ارشيف من : 2005-2008
قمة فهد:زوبعة إماراتية في فنجان موسى

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1141 ـ 23 كانون الاول/ ديسمبر 2005
لم يكتب لقمة دول الخليج السادسة والعشرين أن تنتهي دون إثارة قد تكون مقصودة للتغطية على بيان مقرراتها الذي جاء عامّاً دون أن يقارب الهموم الأساسية لمواطني هذه الدول أولاً، وثم للمواطنين العرب الباقين، أو ربما يكون لعدم إثارة الغضب الأميركي والاسرائيلي بسبب عدم التطرق للملف النووي الايراني في البيان، ودعوته في المقابل كيان العدو إلى الانضمام لمعاهدة حظر نشر الأسلحة النووية وإخضاع منشآته للتفتيش الدولي، فكان التصويب على أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الذي تربطه ببعض دول الخليج علاقات غير ودية.
فالرسالة التي أثار حولها ما أثار وزير الخاجية الاماراتي راشد عبد الله النعيمي هي في الأساس سلسلة محاضرات ألقاها موسى في الشارقة تمحورت حول موضوع إقامة منطقة خالية من السلاح النووي، كما أن السيد موسى قد بعث برسالة بهذا المعنى إلى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في شهر حزيران/ يونيو الماضي يؤكد فيها على ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية.
لا بل الأغرب من هذا كله أن البيان الختامي لقمة فهد جاء متوافقاً تماماً مع التوجهات التي تضمنتها رسالة السيد موسى لجهة مطالبة "إسرائيل" بالانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وإخضاع منشآتها النووية كافة لنظام التفتيش الدولي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وجعل المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج.
فإذا كان البيان الختامي متوافقاً مع نص رسالة موسى قبل حوالى ستة أشهر لماذا إذاً هذا الهجوم والتهجم، وكأن موسى قد انتهك سيادات الدول وحرمات مواطنيها؟ وإذا كانت هذه الدول ترفض بالشدة التي ظهرت في مؤتمر الوزير الاماراتي انتهاك حرماتها وسيادتها، أما كان الأجدر بها التحول إلى من يحاولون سرقة مواردها وإخضاع سياساتها لارادة موظفين في وزارة الخارجية أو جنرالات في وزارة الحرب؟
يقول البعض في تفسير آخر ان ما جرى هو جزء من الثأر المخبّأ مع عمرو موسى بدأ من صحيفة كويتية وانتهى في مؤتمر صحافي في أبو ظبي، لكن الثابت هو أن الكلام قيل والحملات شنت وما جرى لم يتعدَّ الزوبعة في فنجان صغير، فموسى ما زال أمينا عاما للجامعة العربية، ودول الخليج ما زالت على ما هي عليه، وما زالت تسعى لعقد اتفاقيات ثنائية مع الولايات المتحدة الأميركية و"غيرها" دون الرجوع إلى مجلس تعاونها...
محمد يونس