى انها مهما فعلت فإن الولايات المتحدة ستواصل ضغوطها ومزاعمها إلى حين تحقيق أهدافها من سورية, في المقابل فإن القيادة العراقية وتحديداً الرئيس العراقي جلال الطالباني أعلن مرارا رغبته في زيارة سوريا وإقامة أفضل العلاقات معها، مشيدا بدور دمشق في دعم القوى العراقية التي ناضلت ضد نظام صدام حسين، حيث ما زالت لمعظم هذه القوى مكاتب ومقار في سوريا.‏

من الواضح, ان العلاقات السورية العراقية تمر بفترة حساسة وصعبة، الا انه في الوقت نفسه يمكن القول ان تصريحات الطرفين تعبّر عن إدراكهما لأهمية استغلال الفرصة الموجودة من أجل عدم جعل الحدود مشكلة أمنية قد تتفاقم في هذا الظرف أو ذاك، وبالقدر نفسه أهمية بدء صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين قد تحقق إعادة الوفاق إلى علاقاتهما.‏

2006-10-28