ارشيف من :آراء وتحليلات

"العراقية".. بين هواجس الإقصاء والتلويح بالعودة الى المربع الأول

"العراقية".. بين هواجس الإقصاء والتلويح بالعودة الى المربع الأول

بغداد ـ عادل الجبوري
قبل بضعة أيام صرح رئيس القائمة العراقية التي أحرزت 91 مقعدا في مجلس النواب المقبل أياد علاوي ان استبعاد قائمته ومنعها من تشكيل الحكومة يعني عودة الصراع الطائفي الى الساحة العراقية، في إشارة الى أحداث ووقائع عامي 2005 و2006.
تهديد ـ او تحذير ـ الدكتور علاوي جاء بعد انطلاق إشارات واضحة على تحالف كل من الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي تتيح لهما تسمية رئيس الوزراء والمبادرة الى تشكيل الحكومة.
وعلى إيقاع الحراك التفاوضي بين "الوطني العراقي" و"دولة القانون" كانت ردود الافعال الحادة تنطلق من " العراقية" تباعا.
جمال البطيخ وهو أحد اعضاء القائمة، وقد حجز مقعدا له في البرلمان المقبل عن محافظة واسط حذر من ان تأخير اعلان نتائج الطعون التي قدمت إلى المفوضية وعدم المصادقة على النتائج من قبل المحكمة الاتحادية العليا يعني وجود مخطط للالتفاف على الدستور، ويضيف البطيخ بشأن توحد الوطني ودولة القانون قائلا، "ان توحد الائتلافين يعني عودة التخندق الطائفي والعودة الى المربع الاول، وان تخوف الاحزاب والكتل من علاوي غير معقول، وان ابعاده من العملية السياسية ليس بالامر السهل كونه يقود كتلة لها حجمها وثقلها ومجرد التفكير بإقصائها له تداعيات كثيرة"، وبنفس السياق تحدثت الناطقة باسم القائمة ميسون الدملوجي وتحدث حيدر الملا وحسن العلوي واخرون غيرهم.
"العراقية".. بين هواجس الإقصاء والتلويح بالعودة الى المربع الأولاعضاء في كل من الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون اكدوا ان تحالف الائتلافين لا يستهدف اقصاء او تهميش أي طرف لا سيما القائمة العراقية، وان ما يطرح من قبل اعضاء في القائمة مبالغ فيه وبعيد عن الواقع.
وفي هذا السياق يؤكد القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي يعد احد الاطراف الاساسية في الائتلاف الوطني الشيخ حميد معلة الساعدي "ان لغة الحوار المسؤول والفاعل والجلوس الى الطاولة المستديرة لتشكيل الحكومة هي اللغة التي نريدها لا لغة التحذير والتهديد، وان القاعدة التي ينطلق منها ائتلافنا هي مشاركة الجميع وبالخصوص القائمة العراقية التي تمثل مكونا رئيسيا في العملية السياسية في البلد". وابدى الساعدي استغرابه من تصريحات علاوي بشأن استبعاده وقائمته من الحكومة المقبلة.
اما عضو ائتلاف دولة القانون الذي كان احد اعضاء القائمة العراقية في وقت سابق، عزت الشابندر فقد اعتبر ان التصريحات التي يطلقها رئيس القائمة العراقية من امكانية استبعادهم لا دليل عليها، وان العراقية لها ثقلها الاساس بكونها شريكا اساسيا في تشكيل الحكومة ولا يجوز لاي طرف تهديد الحكومة ولا يجوز لاي طرف تهديد الشعب والعملية السياسية بأي شكل من الاشكال". ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم شدد مرات عديدة على اهمية مشاركة الجميع في تشكيل الحكومة وادارة العملية السياسية وفق مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية، لا سيما القائمة العراقية، حيث قال في الحوار الذي اجرته معه قناة العربية الفضائية قبل عدة ايام "ان حضور المكونات السياسية المختلفة مدخل مهم واساسي في تحقيق الاستقرار والعدالة والانصاف في الممارسة السياسية، والقائمة

العراقية تمثل مكونا مهما، وان استبعادها يمثل استبعادا لذلك المكون، ولذلك لسنا مع استبعاد أي من المكونات وسنقف وندافع عن هذا الامر مهما كلفنا، وبالنسبة للاخ الدكتور اياد علاوي والدفاع عنه حينما كثر الحديث عن شخصيته والاتهامات له فهو يدخل في اطار القيم الاخلاقية التي يجب ان نرسيها ونرسخها، القيم العربية والاسلامية والتي تدعونا لان نقف ونناصر حتى المنافسين او من نختلف معهم في الرأي، اذ يجب ان نشيع ثقافة الانصاف والمروءة السياسية في مجمل تعاملاتنا".
اما رئيس قائمة "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي فقد اكد في اخر حديث تلفزيوني له لقناة "الحرة" الفضائية انه برغم تمنيه "ان تكون تشكيلة الحكومة المقبلة قائمة على اساس الاغلبية وينتهي مبدأ المحاصصة، لكن يبدو انها فكرة مستعجلة حتى الان، والواقع يحتم علينا ان تكون الحكومة المقبلة حكومة شراكة وطنية، بمعنى ان المكونات التي يتشكل منها المجتمع العراقي لا بد ان تكون ممثلة في الحكومة".

واشار المالكي الى "ان القائمة العراقية اختزلت في داخلها اغلب ممثلي المكون العربي السني.. اذاً لا بد ان يكون لهم من شراكة في تشكيل الحكومة عدا عن ان هذا المكون لا بد ان يمثل".
وقضية الاستبعاد بمنظور القائمة العراق تتمثل بحرمانها من فرصة تشكيل الحكومة باعتبارها القائمة الاولى من حيث عدد المقاعد في حال تحالف الائتلاف الوطني مع دولة القانون، في حين يرى الائتلافان ان تحالفهما امر طبيعي في سياقات الحراك السياسي في ظل الفضاءات والمناخات الديمقراطية، وهو لا يستهدف استبعاد او اقصاء أي طرف كان، ومن الخطأ ان يفهم من هذه الزاوية.
ويذهب اعضاء في الائتلاف الوطني العراقي ودولة القانون الى ان القواسم والرؤى المشتركة بين الائتلافين تمثل ارضيات مناسبة لتحالفهما وعملهما بصورة موحدة وعلى اساس برنامج واحد تحت قبة البرلمان وفي الحكومة المقبلة، والتحالف فيما بينهما يفترض ان لا يقرأ من زاوية عودة الاصطفافات الطائفية، وفتح الباب مجددا للعنف والارهاب والشد الطائفي، بقدر ما يعبر عن حقائق ومعطيات سياسية واقعية تعد في جانب منها افرازا للعملية الديمقراطية.
ورؤية الائتلافين تتمحور بالاطار العام حول حقيقة ان عدم تكليف العراقية بتشكيل الحكومة لا يعني بأي حال من الاحوال اقصاءها، اذ ان هذا غير ممكن من ناحية، لانه سيكون لها ثقل سياسي وبرلماني كبير في المشهد القادم، ومن ناحية ثانية غير منطقي لان طبيعة الوضع العراقي تتطلب قدرا كبيرا من التوافقات السياسية بين الكيانات المتصدرة، لتجنب الكثير من الاشكالات التي رافقت مرحلة الاعوام الاربعة الماضية، والاعوام الثلاثة التي سبقتها.
وقد يكون التلويح بعودة العنف والفوضى والاضطراب الامني الى الشارع العراقي، منطلقا من حسابات وتقديرات انفعالية ومتسرعة لا تخدم أي مكون من المكونات العراقية، وهذا ما اكد عليه وذهب اليه اكثر من كيان ومكون سياسي.

2010-04-20