ارشيف من : 2005-2008

النبي محمد (ص) يعيد إحياء أمة المليار..

النبي محمد (ص) يعيد إحياء أمة المليار..

ستوكهولم ـ يحيى أبو زكريا.‏

الإهانات الكبيرة وغير المقبولة التي وجهتها صحيفة دنماركية وتبعتها صحيفة نرويجية وصحف غربية أخرى للحبيب المصطفى (ص)، شكلّت منعطفا كبيرا وتحولا خطيرا في العالم الإسلامي.‏

وقد شعر المسلمون كل المسلمين بأنّهم أهينوا إلى النخاع في قدوتهم ورمزهم ونبيهم ورسولهم وحبيبهم ومنقذهم الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور.. ويمكن القول انهم هدّدوا في وجودهم وكيانهم الحضاري والعقائدي والروحي والثقافي والفكري, باعتبار أنّ الرسول (ص) الذي صاغ هذا الكيان بكل أبعاده، مثّل به في رسوم كاريكاتورية أفرغته من كل القيم السامية والمثل العليا والأفكار العملاقة التي جسدها هذا الرسول العملاق (ص).‏

وفي المقابل، فإنّ الصحيفة الدنماركية ثم النرويجية رسمت صورا لشخص قد يشبه كل المجرمين والمعتوهين إلاّ رسول الله (ص)، الذي حاولت هذه الصحف تقديمه للقارئ الغربي على أنّه قاتل، وهو الذي لم يقتل أحدا في كل غزواته.. وأنه إرهابي ومزواج للفتيات الصغيرات، وغير ذلك من الأحكام المسبقة المستقرة في شعور ولا شعور الغرب، سليل الحركة الاستعمارية التدميرية الصهيونية التي نهبت خيرات عالمنا العربي والإسلامي وعطلت مشروعه النهضوي والثقافي بسبب الاحتلال العسكري الغاشم الذي كانت بلادنا مسرحا له.‏

وكانت الصحيفتان الدنماركية والنرويجية اللتان عكستا أجواء الحقد على الإسلام السائدة في الغرب، تتصوران أنّ هذه الإهانة لرجل يسكن في ضمير وشعور ولا شعور مليار ونصف مليار مسلم, كانتا تتصوران أنّ هذه الإهانات ستمر بسلام, وقد تذرعتا بحرية التعبير السائدة في الغرب، التي تحرّم على أي مسلم أو غربي تناول موضوع الهولوكست والمحرقة اليهودية, بل تحرّم إهانة الشاذّين جنسيا.. ففي السويد سجن قسّ مسيحي سويدي شهرا كاملا لأنّه تحدثّ عن الشاذين جنسيا بالسوء.‏

ومن طنجة إلى جاكرتا تحركت أمة المليار، ملتزموها ومنحرفوها, المصلون وتاركو الصلاة, الصائمون والمفطرون, المجاهدون والقاعدون, العلماء والعوام, المثقفون وغير المثقفين, ولم يبق مسلم يمشي على ظهر الأرض إلاّ وتحركّ ضميره واستيقظ شعوره واهتزّت كرامته, وشعر بأنّه طُعن في عقيدته ودينه وشرفه ومروءته وتاريخه وحضارته وثقافته وجغرافيته.‏

فكان العنوان الأول لرد الفعل على إهانة الرسول الرمز، مقاطعة البضائع الدنماركية والنرويجية. وقد أصيب الاقتصاد الدنمراكي في صميمه ونخاعه بعد ثورة الشعوب الإسلامية ومقاطعتهم للبضائع الدنماركية في السعودية والكويت وقطر والإمارات وموريتانيا والجزائر والأردن وفي كل العالم العربي والإسلامي. وقد بدأ الرسميون الدنماركيون ينافقون ويبكون، بل إنّ المفوضية الأوروبية بدل أن تعتذر لمقام الرسول (ص)، راحت تهددّ دولا في العالم الإسلامي لأنّها شعرت بأنّها أصيبت في عمودها الفقري وهو الاقتصاد.‏

وقد كشفت حملات الانتصار لرسول الله (ص) أنّ أمة الإسلام هي الأقوى والأعظم والأقدر، وأنّ الآخر الغربي الذي يهين رسولنا (ص) هو الأضعف، فهو قويّ بأموالنا وسيولتنا وخيراتنا وإقبالنا على بضائعه.‏

وهذا الدرس الكبير يجب أن يعمّم على كل الكتل التي تحارب الإسلام والمسلمين، بدءا من أميركا والكيان الصهيوني وكل الإدارات الغربية التي تحتقر مشاعر المسلمين وتهزأ من أعظم نبيّ أُخرج للناس.‏

فالمقاطعة سلاح فتّاك لا يعيد الكرامة فحسب، بل يعيد الحيوية لأبقارنا ودواجننا ومزارعنا التي لا تقل جودة وعطاء عن الأبقار الدنماركية وغيرها. كما أنّ هذا السلاح يجب أن يتواصل، وخصوصا في ظل رفض الشعب الدنماركي أي اعتذار يقدّم للمسلمين.‏

ومن الدروس العملاقة المستقاة من إهانة الرسول في الدنمارك، أنّ المسلمين كل المسلمين ملتفون حول حبيبهم ورسولهم، وهذا عامل توحيد وقوة يشبه إلى حدّ كبير وحدة الأنصار والمهاجرين واجتماعهم حول رسولهم الكريم الذي علّمهم وعلّمنا أسمى القيم والمبادئ.‏

كما أنّ هذه الحيوية التي تجسدت في الجغرافيا الإسلامية من طنجة إلى جاكرتا, وهذا التوحد بين كل المذاهب والمدارس الإسلامية انتصارا للحبيب المصطفى، يجب أن تستثمر وترشّد في سبيل إعادة تفعيل كل القضايا الإسلامية المركزية الكبرى, بحيث لا نسمح مستقبلا بأن يهان أصل لنا أو فرع. وينسحب هذا على الاستعمار الأميركي والبريطاني والغربي لبلادنا الذي يجب طرده من بلادنا الإسلامية بسلاح المقاطعة وغيره من الأسلحة المشروعة.‏

ويبقى أنّ هذا الدين الذي يتولاه الله بالرعاية، ها هو يعود إلى الواجهة ليبقى الرسول محمد (ص) هو الأقوى قبل أربعة عشر قرنا وبعد مرورها، تطلّ علينا شخصيته مجددا لتبعث الحياة في أمة المليار، إيذانا بأنّ هذه الأمة على موعد مع النهضة المرتقبة.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1147 ـ 3 شباط/ فبراير 2006‏

2006-10-28