ارشيف من : 2005-2008

أميركا اللاتينية في ظل التطويع الأميركي القسري

أميركا اللاتينية في ظل التطويع الأميركي القسري

في أوائل القرن العشرين، وحتى الثلاثينات، كان "الحلم الأميركي" لا يميز ـ في أذهان الأوروبيين المحاصرين بالأزمات الاقتصادية والسياسية التي فجرت الحربين العالميتين ـ بين أميركا الشمالية والجنوبية. فالحقيقة أن شطري القارة كانا يتمتعان بمستوى متقارب من النهوض الإقتصادي. وبغض النظر عن الأسباب التي كانت وراء تطلع الولايات المتحدة نحو العالم القديم، وتحولها إلى لاعب أساسي ثم شبه أوحد على المسرح الدولي، يطرح التساؤل حول الظروف التي نقلت أميركا الجنوبية أو، بشكل أكثر تحديداً، أميركا اللاتينية الممتدة من حدود المكسيك المحاذية للولايات المتحدة إلى أرض النار في أقصى الطرف الجنوبي من القارة، من حالة الازدهار الأولى إلى أوضاع البؤس والتردي التي تعيشها حالياً مع مشكلاتها المشابهة لمشكلات سائر بلدان العالم الثالث.‏

الإجابات الأولى تركز على الواقع المتمثل باستلام السلطة، في أغلب بلدان القارة من قبل القادة العسكريين الذين خاضوا، خلال القرن التاسع عشر، حروب الاستقلال عن الاستعمار الإسباني، والذين أفرزوا، بعد انهيار مشروع سيمون بوليفار لتوحيد القارة، كيانات مجزأة تمت إدارتها في الغالب من قبل جنرالات تحولوا إلى ديكتاتوريين لا هم لهم غير التمسك بالسلطة وتعزيز نفوذهم وثرواتهم الشخصية بالأساليب التقليدية القائمة على النهب المدعوم بالقمع. ولعل الوقائع الاقتصادية التي رسمت التاريخ الحالي لأميركا اللاتينية هي تلك التي بدأت في الخمسينات من خلال تحالف السلطات العسكرية مع الشركات الأميركية الشمالية التي عملت على إرساء النمط التخصصي في إنتاج المواد والسلع الصالحة للتصدير، وربطت اقتصاد كل بلد بمنتج واحد (البن في البرازيل، السكر في كوبا، الكوكا في بلاد الأنديز، الموز في أميركا الوسطى، النحاس في الشيلي، النفط في فنزويلا...). وفي ظل هذه الظروف تحول حكام بلدان أميركا اللاتينية إلى مديري أعمال وسماسرة في خدمة الشركات الأميركية التي حولت القارة الجنوبية إلى حديقة خلفية، في حين فقد السكان علاقتهم بإنتاج المواد المعيشية الأساسية، وتحول المحظوظون منهم إلى مجرد أجراء في مزارع كبار الملاكين، وإلى مستهلكين للمنتجات المتنوعة القادمة من الشمال. وقد ترافق ذلك، وفي ظل الأزمات الاقتصادية التي نشأت عن الفساد والاحتكار، مع الانفتاح أمام برامج "التنمية" المصممة في الصندوق والبنك الدوليين وأدى، خلال سنوات قليلة، إلى إغراق جميع بلدان القارة في مديونيات ضخمة تستنفد القسم الأكبر من موازنات هذه البلدان التي غرقت شعوبها في مهاوي البطالة والفقر.‏

وبالمناسبة، تعد أميركا اللاتينية حالياً 225 مليوناً من الفقراء الذين يشكلون 43،9 بالمئة من إجمالي عدد السكان. وبالمناسبة أيضاً، يروي الرئيس البوليفي الحالي، أيفو موراليس، كيف انه كان يركض مع أترابه من الأطفال خلف الحافلات طمعاً بالحصول على قشرة موز أو برتقال لسد الرمق...‏

وبالطبع، لم يكن لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أن يستمر على هذه الصورة إلا بفضل القمع الشديد من قبل الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة بمساعدة الأميركيين الذين كانوا يتدخلون عسكرياً وبأشكال مباشرة وغير مباشرة، لضرب الانتفاضات الشعبية. وإذا كان الأميركيون قد فشلوا في قلب النظام الكوبي من خلال التدخل العسكري في خليج الخنازير، فإن تاريخ أميركا في القرن العشرين حافل بالاحتلالات التي نفذها الأميركيون في الدومينيكان وهايتي ونيكاراغوا وباناما وغيرها. وقد تمكنوا، في أواخر الستينات، بالتعاون مع السلطات المحلية، من ضرب معظم حركات حرب العصابات المدينية والتوباماروس التي كانت تتحرك على النموذج الكوبي في معظم بلدان القارة. وفي هذا الإطار تم ضرب التحرك الذي قاده أرنستو غيفارا في أدغال بوليفيا. وإذا كان الأميركيون قد نجحوا في تنحية نظام دانيال أورتيغا اليساري في نيكاراغوا عام 1990، فإن أبرز محطات الهيمنة الشمالية تمثلت، عام 73، بضرب نظام اليساري سلفادور اليندي الذي كان قد وصل إلى الحكم في الشيلي عن طريق الانتخابات، وذلك من خلال دعمهم العسكري المباشر لانقلاب عسكري قاده الجنرال بينوشيه الذي يخضع حالياً للملاحقة القضائية بعد أن أخضع الشيلي للحكم البوليسي المباشر، وأثر سلباً في تاريخ أميركا اللاتينية لأكثر من عشرين عاماً. ولإلقاء الضوء على مظهر آخر من مظاهر التدخلات الأميركية في شؤون نصف القارة الجنوبي، تكفي الإشارة إلى عملية "كوندور الشهيرة" التي قادها، ابتداءً من العام 73، ثمانية من كبار خبراء المخابرات المركزية الأميركية انطلاقاً من الشيلي، واشتملت على ما سمي بـ"قافلة الموت" التي نفذت عمليات إرهابية وأعمال قتل واختطاف وتعذيب وإتلاف أدمغة طالت عشرات الألوف من المعارضين في الشيلي والأرجنتين وبوليفيا والبرازيل والأوروغواي والباراغواي وغيرها. إلى جانب ذلك، وبالنظر إلى الثقل السياسي الذي يمثله السكان الأصليون، استمرت ضدهم حرب الإبادة العرقية التي أخذت في الآونة الأخيرة شكل التعقيم القسري لمنعهم من الإنجاب. ومع بداية التسعينات كانت الولايات المتحدة قد نجحت في ربط جميع الأنظمة الحاكمة في أميركا اللاتينية (ما عدا كوبا) باستراتيجيتها السياسية، وتحول همها الأساسي نحو تحقيق المزيد من الهيمنة الاقتصادية عبر إنشاء منطقة التجارة الحرة بين الأميركتين. ولعل أفضل تعريف بهذه المنظمة هو ما نطق به وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول عندما لخص أهدافها بـ"ضمان سيطرة المنشأة الأميركية على المنطقة الممتدة من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، عبر إدخال البضائع إليها دون أية عوائق". ويعتقد المراقبون بأن الرئيس بوش كان يراهن على توقيع هذه الاتفاقية الذي كان من المفترض أن يتم في بداية العام الحالي، من أجل التغطية على هزائمه في الحرب على الإرهاب، وضخ دم جديد في مواقع حكمه المترنحة على أكثر من صعيد خارجي وداخلي. لكن رياح الجنوب التي نسفت الاتفاقية جاءت أشد قسوة على سياسات بوش من أعاصير خليج المكسيك، وربما أيضاً من ضربات المقاومة العراقية وغيرها من الضربات السياسية المتزايدة في أكثر من مكان.‏

ـــــــــــــــــــــــــ‏

هيغو شافيز: مشاريع طموحة‏

جميع المؤشرات تؤكد أن المواجهة المحتدمة بين الولايات المتحدة والنظم اليسارية الصاعدة في أميركا اللاتينية لم تعد مجرد تعبير عن حركة شعوب تسعى لوقف هيمنة "اليانكي" على مقدراتها والتحكم بمصيرها. فالنظر في التطورات الجارية يسمح باستشراف وضع يمكن لأميركا اللاتينية أن تطرح نفسها فيه كقطبية منافسة لقطبية الولايات المتحدة على المستوى العالمي. تبدو معالم ذلك واضحة في نموذج العولمة ذات الصفة الإنسانية التي أطلقها المنتدى الاجتماعي الدولي من بورتو آليغري، وفي التقارب مع إفريقيا الجنوبية والهند في موضوع إصلاح الأمم المتحدة. كما تبدو في تصدير النفط الفنزويلي بأسعار مخفضة لفقراء الولايات المتحدة، وفي التقارب الذي جسدته القمة العربية ـ الأميركية اللاتينية التي انعقدت في أيار/مايو الماضي، وفي الدور الذي لعبته البرازيل في تنظيم مجموعة العشرين، وإرباك منظمة التجارة العالمية، إحدى أهم أدوات الليبرالية المتوحشة، التي يبدو أنها قد أصيبت بشلل حقيقي منذ ثلاث سنوات. كما كانت الأرجنتين أول دولة في العالم تعلق تسديد الديون الخاصة لصندوق النقد الدولي، وتجبر الدائنين على خفض نسبة 65،6% من هذه المديونية. وبالإضافة إلى ذلك تسببت صفقة السلاح بين فنزويلا وإسبانيا بتعكير العلاقات بين هذه الأخيرة والولايات المتحدة، وفي دق إسفين جديد بين ضفتي الأطلسي اللاتينية والانجلوسكسونية.‏

وإذا كان هيغو شافيز جاداً في أمر التسلح، فلأن المواجهة مع الولايات المتحدة تشكل مآلاً ممكناً لتطور الأحداث. ولما كانت المواجهة تطلب شروطاً أكثر أولوية من التحرك على المستوى الدولي أو التزود بالسلاح، فإن أميركا اللاتينية تبدو واضحة الاهتمام بترتيب بيتها الداخلي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية بالدرجة الأولى. فقد دعا نسطور كيرشنر في العاشر من آذار/ مارس الماضي إلى مقاطعة شركتي إسو وشيل بعد أن رفعتا أسعار المحروقات بنسبة 3 بالمئة. ومن جهتها، قامت فنزويلا التي تستورد بقيمة نفطها المباع إلى الولايات المتحدة والبالغة خمسة مليارات دولار، بتحويل ربع هذا المبلغ نحو الاستيراد من الأرجنتين والبرازيل. كما انطلقت مبادرات عديدة لإغلاق مطاعم ماكدونالز ومعامل شركة باكتل للمياه التي كانت قد أخضعت للخصخصة بتوجيهات صندوق النقد الدولي ولمعارضة إلغاء القيود الجمركية التي تطالب بها منظمة التجارة العالمية والولايات المتحدة بهدف تأمين الحماية لمنتجات أميركا اللاتينية. غير أن أهم الانجازات تمثل بطرح هيغو شافيز لفكرة البديل البوليفاري عن المنطقة الحرة (آلكا). وهذا البديل يتمثل بإطلاق المنطقة الحرة لبلدان أميركا اللاتينية (آلبا) التي تحدث عنها شافيز للمرة الأولى عام 2001 في القمة الثالثة لمجموعة الكاريبي (كاريكوم). ثم ذكرت بشكل رسمي في اللقاء الرابع لنصف القارة المناهض لـ"آلكا" في هافانا في نيسان/ أبريل 2005. وشهد هذا اللقاء ولادة "آلبا" عملياً حيث قام شافيز وكاسترو بتوقيع 49 اتفاقاً للتعاون في مجالات عديدة منها "مقايضة" كميات من النفط الفنزويلي بـ15 ألف طبيب كوبي. ومن ثم وقعت فنزويلا 26 اتفاقاً مع البرازيل اشتملت على تبادل النفط الفنزويلي بأسلحة برازيلية. كما وقعت اتفاقيات مماثلة بين فنزويلا من جهة وكل من الأرجنتين وأوروغواي، من جهة ثانية. وفي الوقت نفسه، تم إنشاء شركة نفط عامة باسم "بتروسور" بهدف توحيد المنشآت النفطية العامة في الأرجنتين وبوليفيا والاكوادور وفنزويلا لسد النقص في البلدان الأخرى في مجال الطاقة، كما جرى الاتفاق على مكافحة البطالة والفقر عبر تشجيع التعاونيات الإنتاجية وإطلاق المنشآت الصغيرة والمتوسطة.‏

ومن جهة أخرى، تبدي فنزويلا شافيز اهتماماً خاصاً بالإعلام. وقد برز هذا الاهتمام في إطلاق قناة تلفزيونية قارية باسم "تيليسور" بعد أن قام شافيز بطرح الفكرة خلال القمة الثانية عشرة لزعماء مجموعة الـ15 في كاراكاس، في شباط/ فبراير 2004. وقال شافيز في تلك المناسبة: "نحن ضحايا الاحتكار الإعلامي الشمالي الذي يبث في بلداننا أنباءً وقيماً ونماذج للاستهلاك البعيد عن واقعنا، والذي يستخدم كوسيلة للسيطرة علينا". وقد بدأت القناة ببث النشرات الإخبارية في حزيران/ يونيو 2005، وتمكنت بعد ثلاثة أشهر من البدء ببث برنامج كامل. وأسهمت الأرجنتين بـ20 بالمئة من رأسمال الشركة، وكوبا بـ19 بالمئة، وأوروغواي بـ10 بالمئة، في حين أسهمت فنزويلا بـ51 بالمئة قبل أن تبدأ بالتفاوض مع البرازيل لتمليكها 20 بالمئة من أسهمها. وتركز القناة المذكورة التي تبث من العاصمة الفنزويلية كاراكاس على "اللاتينوس" الذين يشكلون نسبة هامة من سكان الولايات المتحدة، الأمر الذي حفز صمويل هنتنغتون، صاحب "صراع الحضارات" على أن يكتب عام 2004 في مجلة "السياسة الخارجية" (فوراين بوليسي) بأن "وجود اللاتينوس يشكل خطراً على ثقافة الولايات المتحدة وعلى وحدتها السياسية". ودون الالتفات إلى الطابع التحريضي لكلام هنتنغتون، يمكن القول بأنه قد يكون محقاً لأن 300 مليون إنسان أميركي لاتيني من أصل 365 مليوناً باتوا يعيشون في ظل أنظمة مناهضة للسياسة الأميركية، ولأن كثيراً من هؤلاء لا يعترفون بالحدود المصطنعة، ويعتبرون أن هيغو شافيز، بسياساته الجذرية، هو الزعيم المستقبلي الأوحد لأميركا اللاتينية.‏

ـــــــــــــــــــــــ‏

أميركا اللاتينية: حديقة خلفية أم كابوس جديد؟‏

في تعليق ساخر على حالة بعض الرؤساء الذين ما زالوا يحكمون بلداناً في أميركا اللاتينية لا بالاعتماد على شعوبهم، بل على القمع والعنف المدعومين من قبل الولايات المتحدة، كتب موريس لوموان في صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية، بأن حكاية ستولد في بداية هذا القرن الواحد والعشرين عن الرؤساء الذين يطلبون، على سبيل الحيطة، مكتباً في القصر الرئاسي مع ممر مباشر يفضي إلى طائرة هليوكبتر جاهزة للإقلاع، لكي يتمكنوا من الهرب قبل أن تقع عليهم أيدي شعوبهم! وقد استند الكاتب في فكرته هذه إلى عمليات الفرار التي نفذها، على هذه الصورة، كل من الرئيس الأرجنتيني فرناندو دولاريا عام 2001، والرئيس البوليفي غونزالو سانشيز دو لوزادا عام 2003، والرئيس الإكوادوري لوتشيو غوتييريس عام 2005، والذي كان في وقت سابق قد وصف نفسه بأنه "أفضل صديق للرئيس بوش".‏

وإذا كان اليسار الإكوادوري قد ظل بعيداً عن السلطة بعد فرار غوتييريس، فإن ذلك لم يغير شيئاً في الأمر الواقع المتمثل بالتساقط السريع، واحداً تلو الآخر، لحكام أميركا اللاتينية الذين ارتضوا لبلدانهم أن تكون مجرد حديقة خلفية للبيت الأبيض. فقد تمكنت أحزاب اليسار من الوصول إلى السلطة عن طريق الانتخابات في أكثر من عشرة من بلدان نصف القارة الجنوبي خلال السنوات القليلة الماضية. فمن هيغو شافيز في فنزويلا إلى أيفو ماراليس في بوليفيا وميشيل باشيليه في الشيلي، وقبلهم تاباري فازكيز في أوروغواي ولويس دا سيلفا في البرازيل ونسطور كيرشنر في الأرجنتين، بات من الأكيد أن الرئيس الكوبي، فيديل كاسترو، لم يعد وحيداً في المواجهة مع الولايات المتحدة، وأن أميركا اللاتينية صار بإمكانها أن تستشرف فعلاً إمكانية إحياء الحلم القديم بالوحدة والتحرر الذي أخفق في تحقيقه سيمون بوليفار في العقد الثاني من القرن الماضي، والذي قتل في سبيل تحقيقه، قبل ثلاثة عقود من الزمن أمثال الأرجنتيني شي غيفارا في بوليفيا وسلفادور آليندي في الشيلي. ويعتقد المراقبون أن الانتخابات الرئاسية التي ستجري خلال العام الحالي، 2006، في عشرة من بلدان أميركا الجنوبية والوسطى ستشهد المزيد من صعود أحزاب اليسار. ففي الإكوادور يحتل اليسار موقعاً متقدماً على قائمة الترجيحات. وفي البيرو، أصبح فوز اليساري أولانتا هومالا في حكم المتحقق بعد عام من تصاعد الاضطرابات والصدامات المسلحة بين المتظاهرين وقوى الأمن، حيث جاء حكم اليميني آليخاندرو توليدو أشد سوءاً من حكم سلفه آلبيرتو فوجيمورو وحيث يدور النقاش بين أركان النظام حول ما إذا كان من الممكن بقاء توليدو في السلطة حتى نهاية العام الحالي. ويتمتع أوسكار آرياس بحظوظ في الوصول إلى السلطة في كوستاريكا. والوضع مشابه في نيكاراغوا حيث بات دانييل أورتيغا والساندينيون يسيطرون على أكثرية المقاعد في المجلس النيابي، إضافة إلى أكثرية البلديات. وكان أورتيغا قد أبعد عن السلطة عام 1990 في انتخابات مزورة وبضغط من عصابات الكونترا الممولة والمدربة من قبل الأميركيين. كما يبدو أن الشعبية الواسعة التي يتمتع بها عمدة مكسيكو اليساري آندريس مانويل أوبرادور تؤهله للفوز برئاسة المكسيك، أكثر بلدان أميركا اللاتينية قرباً من الولايات المتحدة على المستويين السياسي والجغرافي، وهو الأمر الذي سيكون، نظراً للوزن السياسي والاقتصادي والديموغرافي الذي تتمتع به المكسيك، إضافة إلى تداخل علاقاتها مع الولايات المتحدة، بمثابة ضربة قاسية جداً لواشنطن. ضربة لا تقل قسوة قد تأتي أيضاً من كولومبيا، أهم المعاقل الأميركية في جنوب القارة حيث يطمح اليسار إلى الحصول على الموقع الثاني في الحكم تمهيداً للقفز إلى الموقع الأول في بلد منهك بأربعة عقود من الحرب الأهلية. كما أن الفساد وعدم الاستقرار الدائم في هايتي والإكوادور وغيرهما من بلدان أميركا الوسطى ينذر باستحالة تأخير التغيير، وهو الأمر الذي عبر عنه الجنرال بانتز كرادوك، القائد الأميركي للقوات المتمركزة في قواعد في جنوب القارة بقوله إن عدم الثقة بالمؤسسات يؤدي إلى ظهور من أسماهم بالديماغوجيين المعادين لواشنطن ولسياسات العولمة وليبرالية السوق.‏

2006-10-28