ارشيف من : 2005-2008

ندوة : العرفان في فكر الإمام الخميني (قدس سره) في معرض المعارف للكتاب العربي والدولي

ندوة : العرفان في فكر الإمام الخميني (قدس سره) في معرض المعارف للكتاب العربي والدولي

بدعوة من جمعية المعارف الإسلامية الثقافية أقيمت ندوة ثقافية تحت عنوان « العرفان في فكر الإمام الخميني (ره) » في قاعة المحاضرات في معرض المعارف للكتاب العربي والدولي‏

بداية تحدث مدير الندوة : الدكتور علي الحاج حسن مسلطاً الضوء على العلاقة الوثيقة ما بينه وبين العرفان ومما قاله « للعرفان في فكر الإمام الخميني قصة طيلة تعود إلى جذور النهضة العرفانية في الإسلام بما تحمله هذه النهضة من مقومات معرفية ومناهج مستمدة من مصادر الوحي والقيم الأخلاقية . والحديث عن عرفان الإمام هو في الواقع استرجاع لتاريخ المعرفة والسير والسلوك الإسلامي واستحضار لمدرسة امتلكت كافة مباني وأسس العلوم ، فأضحت مدرسة أو مذهباً فكرياً بحد ذاته ، تجلى في عبارات وحركات العرفاء : تارةً بالسير والسلوك والمجاهدة والرياضة وتارة أخرى بالتأصيل النظري والبناء العرفي ، فتعاطوا مع هذا العالم إما من باب التعاليم المستمدة من الوحي أو علم الأخلاق أو الكلام والفلسفة وما شابه ذلك ... ولعل ما يميز مدرسة الإمام هو أنه لا يمكن للعرفان موضوعية حقيقية إذا لم تجتمع فيه مشارب ومنابع متعددة من الشهود والمعرفة واستحضار تعاليم الوحي وأحاديث المعصومين (ع) . وثانياً حاول الإمام الجمع والتوفيق بين ما عُرف بالحقيقة والشريعة والطريقة ، وثالثاً أنه كان يتناول القضايا العرفانية أثناء بحثه في المعارف الإسلامية الأساسية : أسرار الصلاة ، الآداب المعنوية ، شرح دعاء السحر ...‏

ثم تحدث معالي الوزير الدكتور طراد حمادة ، عن منشأ العرفان عند الإمام الخميني وعلاقته به من الناحية النظرية والعملية ، وذلك بعد ما مهّد بمقدمته التاريخية عن ظروف نشأة العرفان من التصوف .‏

افتتح معالي الوزير حديثه عن مقاربة الإمام والتي هي من أصعب الأعمال ولا يستطيع الإنسان تحقيق ذلك إلا بعد عمر طويل ، وللاقتراب من شعر الإمام لا بد من النظر في عدة مسائل منها : طرائق التفكير والتأمل في الحياة ، حيث يمكن الاقتراب من فهم معنى العرفان في عمل وشعر الإمام من خلال الفلسفة والتصوف والعرفان نفسه .‏

فالميزة الأساسية في الفلسفة أنها تعتمد على التبرير العقلي والدليل ، بينما الحكمة تستلزم المعرفة والتطبيق ، أما التصوف فهو طريقة العيش الذاتي القائمة على إدراك باطن الحقائق وعيشها بطريقة روحانية .‏

فالمتصوف لا يكفيه الدليل العقلي بل بحاجة ليعيشه بالقلب ، والصوفي يعيش الوحي كما أنزل على قلب الحبيب (ص).‏

من التصوف ، خرجت مدرسة العرفان جامعة الفلسفة مع التصوف ، وبعد تطور المدارس الصوفية والفلسفية لا سيما بعد ابن رشد ، ظهرت عدة مدارس كان منها مدرسة ملا صدرا الشيرازي ، حيث ظهرت آثار هذه المدرسة جلية في الشعر الفارسي كحافظ وغيره ، هنا تشكلت مدرسة عرفانية بعلاقة وثيقة بين القرآن الكريم والفلسفة وهذا هو أساس مدرسة العرفان الشيعي التي طورها الإمام الخميني ، فهي كانت وما تزال تقوم على فهم القرآن والحديث و متأثرة بمدرسة التجليات (ابن عربي ) وعلى المستوى الشعري تأثرت في مراحل عدة بالشعر الفارسي .‏

مكانة الإمام الخميني أنه ارتكز ارتكازاً وثيقاً على القرآن الكريم وأحاديث المعصومين (ع) وكذلك دراسة الآداب المعنوية للعبادات وشروح الأدعية .كما أنه أفصح شعراً عن الكثير من الأفكار العرفانية .وما يتميز به الإمام الخميني هو الإفصاح الوجدي والتطابق الهائل بين حاله وإفصاحه . وهذا عادة لا يحصل إلا عند الصادقين . ويمكن لفهم ذلك الرجوع إلى درجات المراتب أو المنازل أو الترجيعات وهي : التقبل ،الشاهد ، السر ، الفقر ، المشد ، المظهر ، الواصل .‏

ثم تحدث سماحة الشيخ علي سائلي مدير معهد الرسول الأكرم (ص) للدراسات الإسلامية ، فقال بأنه سيتناول الموضوع من زاوية أخرى غير التي تعرّض لها معالي الوزير الدكتور طراد حمادة ومما قاله « لا يمكن معرفة الشخصيات المرموقة في عصرهم و زمانهم ، فأولئك كالجبال لا يمكن رؤيتها عن قرب بل بحاجة أن نبتعد عنها حتى تقع الجبال في حدقة العين لتتم رؤيتها بوضوح ، وهكذا فلا بد أن يمر على العظماء التاريخ الطويل حتى نعرفهم .‏

فقد قال الشهيد مطهري : نحتاج إلى مائة سنة لمعرفة العلامة الطباطبائي ؟ . تُرى كم نحتاج من الوقت والزمن حتى نعرف الإمام الخميني ؟ .‏

عند الإمام الخميني اجتهادات ورؤى في الفقه والفلسفة والتفسير وحتى في العرفان ، ولا يسمح لنا الوقت القليل بعرضها . كما أن للإمام الخميني إبداعات و ابتكارات حتى في العرفان بحيث لا مثيل لها .‏

وللحديث عن الإمام لا بد من مقدمتين :‏

1 – نحن نعتقد من خلال القرآن أن للأمة شخصية كما حال الفرد العادي الذي يمتلك شخصية وروحية ونفسية وقد ورد ذلك في عدة آيات القرآنية منها : (.. لكل أمة جعلنا نسكاً .. ) و ( لكل أمة أجل ..) و (.. كل أمة تدعى إلى كتابها ..) و ( .. كذلك زينا لكل أمة عملهم ..) ..‏

2 - الجزء الرئيسي في العرفان هو العرفان العملي يعني السيرة و السلوك من منزلة اليقطة إلى التوبة فالتطهير فالذكر ، وكذلك الأسفار الأربعة : من الخلق إلى الحق بالحق ، من الحق إلى الحق بالحق ، ومن الحق إلى الخلق بالحق ، ومن الخلق إلى الخلق بالحق .‏

وهنا نفهم قول ابن سينا : كيف لا يكون العارف شجاعا ؟. لان شجاعة العارف أمر طبيعي لأنه أضحى لا يخاف الموت .‏

ماذا فعل الإمام الخميني ؟‏

لقد استطاع الإمام الخميني أن يحول السير والسلوك من عمل فردي إلى الأمة والمجتمع بحيث صار المجتمع كله سائراً وسالكاً ، وقد استطاع أن يعطي الشعب هذه المعنويات العالية حيث انتقل من ساحة الإنسان الفرد إلى ساحة المجتمع والأمة ، ولا نجد محاولة مماثلة في تاريخنا المعاصر لهذه التحولات الكبرى .‏

الإمام أخذ من القرآن أن للمجتمع روح وشخصية ، وفي ظل هذه المعرفة استطاع إدراك قيمة المعنويات لد الشعب ، وببركة وإفاضة هذا الإمام سافر الشعب الإيراني سفراً روحانياً ، لذلك ظهرت الحالات الروحانية من الشجاعة والجود والسخاء بالنفس .‏

وهكذا نرى اليوم قوة هذا الشعب ، من خلال الروح العرفانية التي نفحها فيه الإمام ، فالشعب ما زال شجاعاً وقوياً ولا يتأثر بالرياح العاتية . ولقد أصبح الشعب عارفاً لا بل الأمة كلها أصبحت عارفة .‏

2006-10-28