ارشيف من : 2005-2008
العدوان على المقدسات الإسلامية:ردود فعل عالمية تراوحت بين المقاطعة وطرد السفراء

أثار نشر رسوم كاريكاتورية مشينة لشخص خاتم الأنبياء وأفضلهم محمد (ص) في الدنمارك والنروج وفرنسا وألمانيا ردود فعل شاجبة اسلامية ومسيحية، أجمعت على التنديد بأي مس بالمقدسات والرموز الدينية، وفي ما يلي بعض هذه الردود.
اعتبر حزب الله في بيان له أن إقدام بعض الصحف الدنماركية والنروجية على التعرض لشخص الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم يمثل إساءة كبرى بحق الإسلام العزيز وإهانة بالغة لمشاعر أكثر من مليار مسلم في مختلف أنحاء العالم، ما يستوجب منّا أقصى عبارات الاستنكار والشجب لهذا العمل المدان المنافي للأخلاق والآداب والقيم المشتركة التي تربط جميع الأديان والثقافات بعضها بالبعض الآخر.
وتابع البيان يقول: إنّ تجاهل دولتي الدنمارك والنروج حتى الآن وبذرائع واهية لحالة الغضب والسخط التي تعم العالم الإسلامي وما يرد من أنباء عن رفض الرأي العام في هذين البلدين الاعتذار، هو إساءة إضافية ستزيد بلا ريب مشاعر الاستنكار والرفض الشديد، مما يحدونا لأن نطالب الدولتين المذكورتين بالاعتذار الواضح والصريح واتّخاذ الخطوات الجدية لمنع تكرار هذه الظواهر المشينة التي ستنعكس آثارها الثقافية والاجتماعية والسياسية في أكثر من اتّجاه.
كما دان رئيس الجمهورية اللبنانية العماد إميل لحود تعرض بعض الصحف الدنماركية والنروجية للنبي محمد (ص) "من خلال رسومات لا تعبر عن أي مضمون ديني، بل تهدف الى الإساءة للديانة الاسلامية ورموزها".
وقال الرئيس لحود: "ان لبنان الذي يحترم القيم الدينية والأخلاقية لمختلف الديانات والمعتقدات السامية، لا يمكن ان يقبل الإساءة الى أي من الديانات أيا كان مصدرها، وذلك انسجاما مع التزامه مبدأ قبول الآخر واحترام معتقده وشعائره الدينية".
أضاف: "ان عالم اليوم الذي يتوق لنبذ الأحقاد والتعالي على الكراهية بالمعرفة والاغتناء بالتبادل الحضاري، لا يمكنه ان يقبل بالتلطي وراء قراءة خاطئة للواقع بهدف تعميم الخطأ على قيم دينية او على ديانة بأكملها تدعو الى السلام والمحبة".
وإذ شدد الرئيس لحود على "ان هذه الإساءة ليست موجهة الى الاسلام والمسلمين فحسب، بل الى كل مؤمن بقيم الدين والحضارة في العالم"، دعا الى "التزام حرية الفكر كمبدأ تعاطٍ دولي أساسي يحترم مقدسات الآخر أيا كان".
ورأى الرئيس لحود "ان لبنان الذي يتضامن مع جميع الذين مستهم هذه الرسومات وأساءت اليهم، يعتبر ان التعرض للقيم والمعتقدات اهانة لرسالته الحضارية في محيطه والعالم، ويؤكد ان التطاول على الأنبياء او على الرموز الدينية، يساهم في تأجيج مقومات صراع الحضارات، فيما الملحّ في بداية الألفية الجديدة العمل بإيمان وعقلانية لإطفاء عوامل التصادم وتوسيع قواعد التلاقي بين الحضارات".
الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون انتقد بشدة الرسوم الكاريكاتورية الساخرة التي نشرتها بعض الصحف الدنماركية وتناولت النبي محمدا (ص).
ووصف كلينتون فى حديث له أمام مؤتمر "إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الاوسط" في الدوحة، ما نشرته الصحف الدنماركية من رسوم كاريكاتورية ساخرة، بأنه عمل سيىء للإسلام وللرسول محمد (ص).
وقال: ان معظم الصراعات التي شهدتها أوروبا طيلة السنوات الخمسين الماضية كان أساسها القضاء على الأفكار والمعتقدات والحملات المعادية للأديان، فاستبدلتها الدنمارك بهذا العمل السيىء بمعاداة الاسلام.
كما انتقد كلينتون التهجم على ديانة بأكملها وعلى عقيدة كاملة مثل العقيدة الاسلامية من خلال آراء فردية استغلت الصحافة لتعبر عما فى نفسها.. مشيراً إلى أن بعض دول العالم ومنها أوروبا لا تزال حتى الآن تجهل تعاليم الدين الاسلامي الذي يدعو إلى التسامح والخير للبشرية.
من ناحيتها تلقت جمعية الانقاذ الاسلامية في طرابلس بيانا مشتركا موقعا من مجلس كنائس الشرق الاوسط والمنتدى الاسلامي للحوار جاء فيه: "ببالغ الألم والاستنكار اطلعنا على صور وصيغ الانتهاكات المشينة التي اقترفتها مؤخرا بحق الاسلام بعض وسائل الاعلام في الدنمارك, ما يشكل اعتداء صارخا على معتقدات المسلمين وانتهاكا واستفزازا لمشاعرهم الدينية وتقاليدهم العريقة".
وأهاب البيان "بالحكومة الدنماركية والجهات المسؤولة المبادرة الى مساءلة تلك الجهات التي أثارت هذه الفتنة الطائفية الهوجاء ومحاسبتها ومطالبتها بتقديم الاعتذار للمسلمين في العالم، والتعهد بعدم العودة الى مثل هذه الممارسات غير المسؤولة".
ومن برلين دعا مجلس شورى الصحافة الألمانية الذي يتخذ من مدينة بون مقرا له، إلى ضرورة أن تلتزم الصحافة الأدب مع الشخصيات التي قامت بدور كبير في حياة الإنسانية، ولا سيما الأنبياء.
وقال رئيس مجلس شورى الصحافة الألمانية فريد فون بسمارك من خلال تقرير وزعه، ان نشر صور تسخر بالنبي محمد (ص) عبر صحيفة "ايلاند بوسطن" الدنماركية في 30 من شهر سبتمبر من عام 2005م، أثار ايضا سخط الصحافة السياسية والاجتماعية في ألمانيا. موضحا ان الحرب التي أعلنها المجتمع الدولي ضد الارهاب يجب ان تحقق أهدافها شريطة الابتعاد عن الإساءة لشعور المسلمين الذين يرون ان الحرب ليست ضد الارهاب، بل ضد الوجود الاسلامي.
ورأى بسمارك ان عرض صور كاريكاتورية تمثل النبي محمدا (ص) يجعل من المسلمين يجزمون بأن الحرب ضد الارهاب انما هي ضدهم.. مؤكدا وقوف مجلس شورى الصحافة الألمانية الى جانب الدول الاسلامية الغاضبة على الدنمارك، ووقوف المجلس مع الصحافة الحرة التي تتقيد بالآداب خلال تقاريرها الخاصة بالإرهاب والسياسة الدولية.
وحذرت بعض الصحف الألمانية مثل صحيفة "دي فيلت" و"سود دويتشه تسايتونغ" و"تاجيسشبيغل" من خلال تعاليقها على اعلان بعض الدول العربية والاسلامية حظر التعامل مع البضائع الدنماركية، من ان هذه الدول يمكنها من خلال هذه السياسة الصارمة الدعوة الى محاربة أولئك الذين يحاربون الاسلام من خلال إجماعها على سياسة واحدة. مؤكدة ان محاربة الارهاب قد تجاوزت حدودها، وأن على حلف شمال الأطلسي/ الناتو والاتحاد الأوروبي ان يقوما بتغيير سياستهما تجاه الدين الاسلامي والحوار الايجابي الذي يخلو من الحقد على الاسلام.
كما استنكر ذلك العديد من الشخصيات والمرجعيات الاسلامية والجمعيات والمنظمات غير الحكومية، ووجهت دعوات لمقاطعة المنتجات الدنماركية والنروجية وطرد سفراء هاتين الدولتين من دول العالم الاسلامي. فيما لم يسجل على النطاق الرسمي أي خطوة فعلية، باستثناء سوريا وليبيا اللتين استدعتا سفيريهما من الدنمارك احتجاجا، وإيران التي استدعت السفير النمساوي الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الأوروبي احتجاجا على مواصلة صحف أوروبية نشر ما يسيء إلى الرسول محمد (ص). كما اتصل رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية مجمود أحمدي نجاد بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وتشاور معه في كيفية مواجهة هذه الموجة الخبيثة، ورأى نجاد أنه في حال عدم اهتمام الأمة الاسلامية بهذا الموضوع فإن هذه المؤامرة ستتخذ في المستقبل مرحلة أكثر تطورا. بدوره أشار الملك عبد الله إلى القرارات التي اتخذتها الدول الاسلامية للتصدي للعناصر المسيئة لمكانة الرسول الأعظم (ص)، مؤكدا ضرورة التصدي بحزم في هذا المجال.
الانتقاد/ تحقيقات ـ العدد 1147 ـ 3 شباط/ فبراير 2006