ارشيف من : 2005-2008

حول خلفيات وأسباب جريمة سامراء:مواطنون وباحثون عراقيون: قوات الاحتلال المسؤول الأكبر

حول خلفيات وأسباب جريمة سامراء:مواطنون وباحثون عراقيون: قوات الاحتلال المسؤول الأكبر

بغداد ـ "الانتقاد"‏

أكد مواطنون عراقيون من شرائح وفئات اجتماعية متنوعة، ومستويات ثقافية واكاديمية مختلفة، أن قوات الاحتلال تتحمل بصورة مباشرة أو غير مباشرة جزءاً غير قليل من مسؤولية ما حصل مؤخرا في مدينة سامراء من جريمة استهدفت مرقد الامامين العسكريين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام، وكذلك تتحمل قدرا من المسؤولية ازاء ما يشهده الشارع العراقي في بغداد ومدن عديدة اخرى من عمليات ارهابية تحصد يوميا عشرات المدنيين الابرياء من الشباب والشيوخ والنساء والاطفال بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية وتوجهاتهم السياسية.‏

واعتبر عدد من الموطنين الذين استطلعت "الانتقاد" آراءهم حول هذا الموضوع انه بما ان البلد خاضع من الناحية الواقعية للاحتلال فإن المحتل يقع على عاتقه حفظ الامن وصيانة ارواح وممتلكات الناس، ورأى هؤلاء ان الحل الامثل والانجع لكل ذلك الذي يشهده الشارع العراقي من قتل وتدمير وتخريب هو زوال الاحتلال وتصدي العراقيين ـ جميع العراقيين ـ لادارة شؤونهم بأنفسهم بصورة حقيقية وواقعية لا نظرية على الورق فحسب.‏

طالب الدراسات العليا في الفلسفة سمير احمد الزبيدي يقول: صحيح ان اصابع الاتهام توجه دائما الى جماعات بقايا النظام السابق من البعثيين ومعهم التكفيريون، وبالفعل فإن هاتين الفئتين هما اكثر من يستفيد من تأزيم الاوضاع في العراق، لكن هذا لا ينفي ان الاميركيين وحلفاء لهم ينتفعون من ابقاء الامور مرتبكة وقلقة ومضطربة، لان ذلك ببساطة يخلق لهم المزيد من المبررات لوجودهم مدة اطول، ناهيك عن جعل بعض القوى والتيارات السياسية تضطر في خضم البحث عن مخارج وحلول عملية للجوء إليهم والاتكاء عليهم.‏

أما الدكتور علي عبد الواحد المتخصص في النظم السياسية والدستورية فيذهب الى ان ما حصل في مدينة سامراء مؤخرا وكل ما حصل قبله وما حصل وسيحصل بعده هو في واقع الأمر نتاج السياسات والأساليب الخاطئة لقوات الاحتلال، وان لم يكن ذلك سببا أو عاملا مباشرا، فإنه بلا شك يمثل عاملا غير مباشر مهد السبيل وشجع جماعات لها "أجنداتها" الخاصة التي تتقاطع تماما مع "أجندات" العراقيين كقوى سياسية ومكونات اجتماعية ودينية متنوعة.‏

ويضيف الدكتور عبد الواحد قائلا ان جريمة سامراء لا تخرج عن سياق مخطط متعدد الاتجاهات والأهداف والأطراف، وهي ربما تمثل تحولا نوعيا في طبيعة الاستهداف الخطير للعراق والعراقيين.‏

إلى ذلك يتساءل رجل الدين السني الشيخ عبد الرحمن احمد عبد الكريم، لماذا انسحبت القوات الأميركية من مدينة سامراء قبل أيام قلائل من حصول جريمة التفجير؟.. وهل اخذ يتحدث السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زاد في الآونة الأخيرة عن مخاطر الطائفية، ويخوف بشكل غير مباشر السنة من الشيعة وكأنه يصب الزيت على النار بصورة عفوية بعيداً عن أي حسابات سياسية ونيات مبيتة.‏

ويجيب الشيخ عبد الرحمن عن تساؤلاته بنفسه بالقول مهما حاولنا لا يمكننا أن نتعاطى على أساس مبدأ حسن النية مع ما تقوم به الولايات المتحدة في العراق، ويجب علينا كعراقيين سنة وشيعة وعربا وأكرادا وتركمانا وآشوريين أن نجلس مع بعضنا البعض ونبحث عن حلول لمشاكلنا وأزماتنا من دون الاستنجاد بواشنطن أو غيرها، لأن ذلك يدخلنا في متاهات مظلمة ويزيد من خلافاتنا واختلافاتنا.‏

ويعتبر الباحث في شؤون القانون الدولي عبد المطلب سلمان انه من غير المعقول أن يشهد بلد خاضع لاحتلال أجنبي كل تلك المآسي ولا يتحمل الطرف المحتل المسؤولية، ويلقي بها على أطراف أخرى، فوفقا للمواثيق الدولية، كاتفاقية لاهاي 1907 واتفاقية جنيف 1949 فإن القوة المحتلة تتحمل مسؤولية توفير الأمن لرعايا الدولة الخاضعة لها، الى جانب تأمين كل الاحتياجات والمتطلبات الحياتية، والعراق في واقع الأمر ما زال خاضعا للاحتلال الأميركي، وان انتقلت السلطة ـ أو السيادة ـ إلى العراقيين في الثلاثين من شهر حزيران/ يونيو 2004، وتبعات كل ما يحصل فيه يتحملها في نهاية المطاف الطرف المحتل.‏

وترى الناشطة في مجال حقوق المرأة والدفاع عن الحريات العامة منتهى الحسيني ان البصمات الاميركية في ما يجري من عمليات إرهابية متواصلة تحصد أرواح الكثير من العراقيين الابرياء يوميا ليست غامضة الى حد كبير، وبات معظم الناس في الشارع العراقي يتحدثون عن دور ما لقوات الاحتلال.‏

وتضيف الحسيني قائلة إن القوات الأميركية دخلت قبل أسابيع في مفاوضات مع عدة جماعات وتنظيمات مسلحة اعترفت مرات عديدة بمسؤوليتها عن عمليات إرهابية من تفجيرات واغتيالات وتصفيات جسدية، في مسعى لاحتوائها وإشراكها في العملية السياسية.. ماذا يعني هذا؟ تتساءل السيدة منتهى الحسيني، انه لا يعني سوى الاستخفاف بأرواح ودماء العراقيين الأبرياء.‏

اما الكاتب الصحفي صلاح الدين مصطفى فيؤكد أن الأخطاء المتلاحقة التي رافقت مرحلة ما بعد الإطاحة بنظام صدام من قبل الولايات المتحدة الأميركية، سواء كانت تلك الأخطاء مقصودة أو غير مقصودة هي التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من سوء، بدل ان تتحسن وتنفرج المشاكل والأزمات بعد ثلاثة عقود ونصف عانى خلالها العراقيون في ظل نظام حزب البعث ما لم يعانه أي شعب آخر، وجريمة سامراء لا تعدو كونها واحدة من نتائج ومعطيات تلك الأخطاء.‏

الانتقاد/ تحقيقات ـ العدد1151 ـ 03/03/2006‏

2006-10-28