ارشيف من : 2005-2008

عفواً

عفواً

الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1139ـ 9/12/2005‏

لم يتأخر كثيراً الجواب على سؤال طرحته على نفسي وأنا أشاهد محاكمة صدام حسين حين كان أحد الشهود يروي تفاصيل التعذيب الذي لقيه على أيدي جلاوزة صدام في قضية الدجيل، السؤال كان هل يتأثر هذا الديكتاتور وهو ينصت لتفاصيل يندى لها الجبين فيظهر منه بعض الندم أو الأسى؟‏

وكما قلت، الجواب لم يبطئ بل أتى سريعاً وعلى لسان الطاغية صدام الذي ـ وبكل ما للوقاحة من جرأة ـ انتصب وسط قفص المتهمين ليتحدى القاضي والمحكمة أن تثبت بأنه ضرب عراقياً بيده!!! بل زاد على ذلك بأن هذه الشهادات التي تتلى في المحكمة فيها "إساءة إلى تاريخ عمره 35 عاما بنينا فيها العراق بدمع العين...".‏

بدمع أي عين، نعم صدام لم يبن عراقه بدمع العيون فقط، بل بدماء قلوب العراقيين وعذاباتهم وآلامهم التي لا تقدر بزمن ولا تقاس بوقت، ولم يكتف صدام بذلك بل جلب إلى شعبه الذل والهوان حين أوقعهم تحت نير الاحتلال وإرهابه، وها هو يبنيه الآن بأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ.‏

ولمزيد من الوقاحة "كوقاحة من جلبهم لنهب ثروات العراق وأهله" يتبجح صدام ويقول "أنا لا أعمل دعايات انتخابية لنفسي، ما يهمني هو رضا الله والانسانية..." ثم يأخذ القرآن الكريم ويقبله!!!‏

الحقيقة أن هذا الرجل ما زال أسير الهالة الديكتاتورية الفرعونية التي صاغها لنفسه وعاشها طوال ثلاثين عاما، هذه الهالة لم تخرجه منها محطات إذلاله يوم نشر الأميركيون صوره وهو قابع في أحد الجحور، ولا وهو مسلّم نفسه مطواعاً بين يدي الطبيب العسكري الأميركي يقلب وجهه ذات اليمين وذات الشمال، فكيف تخرجه منها شهادات قوم ما زال يرى نفسه حاكما عليهم، وما زال يراهم من حثالة القوم وهو منّ عليهم؟‏

فعفواً على السؤال..‏

محمد يونس‏

2006-10-28