ارشيف من : 2005-2008
لقاء إسلامي طارئ تنديداً بالاعتداء على مقامي الإمامين العسكريين (ع):نصر الله: المجموعات التكفيرية تعمل عند الـ"سي آي إيه" وعند القوات الأميركية التي تحتل العراق

قباني: أي مصلحة للمسلمين في أن يُستهدف أحد أهم المقدسات الدينية، أكانت سنية أو شيعية؟
قبلان: منفذو الجريمة ليسوا سنة أو شيعة، هؤلاء مرتزقة باعوا أنفسهم للشيطان
تنديداً بالاعتداء الآثم على مقام الإمامين العسكريين (ع) في سامراء في العراق، عُقد لقاء إسلامي طارئ في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تعبيراً عن وحدة المسلمين في إدانة هذه الجريمة ومواجهة انعكاساتها السلبية الخطيرة. اللقاء حضره حشد من العلماء المسلمين السنة والشيعة ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، الذي شدد على وأد هذه الفتنة في مهدها، والعمل على محاصرتها والقضاء عليها "لنفوّت على قوى الاستكبار العالمي وعلى الولايات المتحدة الأميركية التي هي المسؤول والمحرض، وهي التي تقف خلف عدد من المجموعات التكفيرية"، كاشفاً "أن عدداً من هذه المجموعات التكفيرية يعمل عند الـ"سي آي إيه" وعند القوات الأميركية التي تحتل العراق وتخدم أهداف الأميركي".
وصدر عن اللقاء بيان مشترك أكد التمسك بأهداف الوحدة الإسلامية ومواجهة هذه الجريمة وأي جريمة تستهدف مقدساتهم أو رموزهم الدينية، وإدانتها انطلاقا من الإيمان الواحد والعقيدة الإسلامية الواحدة.
استهل اللقاء بكلمة للسيد نصر الله الذي تقدم بالعزاء إلى جميع المسلمين في العالم بهذا الحادث الجلل وقال: "نحن في مرحلة نواجه فيها مخططات ومؤامرات وإرادات عليا من أجل إحداث فتنة بين المسلمين"، مشيراً إلى "أن المسألة بدأت من حادثة الرسوم المسيئة لنبينا محمد (ص)، وكأن هناك صراعاً بين العالم الإسلامي والغرب الذي يريدون أن يلبسوه ثوب المسيحية ليكون الصراع بين المسلمين والمسيحيين".
وأكد أن "المستفيد الأول والمتهم الأول هي الحركة الصهيونية واللوبي اليهودي الصهيوني الذي يتحكم بالكثير من مفاصل القرار والمال والإعلام والمخابرات في العالم".
ولفت سماحته إلى محاولات تجري لإحداث فتنة بين المسلمين من أجل مواجهة هذه الصحوة الإسلامية العارمة على امتداد العالم العربي والإسلامي، التي بالإمكان "أن تفرض نفسها من جديد على الحاضر وعلى المستقبل وعلى النظام العالمي الجديد، لكن شرطه الأساسي والوحيد هو أن يكون هؤلاء المسلمون يداً واحدة، متماسكين، متواصلين، متحابين، حتى يتمكنوا من أن يفرضوا أنفسهم واحترامهم على العالم كأمة جديرة بالاحترام".
واعتبر أن أخطر اختراق في ساحتنا الإسلامية على امتداد العالم الإسلامي هو الاتجاه التكفيري الذي يدعو إلى القتل وإلى سفك الدماء وإلى تدمير مقدسات الآخرين"..
وقال: "نعم الخطورة هنا، إذا وصلنا إلى مرحلة أن هناك من لا يقبل حواراً ولا منطقاً ولا جدالاً ولا عودة ولا نقاشاً، فالواجب هو في عزل هذا الاتجاه ومحاصرته، وإلا فإن هذا الاتجاه سوف يكمل في القتل وسفك الدماء، وتصل الأمور إلى مرحلة عدم إمكانية ضبط الارتدادات الخطيرة وردود الفعل القاسية التي توصلنا إلى الفتنة، ولا يبقى مكان لا للمراجع ولا للعقلاء ولا للحكماء ولا للكبار. يجب أن نحذر من ذلك اليوم، لا لنهول على أنفسنا، بل لندرك أن الخطر أمامنا وأن مسؤوليتنا يجب أن تكون جدية وحقيقية وحاسمة في معالجة هذا المأزق".
وأشاد سماحته بصبر الشعب العراقي لما يعانيه يومياً من تفجير وقتل جماعي وعمليات انتحارية تستهدف المساجد والكنائس والمدارس والمطاعم والأسواق، كما أشاد بحكمة المرجعيات الدينية في النجف وإيران، "ما يجعلها لا تجامل في أمر قد تواجه فيه سخط الجماهير وغضبها، لأن مسؤوليتها أن تستوعب هذا الغضب وهذا السخط، لا أن تترك الجماهير في الساحة تعبر عن رد فعلها كما تشاء وتذهب إلى النهاية، لأن هذا يخدم في الحقيقة أهداف أولئك الذين فجروا وقتلوا (..)".
ورأى سماحته أن الإدانة والاستنكار لا يكفيان، وأن مسؤوليتنا جميعاً أن نواجه هذه الفتنة، وأن ندعو إلى الموقف الموحد، وأن نثقف المؤمنين الذين جاؤوا إلى الإسلام.. وسأل: "بماذا نخاطبهم؟ على أي شيء نحرضهم؟ المسألة الحقيقية هنا، من هم أولئك الذين يخرجون من مساجدنا ومن صفوفنا ومن دروسنا، أي أولويات يفهمون؟ أي عدو نثقفهم عليه؟ من هو العدو؟ من هو الصديق؟ ما هي ضوابط العلاقة بين المسلمين؟ لا يكفي أن نجامل بعضنا في بعض المواقف هنا أو هناك، المسألة ترتبط بالتربية الحقيقية التي يمارسها كل منا في بيته ومسجده وجامعته ومدرسته وحوزته".
ورأى نصر الله أنه "في كل الساحات يوجد مجانين ويوجد سفهاء ويوجد شرفاء، ولكن من لا يستطيع أن يضبط أعصابه وسلوكه، هذه مسؤوليتنا كعلماء، وهذا هو التحدي الكبير".
ودعا نصر الله في الختام إلى وأد هذه الفتنة في مهدها، والعمل على محاصرتها والقضاء عليها، "لنفوّت على قوى الاستكبار العالمي، على الولايات المتحدة الأميركية التي هي المسؤول والمحرض، وهي التي تقف خلف عدد من هذه المجموعات التكفيرية". كاشفاً "أن عدداً من هذه المجموعات التكفيرية يعمل عند الـ"سي آي إيه" وعند القوات الأميركية التي تحتل العراق وتخدم أهداف الأميركيين".
قباني
ثم ألقى الشيخ قباني كلمة رأى فيها "أن الجريمة التي حدثت في سامراء هي مفضوحة وفاضحة، والهدف منها إيقاع فتنة الاقتتال بين السنة والشيعة، وأن الأمر لا يحتاج إلى تفسير أو تأويل". وقال: "إن أي فرد يمكن أن يسيء إلى وطنه ودينه، لكنه لا يعبّر عن الإسلام والمسلمين ولا عن الأمة"، لافتاً إلى أن هذه الجريمة مخطط لها وبتدبير محكم، بدليل "حصولها في وضح النهار وبطريقة مدهشة".
وتساءل: أي مصلحة للمسلمين في أن يستهدف أحد أهم المقدسات الدينية أكانت سنية أو شيعية؟ ولا يمكن لأي عاقل أبداً لا من السادة العلماء ولا من الجمهور العام أكان سنياً أو شيعياً، أن يقرر الاعتداء على الآخر".
ودعا قباني الدول العربية والإسلامية إلى التنبه من الوقوع في فخ الفتن المذهبية، مؤكداً أن المسؤول الأول عما حصل في سامراء هو الولايات المتحدة الأميركية التي تحتل العراق، مكرراً القول ان ما حصل ليس من تخطيط أفراد أو مجموعات بل من تخطيط دول.
ورأى أن هدف العدو الطامع بأرضنا هو أن يقتتل الشعب فيما بينه، وخاصة إذا كان الاقتتال دينياً.. داعيا إلى "الوحدة الإسلامية التي لا نريدها فقط خطبا، بل ثقافة في بيوتنا".
قبلان
وألقى الشيخ قبلان كلمة أكد فيها أن المصيبة التي وقعت في مدينة سامراء لم تكن بين السنة والشيعة، والذين قاموا بفعلتهم ليسوا سنة أو شيعة، هؤلاء مرتزقة باعوا أنفسهم للشيطان".
وقال: "علينا أن لا نحوّل القضية من السنة إلى شيعة، علينا أن نقول إن هناك خلافا بين المسلمين والخارجين عن الإسلام"، رافضاً اتهام الطائفة السنية في سامراء بارتكاب هذه الجريمة.
ودعا قبلان المسلمين إلى أن يعوا خطورة المرحلة، خصوصاً أن "إسرائيل" تخطط ولها نفوذ كبير في شمال العراق، وأن الموساد الإسرائيلي يتحرك في العراق دون حسيب أو رقيب. كما دعا إلى محاصرة من أسماهم بالخارجين عن الإطار الديني، وأن تحمي الدول المجاورة للعراق حدودها وتمنع المتطاولين والخارجين عن الدين والقانون من القيام بأعمال لا تخدم الإسلام، بل تضر به".
وإذ لفت إلى وجوب "حذف صفة المذهب عن الهوية واستبدالها بكلمة مسلم، ناشد قبلان أهل العراق أن يكونوا على مستوى العقلانية، والابتعاد عن التشنج، وأن يلتزموا بما ذهب إليه المرجع الأعلى السيد علي السيستاني وإخوانه من المراجع الذين أصدروا فتوى تحرم الاعتداء على مساجد السنة في العراق".
وطالب قبلان في ختام كلمته جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي بعقد اجتماع طارىء بهدف وقف هذا المد الجهنمي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توصيات اللقاء: التمسك بأهداف الوحدة الإسلامية وتحميل الاحتلال مسؤولية الفتنة
أذاع رئيس لجنة الحوار الإسلامي المسيحي محمد السماك التوصيات التي خرج بها المجتمعون وهي:
أولاً: اعتبار جريمة الاعتداء على ضريحي الإمامين الهادي والعسكري (ع) بمثابة اعتداء على المسلمين جميعاً وعلى مقدساتهم جميعاً.
ثانياً: التمسك بأهداف الوحدة الإسلامية في مواجهة هذه الجريمة وأي جريمة تستهدف مقدساتهم أو رموزهم الدينية، وإدانتها انطلاقا من الإيمان الواحد والعقيدة الإسلامية الواحدة.
ثالثاً: التنديد بالمجرمين الذين استباحوا حرمة موقع ديني حظي على مدى التاريخ باحترام المسلمين جميعاً، ودعوة السلطات العراقية المسؤولة إلى كشف عن هويتهم واعتقالهم وإنزال أشد العقوبات بهم أياً كانوا.
رابعاً: تحميل سلطات الاحتلال الأجنبية بحكم المعاهدات والمواثيق الدولية مسؤولية ما جرى ويجري في العراق من فتن تستهدف ضرب وحدته الإسلامية ووحدته الوطنية، ولا سيما منها الاعتداء على المواقع الدينية المقدسة الإسلامية والمسيحية على حد سواء.
خامساً: مناشدة الشعب العراق الشقيق، وخاصة العلماء الشيعة والسنة، عدم الانجرار وراء الفتنة السوداء المتنقلة التي تستهدفهم كما تستهدفنا جميعاً، والوقوف في وجهها قلباً واحداً لتعطيل مفاعيلها وتسفيه أصحابها وتفشيل أهدافها الخبيثة المدمرة.
سادساً: الإشادة بالمواقف الحكيمة إسلاميا ووطنياً التي اتخذها سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي السيستاني والمرجعيات الدينية في العراق وإيران بتحريم الاعتداء على المساجد واستخدام العنف منعاً لاستغلال الجريمة المنكرة، ولوأد للفتنة التي تثيرها وتحرص عليها عناصر مجرمة لا تمت إلى الدين والوطنية والإنسانية بصلة.
سابعاً: دعوة أئمة المساجد في لبنان إلى تخصيص خطبة الجمعة للتنديد بالجريمة المنكرة ولتأكيد التمسك بأهداف الوحدة الإسلامية.
ثامناً: إبقاء الاجتماعات مفتوحة بين صاحبي السماحة لمتابعة تطورات هذا الحادث المأساوي المفجع، واتخاذ الإجراءات والمواقف المشتركة.
الانتقاد/ موضوع الغلاف ـ العدد1150 ـ 24 شباط/فبراير2006