ارشيف من : 2005-2008

خيال بوشي

خيال بوشي

يفترض أن يقدم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي اليوم تقريره إلى مجلس الأمن حول مدى استجابة الجمهورية الإسلامية لمطالب هذا المجلس في ما خص برنامجها النووي، وكما هو متوقع فإن التقرير سيكون سلبيا باعتبار أن طهران ترفض المس بسيادتها بأي شكل من الأشكال، ومطالب المجلس الأميركية ليست إلا مسّا بالسيادة، وحق هذا البلد بامتلاك التطور العلمي.‏

ولكن القضية ليست هنا ولا في ما ستؤول إليه جلسة مجلس الأمن التي دعت إليها واشنطن والمقررة الأسبوع المقبل، بل في ما تنوي هذه الأخيرة القيام به، وهل ستدخل في مغامرة جديدة في الوقت الذي لم تخرج بعد من مغامرة العراق، وخاصة أن المغامرة الجديدة تختلف على نحو جذري عن مغامرة العراق لاختلاف الظروف والعوامل وحتى البيئة.‏

المنطق يقول إن التوجه الذي يفترض أن تنحوه الإدارة الأميركية هو أن يكون بعيدا عن أي عمل عسكري لأن النتائج المباشرة لعمل كهذا لن تكون محصورة في إيران فقط، فاليد الإيرانية باتت قادرة على الوصول إلى أكثر من نقطة حيوية أميركية وفي دائرة جغرافية واسعة جدا إن لم نقل غير محدودة، ويقابلها يد أميركية مغلولة "إلى العظم" ببقعة انتشار عسكرية واسعة في الدول المحيطة بإيران، ومصالح وصلت إلى مرحلة حتمت على واشنطن التدخل عسكريا لحمايتها مع أنها لم تنجح في ذلك حتى الآن، هذا إذا استثنينا بقية العوامل الأخرى التي لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة داخلية كانت أم خارجية، وكذلك النتائج غير المباشرة.‏

لكن يبدو أن من يتربع على كرسي البيت الأبيض لا تحكمه الاستدلالات المنطقية أو حتى الواقعية التي تفرض نفسها على الأرض، بل لا يزال يعيش في عالمه الخاص، عالم لا يرى فيه العالم سوى مسرحاً لأفلام هوليود أو مزرعة ماشية بحاجة لراعي بقر.‏

المشكلة هي كم من الدروس يتطلب أن يُلقَّنها هذا الرجل ليخرج من عالمه الخيالي، وكم من الأزمات يجب أن يوقع نفسه وبلده فيها حتى يعود إلى عالم الواقع... الجواب بالتأكيد ليس عندنا!!!‏

محمد يونس‏

الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1159 ـ 28 نيسان/أبريل 2006‏

2006-10-28