ارشيف من : 2005-2008

دراسة هارفرد حول "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية" (7 من7) :وضع سوريا وإيران في دائرة الاستهداف

دراسة هارفرد حول "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية" (7 من7) :وضع سوريا وإيران في دائرة الاستهداف

صدرت مؤخرا عن جامعة هارفرد الاميركية، دراسة بعنوان "اللوبي الاسرائيلي والسياسة الخارجية الاميركية"، أعدها أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو جون ميرشايمر، بالاشتراك مع أستاذ الادارة في جامعة هارفرد ستيفان والت.‏

وتنشر "السفير" ملخصات ومقتطفات عن هذا البحث الاكاديمي الشامل وزعتها على حلقات سبع: المنظمات والافراد والولاء لاسرائيل؛ التأثير في الكونغرس والحكومة؛ التأثير في الاعلام ومراكز الدراسات واستغلال معاداة السامية؛ دور الولايات المتحدة التاريخي ك"منقذ" لاسرائيل؛ اسرائيل وعناصر استدرار العطف الدولي؛ الحرب على العراق؛ وسوريا وإيران.‏

وفي الآتي الحلقة السابعة من هذه السلسلة.‏

إطلاق "النار" على سوريا‏

فور سقوط بغداد في نيسان 2003، بدأ رئيس الحكومة ارييل شارون وضباطه، يحثون واشنطن على استهداف دمشق. ودعا شارون في مقابلة لصحيفة "يديعوت أحرونوت" في 16 نيسان، واشنطن، الى ممارسة ضغوط "عميقة" على سوريا. وقد اكدت صحيفة "واشنطن بوست"، أن إسرائيل كانت "تؤجج الحملة" ضد دمشق عبر تغذية الاستخبارات الاميركية بتقارير حول اعمال الرئيس السوري بشار الأسد.‏

وفي موازاة ذلك، قدم اعضاء بارزون في اللوبي الحجج ذاتها. وقال بول وولفوفيتز، الرئيس الحالي للبنك الدولي، "يجب أن يكون هناك تغيير للنظام في سوريا". كما اعتبر الرئيس السابق لهيئة استشارية ملحقة بالبنتاغون ريتشارد بيرل، انه يمكن نقل "رسالة الى الانظمة المعادية الاخرى في الشرق الاوسط: انتم التالون".‏

سياسيا، اعاد عضو الكونغرس، إليوت إنغيل، طرح قانون محاسبة سوريا، الذي يدعو الى استعادة سيادة لبنان، كما يدعو سوريا ولبنان إلى اتخاذ الخطوات الكفيلة بالتوصل إلى السلام مع إسرائيل. وتم تبني القانون من قبل اللوبي، محاطا بحسب "وكالة التلغراف اليهودية"، ب"اطار من الاهمية من قبل بعض أفضل أصدقاء إسرائيل في الكونغرس". وبرغم ان الادراة الاميركية لم تكن متحمسة جدا للقانون، إلا انه مر بأغلبية في مجلسي النواب والكونغرس.‏

وبرغم ان المحافظين الجدد كانوا راغبين في افتعال قتال مع سوريا، عارضت وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية الفكرة. ويعود حذر الادارة الاميركية تجاه استهداف سوريا، الى الخوف من تعريض الاتصالات الاستخباراتية القيمة بين البلدين للخطر. كما ان التصرف بقسوة مع دمشق، سيجعل الولايات المتحدة تبدو في صورة الراغب دوما في ضرب الدول العربية. اضافة الى ذلك، فإن وضع سوريا على لائحة الاستهداف الاميركية، قد يعطيها الدافع القوي للتسبب بالمشاكل في العراق.‏

وبرغم كل ذلك، أصر الكونغرس على تهديد دمشق باستخدام القوة استجابة لضغوط المسؤولين الإسرائيليين. وإذا لم يكن من وجود للوبي، فربما لم يكن قانون محاسبة سوريا موجودا، ولكانت سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا تتماشى مع المصالح الوطنية الاميركية.‏

تسليط الأضواء على إيران‏

ينظر الاسرائيليون الى ايران، على أنها العدو الاخطر، لانها تبدو متجهة نحو امتلاك أسلحة نووية. وترى اسرائيل في امتلاك دولة إسلامية شرق اوسطية للأسلحة النووية، تهديدا لوجودها. وقد اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بنيامين بن اليعازر قبل شهر من الحرب على العراق، ان "العراق مشكلة.. لكن إيران هي اليوم أخطر من العراق".‏

وفي تشرين الاول العام 2002، وصف شارون لصحيفة "التايمز" إيران، بأنها "مركز الإرهاب العالمي"، معتبرا انه يتوجب على الادارة الاميركية استخدام القوة العسكرية ضد طهران في "اليوم التالي" لاجتياح العراق.‏

ولم يضيع المحافظون الجدد بدورهم الوقت. وفي السادس من ايار العام 2003، شارك "معهد اميركان انتربرايز" في رعاية مؤتمر عقد على مدار يوم كامل حول إيران، بالتعاون مع مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية ومعهد "هادسون"، المواليين لإسرائيل، حيث دعا العديد من المتحدثين إلى استبدال حكومة طهران بحكومة ديموقراطية.‏

اعلاميا، كثف المحافظون الجدد من جهودهم لوضع القضية الايرانية في صلب المناقشات. وقال ويليام كريستول في صحيفة "ويكلي ستاندر"، إن "تحرير العراق كان المعركة الكبرى الاولى من أجل مستقبل الشرق الأوسط.. لكن المعركة الكبرى المقبلة، ستكون من أجل إيران".‏

واستجابت الإدارة الاميركية لضغوط اللوبي. وبعدما جوبهت مساعي الادارة بتصميم ايراني على إنشاء ترسانة نووية، فقد كثف اللوبي من ضغوطه. ونشرت المقالات التي تحذر من الاخطار المتأتية من إيران نووية، ومن أي استرضاء للنظام "الإرهابي"، مشيرة بشكل خفي إلى ضرورة العمل العسكري الوقائي في حال فشلت الدبلوماسية، وسط تهديد من المسؤولين الإسرائيليين بعمل استباقي، في حال تابعت إيران سلوك الطريق النووية.‏

وقد يقول البعض ان إسرائيل واللوبي ليس لديهما تأثير كبير في السياسة الاميركية تجاه إيران، لأن الولايات المتحدة لديها أسبابها الخاصة لمنع إيران من أن تتحول الى دولة نووية. وتبدو هذه الحجة قريبة من الحقيقة، لكن طموحات إيران النووية لا تشكل خطرا وجوديا على الولايات المتحدة. وإذا استطاعت أميركا أن تتعايش مع اتحاد سوفياتي نووي، وصين نووية أو حتى مع كوريا شمالية نووية، فإن بإمكانها التعايش مع إيران نووية.‏

ان حملة اللوبي لتغيير الانظمة في إيران وسوريا، قد تقود الولايات المتحدة نحو مهاجمة الدولتين، مع ما يترتب عن ذلك من آثار كارثية. وعدوانية اللوبي تجاه دمشق وطهران، تجعل من المستحيل بالنسبة لواشنطن ضمهما إلى حربها على تنظيم القاعدة والتمرد في العراق، حيث ان مساعدتهما مهمة جدا. ولولا وجود اللوبي، لكان يمكن لإيران وأميركا أن تكونا حليفتين، ولكانت سياسة واشنطن أكثر اعتدالا، ولم تكن الحرب الوقائية خيارا.‏

المصدر: صحيفة السفير‏

2006-10-28