ارشيف من : 2005-2008
بوش أمام المحكمة... قريباً!

هل يدخل الرئيس بوش إلى السجن ويقضي فيه خمس سنوات قبل أن يلاحق بتهم أخرى تجعله نزيلاً للسجن الأبدي؟ تساؤل يبدو شبيهاً بتساؤلات الخيال العلمي، مع انه ممكن كغيره من الكثير والكثير من المفاجآت التي طالما أخرجت الوعي البشري من حالات سباته العميق.
ممكن لأن مطلع كل شمس يثبت في سجل الرئيس بوش "جريمة" خارجية أو داخلية جديدة تحتل العناوين الأولى في وسائل الإعلام. الأيام العشرة الأخيرة وحدها حملت، بعد فضائح الكذب المتعلق بأسلحة الدمار الشامل وحرب العراق وهاليبورتون وغوانتانامو والسجون السرية، فضائح وجرائم متزايدة. منها الجريمة ـ الفضيحة التي تمثلت بقصف الطائرات "الذكية" الأميركية لمنطقة سكنية في باكستان بحجة الاشتباه بوجود قياديين من القاعدة، قبل أن يتبين أن عشرات الضحايا الذين سقطوا بنتيجة القصف هم من الأطفال والنساء وليس فيهم أي ناشط من ناشطي القاعدة. هدية غير مناسبة قدمها الرئيس بوش لحليفه الجنرال برويز مشرف.
ومنها اتهام جديد بالكذب وجهته إلى الرئيس بوش شخصية فنية محببة جداً إلى قلوب الأميركيين، ربما أكثر بكثير من مايكل مور منتج "فهرنهايت 11/9": إنه هاري بيلافونت الممثل والمغني الأسود البالغ من العمر 78 عاماً والمناضل القديم من أجل الحقوق المدنية للسود والمعروف بشراسته في معاداة سياسات بوش. بيلافونت هذا كان يتألق قبل أيام في المؤتمر السنوي للمنظمة الفنية العالمية آي بي إس، وأمام أنظار وفود قادمة من داخل أميركا وخارجها، حيث قوبل بالهتاف والتصفيق الحاد عندما وصف بوش بالـ"كذَّاب"، قبل أن يضيف: "إننا نعيش زمناً رديئاً يعيث فيه الغستابو الجديد فساداً، وتعاق فيه حريات المواطنين الأميركيين".
قبل أيام، على ذلك، كان بيلافونت في كاراكاس. وهناك، وعلى رؤوس الأشهاد من المعجبين بفنه، وصف الرئيس بوش بأنه "أكبر إرهابي في التاريخ"، وقوبل أيضاً بالهتاف والتصفيق الحاد، ما يعطي فكرة عن الحال التي وصلت إليها صورة بوش في الشارع الأميركي والعالمي.
وفي المناسبتين، ذكر بيلافونت بوصول بوش إلى الحكم بطريقة غير ديموقراطية، وكيف أنه خدع الأمة الأميركية عندما أرسل مئات الآلاف من الشباب الأميركيين والسود ليموتوا في العراق وأفغانستان. شهادات قيمة جداً ومربكة جداً للسجل العدلي للرئيس بوش.
ومنها ما يمكن تسميته بالكتاب ـ الصفعة التي تلقاها الرئيس بوش على غير انتظار. كتاب يحمل، تعريضاً بالعقيدة الأميركية حول الدول المارقة، عنوانه "الدولة المارقة..." والمقصود فيها هي الولايات التي تشكل القوة العالمية الكبرى الوحيدة. مؤلف الكتاب هو دال سكوت، الكاتب والأستاذ السابق في جامعة بيركلي. والكتاب كان يحتل الدرجة رقم 205000 على لائحة مبيعات أفضل الكتب التي يعدها موقع "آمازون كوم". وفجأة احتل الكتاب الدرجة رقم 27 على اللائحة نفسها. حتى حينه، كان عدد النسخ التي بيعت من الكتاب لا يزيد عن 150 ألف نسخة، ولا أحد يمكنه الآن أن يتصور حجم الإقبال على شراء الكتاب. ما الذي حدث وجعل هذا الكتاب يقفز إلى الواجهة، مع كتاب آخر للمؤلف نفسه بعنوان "الحروب الإجرامية" يدور حول التدخلات العسكرية الأميركية في العالم؟
كل ما في الأمر أن قناة "الجزيرة" نشرت شريطاً لبن لادن يحث فيه الأميركيين على قراءة "الدول المارقة". والكتاب قال عنه شهود من داخل البيت الأميركي بأنه يصحح الصورة التي ترسمها الإدارة الأميركية عن نفسها زاعمة بأنها قوة السلام الكبرى في العالم.
ومنها فضيحة بوش التي تصدرت الصحف وتعلقت بلقاءاته بـ"جاك آبراموف" أحد أبرز أركان اللوبي اليهودي في أميركا والملاحق بعدد لا بأس به من الجرائم الفيدرالية. والمشكلة ليست فقط في اللقاءات والصور الملتقطة لبوش وآبراموف في استقبالات جرت في البيت الأبيض لإحياء مناسبات وأعياد يهودية، ولا في كون آبراموف ملاحقاً بتهم جنائية اعترف بأكثرها، بل تحديداً، بالـ"كذب" الذي أصبح صفة ملازمة للرئيس بوش. فالرئيس بوش كان قد صرح بأنه لا يتذكر أنه قابل آبراموف!
ومنها أخيراً، لا آخراً، إطلاق دعوى تطلب إقالة الرئيس بوش ومحاكمته بسبب انتهاك الدستور الأميركي في قضية التنصت دون ترخيص من وزارة العدل.
ليس من الأكيد أن هذه المطالبة ستلقى حظاً كبيراً بالمتابعة من قبل الكونغرس، ولكن الأكيد أن 52 بالمئة من الأميركيين مع إقالته ومحاكمته، وفقاً لاستطلاع أجراه معهد "زغبي" الأميركي، فيما لو ثبتت عليه تهمة خرق الدستور.
والتهمة ثابتة لكن مدار البحث حالياً هو حول شرعية أو عدم شرعية خرق الدستور من قبل الرئيس بوش بغرض حماية الأمن القومي الأميركي. وثبوت التهمة هو سبب كاف لإنزال العقوبة، وما يجب أن يتبعها من عقوبات، اللهم إلا إذا تبين أن الديموقراطية ليست غير قناع لأبشع أشكال الديكتاتورية.
عقيل الشيخ حسين