ارشيف من : 2005-2008
أفول نظام

عندما انهار الاتحاد السوفيتي السابق وانهار معه مشروع الاشتراكية العالمي، هلّل الأميركيون والرأسماليون الغربيون وطبلوا معتبرين ذلك نصرا لمفهوم الليبرالية على الاشتراكية، وانصاع لهم في ذلك الاشتراكيون، فبدأوا بتحطيم كل بناء وأساس كانوا رُبّوا وتربوا عليه، ورموا بأنفسهم في أحضان وحش الرأسمالية وبين أسنانه.
لكن الأمر لم يلزمه إلا سنوات قليلة حتى أدرك هؤلاء مدى الخطر الذي وقعوا فيه، فتلمسوا حقيقة الأسس والمفاهيم الليبرالية بوحشيتها وماديتها، وها هم يستفيقون الواحد بعد الآخر، بعد أن أمعن الغرب نهشا في ثرواتهم وأدخلهم في فقر لم يعهدوا له مثيلا من قبل.
صحيح أن أحدا منهم لا يتوق للعودة إلى أنظمة الحكم السابقة الموغلة في القمع وإنكار حقوق الأفراد، ولكن صحيح أيضا أن أيا منهم لم يكن يتوقع قبح الأنظمة والمفاهيم الجديدة.
لقد وجدوا أنفسهم لقمة سائغة في أفواه الشركات العملاقة التي لا همّ لها سوى تحقيق المزيد من الربح والمزيد من الربح، غير آبهة لا بأمن اجتماعي ولا اقتصادي ولا أي أمن آخر.
إن ما جرى في بوليفيا، وقبلها في فنزويلا والتشيلي وغيرها من البلدان التي اصطلح على تسميتها بالحديقة الخلفية للبيت الأبيض، وما يجري كذلك في دول أوروبية طالما كانت محسوبة على النظام الرأسمالي الغربي، يشير بكل وضوح إلى أن هذا النظام لم يعد بإمكانه التخفي وراء مصطلحات وتعبيرات كالحرية وحقوق الإنسان، كما يشير إلى أن نجم هذا النظام بدأ بالأفول، وربما يكون أفوله أسوأ من أفول منافسه.
بعدها يصبح لزاما على البشرية جمعاء البحث عن النظام الملائم والمناسب، نظام أنوار نجمه عادت للسطوع عاليا.
محمد يونس
الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1160 ـ 5 أيار/مايو 2006