ارشيف من : 2005-2008
الأكراد في تركيا... لماذا الآن؟

شهدت الأيام القليلة الماضية سقوط أكثر من عشرة قتلى وعشرات الجرحى في المواجهات الدامية بين قوى الأمن التركية والمتظاهرين الأكراد، وهي المواجهات التي بدأت في ديار بكر وانتقلت إلى مدن أخرى في جنوب شرق الأناضول، قبل أن تصل إلى اسطنبول نفسها. وقد جاءت هذه المواجهات دون سبب مباشر لتندرج في سياق المطلب الإنقسامي الذي تطرحه بعض الجهات الكردية الممثلة خصوصاً بحزب العمال الكردستاني ذي الميول اليسارية.
ويبدو، برغم الخطوات العملية التي قامت بها حكومة العدالة والتنمية في مجال الاعتراف بالحقوق الثقافية والتنموية للأكراد، بدوافع أصيلة أو بدافع إرضاء الإتحاد الأوروبي، أن الحزب المذكور قد فضل دفع الأمور نحو طريق اللا عودة عندما دعا إلى مواصلة المطالبة بحقوق الأكراد في وقت تنادي فيه أحزاب كردية أخرى بوقف العنف، وتطالب الحكومة التركية بالمزيد من احترام الحقوق الكردية.
والجدير بالذكر أن الحزب المذكور قد ألغى من جانب واحد، في العام 2004، هدنة كانت مطبقة منذ خمس سنوات مع حكومة تركية كانت أكثر ارتباطاً بسياسات الهيمنة الغربية. ومع حوادث العنف الأخيرة يبرز شبح العودة إلى الوضع الذي كان قائما منذ العام 1984 والذي شهد مقتل 37 ألف شخص وتهجير مئات الألوف في المواجهات بين القوات التركية والمتمردين الأكراد.
واللافت في المواجهات الأخيرة أن بعض وسائل الإعلام الغربية تقوم بالتحريض ضد تركيا، برغم مواقفها المعروفة كعضو في الحلف الأطلسي، وكبلد يقيم علاقات جيدة مع "إسرائيل". واللافت أيضاً أن سكان بعض الأحياء في مدينة اسطنبول قد خرجوا يحملون العصي والسكاكين وضربوا عدداً من الأكراد ضرباً مبرحاً، الأمر الذي يثير مخاوف حقيقية من تدهور إضافي في الأوضاع.
والسؤال هو لماذا هذا التصعيد في وقت تبدو فيه تركيا أكثر تفهماً لقضية الأكراد، وفي وقت قد يكون فيه حزب العمال الكردستاني مدعواً أكثر من أي وقت مضى، لتجنيب الأكراد وتركيا مغبة الانجرار نحو معمعان الفوضى البناءة التي يسعى الأميركيون إلى فرضها على المنطقة.
ع ـ ح
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1156 ـ 7 نيسان/أبريل 2006