ارشيف من : 2005-2008
الصبر!!

غريب أمر بعض حكام الأنظمة في منطقتنا، وغريبة هي قدرتهم على التحمل والصبر في مواضع لا يقدر عاقل على تحملهما فيها، والأغرب من ذلك كله هو أن تلك القدرة لا تتفتق أريحيتها إلا أمام نظرائهم من قياصرة العالم، والمقصود هنا قيصر واحد هو جورج بوش.
المسرح كان في أعقاب لقاء القمة الذي جمع بوش والرئيس الباكستاني برويز مشرف في إسلام أباد، حيث بدأ المشهد بالترحيب الحار الذي أبداه مشرف إلى درجة ظهر كمن يقدم فروض الطاعة والولاء مع كثير من القلق والخوف مما يجري بين الهند وواشنطن من اتفاقات تعاون نووي، ومن انعكاسات حرب بوش الإرهابية على بلاده وعلى مصيره ومصير حكمه.
تنتقل الكاميرا إلى السيد بوش فإذا به في موقع مغاير لكل ما أثاره مضيفه، يبدأ الحديث فتظهر علامات الإصغاء الشديد على محيّا مشرف مع العلم أن بوش لم يبادله هذا القدر من الإصغاء.. ينتهي بوش من الشكليات واللياقات.. يدخل الجد فيعترف بأنه متلهف جدا للذهاب إلى لعب الكريكيت لأنه يحب هذه اللعبة كثيراً!!!
عندها يعرف كل الحاضرين لماذا جاء بوش إلى هنا... لقد جاء ليلعب الكريكيت ونقطة على السطر.
ألم يبدِ مشرف قدرا هائلا من كظم الغيظ وإبداء الصبر بدرجات عالية تفوق بعلوّها برجي نيويورك ربما، نعم حضر بوش وفي جيبه الاتفاق النووي مع الهند العدو اللدود لباكستان، والدولة التي لا تعير اهتماما للقوانين الدولية التي تنظم النشاط النووي ليخبر صديقه مشرف مدى ولعه بتلك الرياضة التي تشتهر بها بلاده.
لم نعرف ما إذا فوجئ مشرف بهذه الحقيقة، ولكن المتابعين وضعوا نصب أعينهم تلك القدرة على الصبر إلى أن بدأوا يتساءلون هل هو صبر.. أم شيء آخر!
محمد يونس
الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1152 ـ 10 آذار/مارس 2006