ارشيف من : 2005-2008
وطن وأبناء

الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1141 ـ 23 كانون الاول/ ديسمبر 2005
يقولون ان التطور البشري استمرارية بحيث إن الخلف ينطلق دائماً من النقطة التي وصل إليها السلف، مثلما أن الانسان يتعلم من تجارب أخيه الانسان فيأخذ الزبدة والخلاصة موفراً على نفسه التخبط في مسارات الاختبارات وتكبد تكاليف يمكن تجنب عبئها.
ولكن لهذا السياق المنطقي لمسار التاريخ البشري ما يعاكسه لدى حكام الأنظمة الممسكة برقاب العرب، وما دام الدولار يتدفق تدفق النيل والفرات بين أيديهم، وما دام العم سام يوفر لهم الملذات والطيبات، فهم ليسوا معنيين حتى بتجارب ما يمكن وصفه بذوي القربى مع العم سام.
فالمفارقة في الأمر أن القريبين من الولايات المتحدة الأميركية بدأوا بالتفلت من هيمنتها الواحد تلو الآخر، بينما ترى البعيدين يتسابقون ليلقوا مصيرهم ومصير شعوبهم في احضان مصالحها وجبروتها، مع العلم أن أولئك المجربين هم قريبون أيضا منا لجهة الظروف المعيشية والاقتصادية ومعاناتهم من هيمنة القوى الكبرى عليهم.
ففنزويلا والبرازيل والأرجنتين والأورغواي وصولا إلى بوليفيا مؤخراً هي دول تحوي موارد اقتصادية مهمة اختبرت مطولا "الديمقراطية الأميركية" المتوحشة وأطماعها، وها هي تعلن نتائج اختباراتها لعلّ اللبيب يفهم.
ولكن يبدو أن المشكلة التي تميز تلك الدول عن دولنا أن في تلك الدول حكاماً يعتبرون أنهم يعيشون في وطن له أبناء، وهم من أبنائه، أما عندنا فيعتبرون أنهم يعيشون في قصور مشرفة على وطن له أبناء وهم ليسوا من هؤلاء الأبناء.
محمد يونس