ارشيف من : 2005-2008
العدد السنوي // إيران: انتخابات مفاجئة وسيادة نووية

استهل الإيرانيون عام 2005 بمفاجأة لم يكن يتوقعها أكثر المحللين معرفة في الشأن الإيراني، تمثلت بانتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا للجمهورية الإسلامية.. كما ثبتوا خلال هذا العام على أحقيتهم بسيادتهم النووية التي لم تتراجع برغم كل الضغوط والتهديدات الدولية والأميركية بشكل خاص.
الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي انعقدت على دورتين وأفضت إلى استلام رئيس بلدية طهران سدّة الرئاسة، شكلت صفعة قوية للغرب وأدواته، إن لجهة المشاركة الواسعة التي تخطت في كلا الدورتين خمسة وستين في المئة، وإن لنوعية الرئيس الذي انتُخب برغم منافسته الرئيس المخضرم علي أكبر هاشمي رفسنجاني.. فالدورة الأولى حصرت المنافسة بين نجاد ورفسنجاني بعد صعود نجم نجاد بشكل مفاجئ، وهو الذي لم يكن محط أنظار الصحافيين في الدورة الأولى، وقد حل ثانياً بعد رفسنجاني. وفي الدورة الثانية التي جرت في حزيران/ يونيو، وفي حين كانت استطلاعات الرأي والتوقعات تشير إلى احتمال فوز رفسنجاني، جاءت النتيجة عكس ذلك، وفاز ذلك الرجل القادم من رئاسة البلدية، الذي أعاد إيران إلى بدايات الثورة على حد تعبير الكثير من المحللين، خاصة أنه كان مدعوما من حرس الثورة وما يُطلق عليه وصف المحافظين في إيران. وقد كان الإيرانيون أمام تحدي الضغوط الأميركية التي شغلت أبواقها الإعلامية لدفع الإيرانيين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، في محاولة لإظهار الانتخابات بأنها لا تمثل شرعية انتخابية.. لكن الرياح الإيرانية جرت بما لا تشتهي السفن الأميركية.
وفور تولي الرئيس نجاد مهامه في شهر آب/ أغسطس، بدأ الضغط الأميركي والأوروبي على إيران بذريعة ملفها النووي، بغية ثني طهران عن متابعة استكمال دورة التخصيب النووي، ووصل هذا الضغط إلى حد التهديد بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي، مع ما يعنيه من عقوبات ومحاصرة، لكن إصرار الإيرانيين على الاحتفاظ بما هو حقهم وعدم التفريط به، كسر حلقة الضغط ليعاود الأوروبيون المفاوضات من جديد في شهر كانون الأول/ ديسمبر حول كيفية استفادة الجمهورية الإسلامية من مفاعلاتها النووية. وقد برزت في هذا الإطار عدة مقترحات، بينها أن يجري التخصيب في روسيا، أو أن تقوم الدول الأوروبية بتزويد إيران بما تحتاجه من يورانيوم مخصب، لكن الموقف الإيراني لم يتزحزح، لأنه اعتبر أن الأمر سيادي ولا يمكن المساومة عليه. علما بأن طهران كانت دعت الجهات الغربية إلى المشاركة في إنشاء مفاعلاتها النووية لتتأكد من نية إيران عدم استخدام برنامجها النووي للمسائل العسكرية. وهذا هو الوتر الذي ما زالت تلعب عليه كل من الولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل" التي سربت أكثر من مرة معلومات عن نيتها ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، ما استدعى ردا حاسما من وزارة الدفاع الإيرانية التي هددت بأن أي مساس بأي منشأة نووية وأي انتهاك للسيادة الإيرانية سيقابله رد مزلزل لم تشهده "إسرائيل" من قبل.
محمد يونس
الانتقاد العدد 1142 ـ 30 كانون الاول/ ديسمبر 2005