ارشيف من : 2005-2008

مناورات الرسول الأعظم (ص) البحرية: استعدادات لكل الاحتمالات

مناورات الرسول الأعظم (ص) البحرية: استعدادات لكل الاحتمالات

رسمت المناورات البحرية الإيرانية التي حملت اسم "الرسول الأعظم" (ص) ـ تيمناً بالاسم المبارك للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله ـ معالم التطورات المقبلة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخصوصاً على ملفها السلمي للبحوث النووية.‏‏

فالتجارب التي أجريت على عدد من الأعتدة العسكرية المتقدمة التي أُنجزت بالكامل بتصميم وتصنيع إيراني، شكلت رسالة لمن يعنيهم الامر بأن الجمهورية الإسلامية لا تبحث نووياً عما تستطيع إنجازه بأشكال اخرى.‏‏

وقد احتلت أخبار المناورات حيزا مهما من الرصد الإعلامي العالمي لما تحويه من أسلحة جديدة، شكلت بمعظمها نقلة نوعية نحو تعزيز الترسانة العسكرية الإيرانية.‏‏

ماذا حملت المناورات؟‏‏

سياسة الاعتماد على النفس وتطوير القدرات في كل النواحي كانت من أبرز وصايا مفجر الثورة الإسلامية الإمام روح الله الموسوي الخميني (قده)، الذي عمل منذ اللحظات الأولى للانتصار على ترسيخ هذا المفهوم. وقد خطت الجمهورية الإسلامية خطوات متقدمة جداً على كل الصعد، فمع تحقيق الاكتفاء الزراعي والاستغناء عن الاعتماد كلياً على النفط كمصدر لدعم الميزانية، عملت لتطوير قدرتها النووية للطاقة السلمية من اجل الوصول الى مصدر طاقة جديد يؤمن لها اكتفاءً على هذا الصعيد. وفي موازاة ذلك راحت القوات العسكرية تعمل على تطوير معداتها العسكرية.. فالحصار الذي فرض على الجمهورية الإسلامية منعها من الحصول على قطع غيار للطائرات يومها، فكان قرار الإمام الخميني (قده) التوجه نحو الطاقات الإيرانية والاستفادة منها في هذا المجال، فبرزت الصناعة العسكرية الإيرانية بشكل سريع في تطوير معداتها، لا سيما في مجال القوارب والطرّادات السريعة التي برعت في إنتاجها. وتُشير الدراسات العسكرية الحديثة الى أن إيران تقوم حالياً بإنتاج أكثر من 80 في المئة من أسلحتها الثقيلة.‏‏

التطور العسكري‏‏

واليوم، بعد تجارب صاروخ شهاب بعيد المدى بطرازاته المتعددة، بدأ إنتاج صاروخ (فاتح ـ 110) من طراز أرض ـ أرض بمدى يبلغ 250 كم، وتدشين مصنع جديد لإنتاج صاروخ كروز بحري وصاروخ "فجر"، وخط إنتاج للمدفعية المضادة للطائرات من عيار 35 ملم. كما أُعلن عن إنتاج صواريخ مضادة للدروع وصواريخ تعمل بالوقود الجامد.‏‏

وبدأت مصانع الجمهورية الإسلامية في تصنيع ناقلات الدبابات "تيماز" (وهي تطوير للدبابة الروسية تي 72)، وكذلك تصنيع دبابات "ذو الفقار".‏‏

وفي المجال الجوي بدأت تصنيع الطائرات الخفيفة بدون طيار ومقاتلات "إف 4" و"إف 5" والطوافة "شباوز 75" و"شباوز 206" التي يمكنها التحليق على ارتفاع 12600 قدم (3800 متر).‏‏

مناورات الرسول الأعظم (ص)‏‏

بلغت مناورات "الرسول الأعظم (ص)" مرحلتها النهائية في اطار إعداد القوة للدفاع عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي كانت حافلة بالتجارب الجديدة.‏‏

وقد نظمت هذه المناورات بمشاركة أكثر من 17 ألف عسكري من أفراد قوات الحرس الثوري وقوات الجيش، وهي الأضخم التي تجريها القوات العسكرية منذ انتصار الثورة الإسلامية. وقد قامت خلالها القوات المسلحة باختبارات على أسلحة جديدة طُورت أو صُنعت بالكامل ضمن مصانع السلاح في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن بينها أنظمة إلكترونية مضادة للحرب الإلكترونية ضد الجمهورية الإسلامية، ومنظومة صاروخية جديدة ثابتة ومحمولة على الكتف، تتضمن أسرع صاروخ تحت الماء، وطوربيدات متطورة، إضافة الى صواريخ أرض ـ جو وأرض ـ بحر.‏‏

رئيس لجنة الإعلام الدفاعي في القيادة العامة للقوات المسلحة العميد علي رضا أفشار قال في توضيح لمجريات المناورة: إن المناورات البحرية الكبرى تأتي ضمن سلسلة المناورات المشتركة للقوات المسلحة التي بدأت منذ منتصف عام 2004, وتدل على الزيادة الملحوظة في القدرة البحرية للجمهورية الإسلامية في سياق ردع الأعداء والدفاع عن الحدود المائية للوطن الإسلامي.‏‏

وأضاف أفشار: "ان الاكتفاء الذاتي في المعدات التي تحتاجها القوات المسلحة هو السياسة التي تحققت بعد القبول بوقف اطلاق النار, من خلال توجيهات قائد الثورة الإسلامية والقائد العام للقوات المسلحة.. وفي الوقت الحاضر فإن معظم التجهيزات المطلوبة تُنتج في قطاع الصناعة الدفاعية، وكذلك تُصدر الى الدول المختلفة".‏‏

وإذ أكد العميد أفشار ان العنصر البشري هو الصفة الرئيسية للقدرة الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، أضاف: "ما هو أهم من القدرة الصاروخية المدمرة هو القوات المسلحة التي تتمتع حاليا بأعلى مستوى من روحية المقاومة والجاهزية القتالية, وباحتذائها بالتجارب الثمينة لمرحلة الدفاع المقدس وامتلاكها روحية الاستشهاد باعتبارها محور التحرك الدفاعي للبلاد, حيث إنها على استعداد للرد على أي عدوان بسرعة وحزم".‏‏

وأكد أن "الشعب الإيراني الواعي سيتصدى بكل صلابة لأطماع الأعداء التوسعية, ويدعم ببسالة وبشكل شامل القوات المسلحة. كما أن الجنود يمتلكون الروحية نفسها وعلى استعداد لمواجهة العدو المعتدي".. مضيفاً: ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتردد في الرد بحزم على اي عدوان يهددها.‏‏

"فجر 3"‏‏

أولى التجارب خلال المناورات كانت على صاروخ "فجر 3"، وهو من ضمن مجموعة جيل جديد من الصواريخ الدفاعية حملت اسم "فجر"، وطورته القوات العسكرية. وآخر نموذج منه "فجر 3" الذي يتميز بأنه مصنوع محليا بالكامل، ويمكنه تفادي الرادار وتفادي الصواريخ المضادة للصواريخ. وهو قادر على حمل رؤوس متعددة ويعتمد على وزن الرأس الذي يحمله.‏‏

موقع "الشؤون العسكرية" الأميركي على الانترنت وصف الصاروخ "فجر 3" بأنه صاروخ مدفعي من عيار 240 ملليمترا، ويبلغ مداه حوالى 40 كيلومتراً، وهو واحد من مجموعة صواريخ خفيفة تطورها ايران بشكل رئيسي لأغراض تكتيكية في ميدان المعارك.‏‏

"حوت"‏‏

كما تضمنت المناورات اختبار صاروخ "حوت" الذي يطلق تحت الماء وتبلغ سرعته 100 متر في الثانية، وليس بوسع أي قطعة بحرية الإفلات منه. ومن المعلوم أن "سرعة الصواريخ المماثلة في العالم تبلغ 25 متراً في الثانية, ما يعني ان سرعة الصاروخ الإيراني المذكور تفوق سرعة أي صاروخ آخر في العالم بأربعة أضعاف".‏‏

وقال العميد ابراهيم دهقاني من القوات البحرية الإيرانية: "في الوقت الحاضر يوجد بَلدانِ في العالم فقط يمتلكان هذا النوع من الصواريخ". وفيما لم يشر دهقاني الى اسم البلد الثاني الذي يمتلك مثل هذا الصاروخ، كشفت صحيفة "أزفيستيا" الروسية ان هذا الطوربيد يشبه الى حد بعيد صاروخا فائق القوة من صنع روسي هو الطوربيد "شكفال".‏‏

والطوربيد الروسي الذي تصل سرعته الى مئة متر في الثانية يُعتبر صاروخا مدمرا للسفن الحربية.‏‏

الحرب الإلكترونية‏‏

وشملت المناورات إجراء عمليات متطورة مضادة للحرب الإلكترونية جرى خلالها تشغيل جميع أجهزة التشويش الإلكتروني, ما أدى إلى الإخلال بعمل أنظمة توجيه عمليات العدو المفترض عدة ساعات.‏‏

واستنادا الى هذه العمليات فإنه اذا استخدام العدو الحرب الإلكترونية فإن القوات البحرية الإيرانية أصبحت جاهزة لتنفيذ عمليات مضادة متفوقة في المعارك.‏‏

الطوربيد المتطور‏‏

الاختبار الثالث كان تجربة ناجحة لإطلاق طوربيد متطور جدا في مضيق هرمز. المتحدث باسم مناورات الرسول الأعظم (ص) قال إنه جرى اختبار هذا الطوربيد الفائق القدرة بنجاح في المرحلة الثانية من المناورات.‏‏

وأوضح العميد دهقاني ان هذا الطوربيد هو أحدث أنواع الطوربيدات التي صُنعت من قبل المتخصصين في حرس الثورة الإسلامية، وبلغ مرحلة الإنتاج.. مؤكداً أن الطوربيد الذي اختُبر لديه القدرة على تدمير أكبر السفن الحربية، وأي قطعة سواء على سطح الماء أو تحته، وشطرها نصفين.‏‏

"كوثر"‏‏

قام المهندسون الإيرانيون بصناعة هذا الصاروخ المتطور من دون الاقتباس من نموذج أجنبي ومن دون اي مساعدة أجنبية، وهو من إنتاج مصانع الجمهورية الإسلامية بالكامل. وقد أصاب أهدافه بدقة في الاختبار الذي أجري له.‏‏‏

وفي المعلومات المتوافرة عن هذا الصاروخ أنه يمكن إطلاقه من منصات ثابتة على الساحل، كما يمكن اطلاقه ايضا من على ظهر زوارق متحركة، ما يضاعف من قدراته الحربية. وتجدر الإشارة الى أن "كوثر" مصمم لتجنب الرادار.‏‏‏

الزورق الطائر‏‏

أما أكثر التجارب إثارة فكانت التجربة الناجحة لـ"زورق طائر حديث للغاية".. وهو ليس نوعا من الحوامات، يحمل على ظهره مروحة كبيرة تمكنه من الارتفاع عن سطح الماء والتحليق ثم العودة والهبوط بانسيابية على سطح الماء.‏‏‏

ويسمح التصميم المتطور لهيكله الخارجي بتفادي أي رادار في البحر أو في الجو، ويمكنه إطلاق صواريخ تصيب أهدافها بدقة بالغة خلال تحركها.‏‏

وتبلغ سرعة الزورق مئة عقدة بحرية في الساعة، حيث تعتبر سرعته عالية جدا بالنسبة الى الزوارق السريعة في العالم.‏‏

"نور"‏‏

أما على الصعيد القدرة الصاروخية فبرز جيل جديد من الصواريخ حمل أسم"نور" وبحسب الخبراء المشاركيم في المناورة فإن "نور" هو صاروخ جو ـ بر ـ بحر لديه القدرة على الانطلاق من المروحيات والطائرات ويمكنه أصابة أهدافه بدقة متناهية.‏‏

"طائرة استطلاع"‏‏

كما ظهرت خلال المناورات طائرات استطلاع من دون طيار حديثة من تصميم الجمهورية الاسلامية ويمكن توجيهها من الارض.‏‏

بعد هذه المناورات بات من الواضح أن ما تقوم الجمهورية الإسلامية بتطويره في منظومتها العسكرية يشكل درع حماية لها..‏‏

وزير خارجية السعودية سعود الفيصل اعتبر أن المناورات الإيرانية لا يشكل تهديداً لبلاده. وفي المقابل أشارت وزارة الحرب الأميركية الى القلق من هذه المقدرة، والاعتراف بأن هذه خطوات كبيرة في مجال تطوير نظام الجمهورية الإسلامية الدفاعي.. فهل هذا يعني ان الرسالة وصلت الى العنوان الذي كتبته الجمهورية الإسلامية بدقة.‏‏

المحادثات التي من المفترض أن تجري في بغداد حول العراق بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة ستثبت ذلك.‏‏

إعداد: مصطفى خازم‏‏

2006-10-28