ارشيف من : 2005-2008
تماسيح

الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1140ـ 16/12/2005
لقد تبين في نهاية الأمر للرئيس الأميركي جورج بوش أن الكثير من المعلومات الاستخباراتية التي اتخذت ذريعةً لشن الحرب على العراق كانت خاطئة.
هكذا اعترف بوش في خطابه الرابع حول العراق ودوافع الحرب عليه، متبعا اعترافه بأنه يتحمل المسؤولية كرئيس عن قرار الدخول إلى العراق ولكنه "مسؤول أيضا عن إصلاح الأخطاء التي حصلت"..
كيف؟
"عبر إعادة إصلاح قدراتنا الاستخباراتية".
وما يهم إن أخطأوا باحتلال العراق، خيراً إن شاء الله، لقد تعلموا وسيصلحون قدراتهم، أما من سيصلح ما جرى للعراق وكيف، فلا يهم، وهل العراقيون يعيشون في الولايات المتحدة أم يتحدرون من أصول أميركية؟ أكيد لا.. عليهم إذاً أن يقلعوا شوكهم بأيديهم.
بوش ـ الذي أبدى أسفه للخطأ الذي وقع فيه ـ استمر في مسلسل الخداع والكذب، فزعم أن قراره بعزل صدام كان صحيحا، مدعما ذلك الزعم بزعم أقبح منه وهو أن الشعب الأميركي والعالم بات أفضل لأن صدام لم يعد في السلطة!!
ألا يستدعي كلام الرئيس الأميركي أي تحرك دولي؟
أليس اعترافه بالخطأ الذي كلف العراقيين والمنطقة مئات آلاف الشهداء ناهيك عن تدمير البنى التحتية من ماء وكهرباء ونفط، أليس اعترافه بمثابة إخبار لمجلس الأمن الدولي، فينعقد على وجه السرعة لتشكيل لجنة تحقيق دولية تمهّد لتأليف محكمة دولية تحاكم كل المجرمين الأميركيين على ما فعلوه من تخريب بلد عضو في الأمم المتحدة كان يتمتع بكامل حقوق العضوية، وتعيد لهذا البلد كل حقوقه المسلوبة؟
أم أننا سنكون أمام من يقول لنا انظروا لقد أخطأ رئيس أعظم دولة جبروتاً، وها هو يعترف بخطئه والاعتراف بالخطأ فضيلة، ولنغض الطرف عن المحاكمة والمحاسبة.
لا، إن بوش لم يعترف بخطئه نادما، بل مكرها بعدما بلغ السيل الزبى، وبعدما لم يعد في مقدوره لا هو ولا بمقدور أعوانه التغطية على الكذب، فغطى ذلك كما التماسيح التي تذرف دموعها وهي تفترس ضحيتها.
محمد يونس