ارشيف من : 2005-2008
شر الأعمال...

على صهوة جواد الديمقراطية حضر راعي البقر الأميركي (جورج بوش) إلى مراعي الشرق الأوسط لتربية وتنمية "الأصول الديمقراطية" في ربوعها موطّناً النفس على حصاد وفير وإنتاج كبير.
ومع أن لكل جواد كبوة، لكن كثرة الكبوات التي وقع بها الحصان الأميركي والتي أثارت الشكوك بين بني جنسه، فضحت الراعي الأميركي وعرّته تقريباً من جميع الأقنعة التي حاول التخفي وراءها، فدخل في حال لا يحسد عليها، وبدأ يقول الشيء ويمارس نقيضه علناً من دون سواتر، فضاع وضيّع من ركب ركبه.
والأمثلة على الكبوات كثيرة، يمكن أن نذكر ما حصل ويحصل في فلسطين المحتلة، فكلنا يعلم ما جرى مع رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات باسم الديمقراطية، حين حاصره الأميركيون والصهاينة وأجبروه بعد عناد طويل على توزيع الصلاحيات التي كانت بحوزة الرئاسة على مناصب استحدثوها له كرئاسة الوزراء، وعلى مؤسسات السلطة الأخرى كالمجلس التشريعي، وكان لهم ما أرادوا.
ثم دارت الأيام ومات الرئيس ـ أو قتل ـ وجاء أبو مازن وجاء موعد الانتخابات التشريعية، فأراد تأجيلها أو إلغاءها لعلمه بالنتيجة، وقد حاول شارون نفسه المساعدة عبر منع هذه الانتخابات للسبب نفسه، لكن ذلك لم يرُق رجل "الكاوبوي" فضغط على الإثنين معاً، وجرت الانتخابات في موعدها المؤجل أصلا، وإذا بحماس تسيطر على المجلس التشريعي لينزل الخبر نزول الصاعقة على رؤوسهم بعدما كبا حصانهم كبوة ما زال حتى اللحظة يحاول الخروج منها.
وقعوا في شر أعمالهم.. نعم، لكن المشكلة هي أنهم جاؤوا إلينا وفي حساباتهم أن الأرض بور بإمكانها احتضان ما فسد من بذورهم، أما الحقيقة التي لا يريد تكبرهم الاعتراف بها هي أن الأرض ليست بوراً، وهي منبع الحضارات وليست منبتاً لبذور الفساد، وهي مهد الديانات السماوية السمحاء.
محمد يونس
الانتقاد/ باختصار ـ العدد1150 ـ 24 شباط/فبراير2006