ارشيف من : 2005-2008
المعركة الانتخابية في العراق.. صراع بين الكبار بأدوات ووسائل متنوعة

الانتقاد/ اقليميات ـ العدد 1139ـ 9/12/2005
بغداد ـ عادل الجبوري
من يتجول في شوارع أي مدينة عراقية هذه الايام، وتحديدا في العاصمة بغداد، لا يمكنه ان يمر مرور الكرام على ذلك الكم الهائل من الملصقات واللافتات واللوحات الضوئية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم لشتى القوائم والشخصيات السياسية المتنافسة في الانتخابات البرلمانية العامة المقرر إجراؤها يوم الخميس المقبل.
ومن تلك الأعداد الهائلة من الملصقات واللافتات واللوحات الضوئية يجد المتابع ان هناك أعدادا غير قليلة منها قد مُزقت، وأخرى قد اختفى الجزء الاكبر منها بعد ان عُلقت اخرى عليها، ونوع آخر شُوه بأصباغ حمراء وسوداء، او بخط حرف x عليه.
وإذا كان العدد الهائل من أدوات الدعاية الاعلامية هذه يعكس طبيعة وحجم الحملات الانتخابية لمختلف القوائم المتنافسة، سيما الكبيرة منها، فإن عمليات التمزيق والإخفاء والتشويه تعكس جانبا آخر من حجم تلك الحملات، وهو ما يصطلح عليه البعض بـ"الحملات الانتخابية السلبية".
وفي الاطار العام هناك قوائم انتخابية معينة لها حضورها في ميدان الدعاية الانتخابية الذي يتناسب وحجمها، وهي قائمة الائتلاف العراقي الموحد ذات الرقم (555) بزعامة السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، وقائمة جبهة التوافق العراقية ذات الرقم (618) بزعامة كل من طارق الهاشمي القيادي في الحزب الاسلامي العراقي وعدنان الدليمي رئيس مؤتمر أهل العراق، وخلف العليان رئيس جبهة الحوار الوطني، والقائمة الوطنية العراقية ذات الرقم (731) بزعامة إياد علاوي أمين عام حركة الوفاق الوطني العراقي، وقائمة التحالف الوطني الكردستاني ذات الرقم (730) بزعامة الرئيس العراقي الحالي جلال الطالباني، الى جانب قائمة تحالف المؤتمر الوطني العراقي ذات الرقم (569) بزعامة أحمد الجلبي رئيس حزب المؤتمر الوطني ونائب رئيس الوزراء.
وإذا كانت الدعاية الانتخابية قد تداخلت في معظم مناطق العاصمة بغداد ارتباطا بعوامل تتمحور أساسا حول ما تمتاز به التركيبة السكانية لأي عاصمة، من حيث تنوع الانتماءات المذهبية والطائفية والقومية، وكذلك الانتماءات السياسية والتراتبية الاجتماعية، فإنها في مناطق ومدن أخرى قد تكون غير ذلك.. ففي المحافظات الشمالية قلما نجد مظاهر دعاية انتخابية لغير قائمة التحالف الكردستاني وقوائم كردية أخرى، وكذا الحال في المناطق الغربية ذات الأغلبية السنية التي تعج بالدعاية الانتخابية لقوائم تمثل عناوين سياسية لكيانات وشخصيات سنية مثل جبهة التوافق العراقية وقائمة صالح المطلك وقائمة كتلة المصالحة والتحرير بزعامة مشعان الجبوري، بينما نجد ان الدعاية الانتخابية لقائمة الائتلاف العراقي الموحد تهيمن على ما سواها في محافظات ومدن الجنوب والفرات الأوسط، كالبصرة والناصرية والعمارة والكوت والسماوة والحلة وكربلاء والنجف.
هذا الواقع يعكس صورة المشهد السياسي العام بعناصرها الرئيسية، الى جانب عناصر أخرى ثانوية تتمم بعضا من معالم وملامح الصورة، وربما تضفي عليها ألوانا أخرى.
وإذا افترضنا ان الملصقات والصور واللافتات واللوحات الضوئية تمثل جزءا من الدعاية الانتخابية وليس كلها، فحينذاك ينبغي النظر من زاوية أشمل وأوسع للوقوف على جانب من معطيات ووقائع المعركة الانتخابية.
والنظر من الزاوية الأشمل والأوسع سيجعل المتابع يتوقف عند زيارة رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي مطلع هذا الاسبوع الى مدينة النجف في اطار حشد الأصوات لقائمته، وتعرضه للهجوم من مجاميع من الغاضبين عليه بسبب حملته العسكرية على مدينة النجف حينما كان رئيسا للحكومة العام الماضي.
وفي الوقت الذي اعتبر علاوي ان ما تعرض اليه هو محاولة اغتيال نفذتها مجاميع من عناصر التيار الصدري ومنظمة بدر، اعتبرت تيارات منافسة له ان ما حصل له هو تعبير عن الرفض له ليس إلا، وهذا ما أشار صراحة اليه غريمه أحمد الجلبي.
ومؤشرات الرفض لقائمة علاوي تتخذ في مناطق من بغداد وغيرها شكلا آخر يتمثل بتمزيق وتشويه الصور والبوسترات واللوحات التي تحمل صوره، الأمر يصدق على الدعاية الانتخابية لقائمة وزير الدفاع السابق حازم الشعلان المطلوب حاليا للقضاء العراقي على خلفية فساد مالي كبير في وزارة الدفاع عندما كان وزيرا لها في حكومة علاوي.
مضافا الى ذلك فإن قائمة الائتلاف العراقي الموحد حملت في سياق حملتها الدعائية الانتخابية على القائمة الوطنية العراقية بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق، معتبرة بصورة ضمنية او حتى صريحة في بعض الأحيان انها تخطط وتسعى لإعادة البعثيين الى سدة الحكم.
أضف الى ذلك أن رئيس الوزراء الحالي ابراهيم الجعفري الذي يعد أبرز مرشحي قائمة الائتلاف العراقي الموحد، هاجم علاوي بشدة قبل بضعة أيام لحضور الأخير استعراضا عسكريا للجيش العراقي في مطار المثنى ببغداد، علما بأنه في وقت سابق ووجه بانتقادات حادة لقوله إن الأجهزة الأمنية الحالية أسوأ من الأجهزة الأمنية لنظام صدام، وكذلك لوصفه أهالي مدينة الصدر جوابا عن سؤال بشأن تمزيق صوره هناك بـ"الهمج الرعاع".
ويبدو ن التصعيد الانتخابي بين قائمة الائتلاف العراقي الموحد والقائمة العراقية هو الأكبر، وذلك لسبب بسيط يرتبط بالسعي المحموم لإياد علاوي بإحراز أكبر قدر من المقاعد في البرلمان المقبل، وبالتالي العودة الى موقع رئاسة الوزارة، وإدراكه ان الائتلاف العراقي الموحد يمثل العقبة الكأداء التي تقف أمامه.
ولكن برغم ان حجم الدعاية الانتخابية لقائمة إياد علاوي يعد الاكبر، حتى ان أوساطا مطلعة تذكر أرقاما خيالية للأموال المخصصة لتلك الحملة، فإن فرصه في تحقيق نتائج جيدة يعتد بها ضئيلة، وتذهب معظم القراءات التحليلية الى انه سيجد نفسه يقف بعد الائتلاف الموحد والتحالف الكردستاني وجبهة التوافق العراقية، وربما على مسافة قصيرة من عدوه اللدود أحمد الجلبي.