ارشيف من : 2005-2008

دراسة هارفرد حول "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية(1 من7)

دراسة هارفرد حول "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية(1 من7)

صدر مؤخراً عن جامعة هارفرد الأميركية، دراسة بعنوان "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية"، أعدها أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو جون ميرشايمر، بالاشتراك مع أستاذ الادارة في جامعة هارفرد ستيفان والت.‏

وتنشر "السفير" ملخصات ومقتطفات عن هذا البحث الأكاديمي الشامل وزعتها على حلقات سبع:‏

ـ المنظمات والأفراد والولاء لإسرائيل‏

ـ التأثير على الكونغرس والحكومة‏

ـ التأثير على الإعلام ومراكز الدراسات واستغلال معاداة السامية‏

ـ دور الولايات المتحدة التاريخي كـ"منقذ" لإسرائيل‏

ـ إسرائيل وعناصر استدرار العطف الدولي‏

ـ الحرب على العراق‏

ـ الحرب على سوريا وإيران.‏

وفي الآتي الحلقة الأولى من هذه السلسلة.‏

تتساءل الدراسة عن سر سيطرة اللوبي الاسرائيلي على السياسة الخارجية الاميركية، وتقول "ربما أن إسرائيل لم تتصرف بأسوأ من دول عديدة، غير أنه من الواضح أنها لم تسلك منحى أفضل أيضا. وإذا لم يكن لأي من الأسباب الأخلاقية أو الاستراتيجية دور في دعم أميركا لاسرائيل، فكيف بالإمكان تفسير "هذه السيطرة"، أو ما وصف ب"قوة لا نظير لها للوبي الإسرائيلي"، على السياسة الخارجية الاميركية، حيث أن "العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة لم تكن في الماضي قط بالحميمية التي هي عليها اليوم".‏

وتضم نواة اللوبي الاسرائيلي في الولايات المتحدة اليهود الاميركيين الذين "يبذلون جهدا مهما يوميا في حياتهم من أجل تحويل السياسة الخارجية الاميركية بما يحقق مصالح إسرائيل... يتجاوز مجرد التصويت للمرشحين (الاميركيين) المدافعين عن اسرائيل إلى كتابة الخطابات، التبرعات المالية ودعم المنظات المدافعة عن اسرائيل".‏

غير أنه "ليس جميع اليهود الاميركيين جزءا من هذا اللوبي، لأن إسرائيل ليست قضية بارزة للعديد منهم"، فبالاستناد إلى استطلاع أجري عام 2004، "يقول 36 في المئة من اليهود الاميركيين إنهم ليسوا متعلقين عاطفيا جدا، أو بتاتا، بإسرائيل".‏

ولا يخلو اللوبي الاسرائيلي من خلافات داخلية، فبعض منظماته مثل "أيباك" و"مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى" وهي من تلك "التي يديرها أشخاص متشددون"، تركز مثلا على دعم تمديد سياسات حزب الليكود الاسرائيلي، بما في ذلك رعايته لاتفاق أوسلو للسلام، فيما "يرفض معظم اليهود الاميركيين، من جهة أخرى، تقديم التنازلات للفلسطينيين، وقلة منهم مثل منظمة صوت السلام اليهودي تؤيد بقوة الإقدام على خطوات من هذا النوع". غير أنه "بمعزل عن هذه الاختلافات بين المتشددين والمعتدلين، فإنهم جميعا يتفقون على دعم ترسيخ الدعم الاميركي لإسرائيل".‏

وليس من المفاجئ القول إن قادة اليهود الاميركيين يستشيرون في معظم الاوقات المسؤولين الاسرائيليين، الذين يحرصون على أن يضاعف أولئك تأثيرهم في الولايات المتحدة. ويؤكد ذلك ما كتبه أحد الناشطين في منظمة يهودية كبرى "إنه من الروتين لنا القول: إن هذه سياستنا في مسألة معينة، ولكن يجب علينا مراجعة ما يفكر به الاسرائيليون، فنحن كجالية نفعل ذلك طوال الوقت".‏

وتلاحظ الدراسة ارتفاع حساسية أفراد اللوبي الاسرائيلي من اليهود الاميركيين الذين يوجهون انتقاداً لاسرائيل أو يدعمون أي نوع من الضغوط عليها. مثال على ذلك، اتهام رئيس المؤتمر اليهودي العالمي إدغار برونفمان، ب"الخيانة" حين بعث رسالة للرئيس الاميركي جورج بوش، في أواسط عام 2003، يحثه فيها على الضغط على إسرائيل لردعها عن بناء جدار الفصل المثير للجدل.‏

ويواجه كل صوت يهودي غير منسجم مع سياسة اللوبي المنحازة لاسرائيل عقوبة الطرد من الجالية، مثال على ذلك مهاجمة رئيس منتدى السياسة الاسرائيلية سيمور رايتش، حين نصح وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس، بالضغط على اسرائيل لإعادة فتح معبر غزة في تشرين الثاني عام 2005، حيث وصفت خطوته ب"التصرف غير المسؤول"، ونبه من "أنه ليس هناك أي مكان على الاطلاق في التيار اليهودي لنشاط يروج ضد السياسات المرتبطة بأمن إسرائيل"، ما دفع برايتش للتراجع سريعا عن موقفه، مؤكدا ان "كلمة الضغط ليست موجودة في قاموسي حين يتعلق الامر باسرائيل".‏

وتجزم الدراسة أن "أيباك" هي أقوى المنظمات اليهودية وأشهرها، وهي التي صنفها الكونغرس الاميركي في المرتبة الثانية من لائحة أقوى اللوبيات الموجودة في واشنطن، بعد "الاتحاد الاميركي للمتقاعدين"، في استطلاع نشرته مجلة "فورتشن" عام 1997.‏

ويضم اللوبي الاسرائيلي أيضا شخصيات مسيحية إنجيلية بارزة، مثل غاري بوير، جيري فالويل، رالف ريد، بات روبرتسون، وأيضا ديك آرمب وطوم ديلاي، وزعماء الاكثرية السابقين في مجلس النواب، بالإضافة إلى المحافظين الجدد أمثال جون بولتون، محرر صحيفة "وول ستريت جورنال" روبرت بارتلي، وزير التعليم الاميركي السابق وليم بنيت، وأيضا كاتب العمود جورج ويل... ويؤمن هؤلاء جميعاً "أن بعث إسرائيل هو جزء من نبوءة الكتاب المقدس"، وبالتالي فإن أي تصد لها يعني "معارضة رغبة الله".‏

وتنطلق قوة اللوبي الاسرائيلي، في الاساس، من قدرته الفائقة على تركيز جهوده للتأثير على أولئك الذين يهتمون بالشأن العام أو بقضية معينة، وإن كانوا قليلي العدد نسبياً، وذلك لثقته بأن الاكثرية الباقية، غير المكترثة بالشأن العام أو بالقضية المعنية من الشعب الاميركي، لن تحاول معاقبته قط.‏

بالاضافة إلى ذلك، فإن ناشطي هذا اللوبي يؤدون في الحقيقة الدور الذي يفترض أن تؤديه أي جماعة ضغط أخرى، إنما بشكل أفضل، خاصة اذا كانت جماعات الضغط الأخرى كتلك العربية "ضعيفة" وشبه غائبة، الامر الذي يسهل مهمة اللوبي الاسرائيلي، في ساحة خالية من المنافسة.‏

المصدر: صحيفة السفير اللبنانية 27 آذار/مارس 2006‏

2006-10-28