ارشيف من : 2005-2008

"زيارة رسمية" لوفد حزب الله الى طهران

"زيارة رسمية" لوفد حزب الله الى طهران

الانتقاد / خاص ـ العدد 1121 ـ 5 آب/أغسطس 2005‏

الإمام الخامنئي: على الشعب اللبناني والمسلمين اليقظة والوحدة لمواجهة الأخطار‏

طهران ـ محمد شمص‏

الزيارة الرسمية لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والوفد القيادي المرافق الى الجمهورية الاسلامية في ايران لم تكن الاولى التي لقيت حفاوة بالغة واستقبالاً متميزاً من القيادة السياسية في ايران، خاصة من سماحة الإمام السيد علي الخامنئي والرئيس المنتخب الدكتور محمد احمدي نجاد، فلطالما كان المسؤولون الايرانيون ينظرون بفخر واعتزاز أثناء مجالستهم الأمين العام لحزب الله بل يتشوقون لمشاهدته، ذلك على خلفية الاحترام والمودة المتبادلة، فهو قائد تلك المقاومة التي وصفها الإمام الخامنئي بأنها محل فخر واعتزاز للأمة وللعالم الاسلامي، وتحظى باحترام وتقدير الشعب الايراني برمته، لكن الأوضاع والتحديات الراهنة التي تمر على لبنان فرضت نفسها على الزيارة التي حملت طابعاً رسمياً، وتزامنت مع المتغيرات المتسارعة على الساحة اللبنانية، فكان الحديث عن المقاومة وسلاحها والأطماع الصهيو ـ أميركية في لبنان، واستهداف حزب الله عبر القرار الدولي رقم 1559 سائداً في معظم جلسات النقاش والمباحثات.‏

فالإمام السيد علي الخامنئي الذي أعرب عن اعتزازه بحزب الله والمقاومة في لبنان كان لافتاً اشادته وثناؤه على الذكاء والحنكة والمهارة السياسية لدى قيادة حزب الله، فضلاً عن مهاراته في الميادين العسكرية في اشارة الى الانتصار التاريخي الذي حققه على العدو الصهيوني في جنوب لبنان عام 2000.‏

كما أشار الإمام الخامنئي الى أن المنطقة تمر بأوضاع جديدة وحساسة ولا بد من فهمها بطريقة صحيحة لاعتماد القرارات واتخاذ المواقف المناسبة، مؤكداً ان الولايات المتحدة اصيبت بالهزيمة في المنطقة، واشارات ذلك في العراق ولبنان وايران، لكن هذا الأمر لا يعني الغفلة عن المخططات الاميركية التي تحاك لدول الممانعة في المنطقة، حيث دعا سماحته الشعب اللبناني والمسلمين الى اليقظة والحذر والوحدة لمواجهة الأخطار والتحديات.‏

وهنا استعرض السيد الخامنئي نتائج الانتخابات الرئاسية في ايران التي هنأ السيد نصر الله الإمام الخامنئي والشعب الايراني على نجاحها، وقال السيد الخامنئي ان الاقبال الواسع على صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأخيرة شكل صدمة للادارة الاميركية التي ظنت مخطئة ان الشعب الايراني أعرض عن الثورة الاسلامية وأدار ظهره عن النظام الاسلامي في ايران، لكن جاءت النتائج محبطة لآمالهم وأحلامهم.‏

الأمين العام السيد حسن نصر الله بدوره أثنى على دعم ووقوف الجمهورية الاسلامية الى جانب لبنان، وقال ان اللبنانيين بالحكمة والوحدة استطاعوا مواجهة المشروع الاميركي الاسرائيلي الذي يستهدف نزع سلاح المقاومة عبر القرار 1559، حيث جاءت نتائج الانتخابات النيابية خلافاً لمخططاتهم.‏

بهذا اللقاء الذي اتسم بالمودة والاخوة ختم وفد حزب الله لقاءاته وزيارته لايران، وكان بدأها بلقاء مع الرئيس المنتخب الدكتور محمود احمدي نجاد الذي فاجأ الجميع أولاً بخرقه الأعراف الدبلوماسية حين خرج لاستقبال الأمين العام، وثانياً بمواقفه التي أظهرت ان ايران بعد الانتخابات هي هي، بل ربما أكثر تمسكاً بمواقفها الداعمة لقضية المقاومة ولبنان حكومة وشعباً، حيث اكد الرئيس احمدي نجاد على أهمية دور المقاومة في مواجهة الأطماع والتهديدات الصهيونية، مشيداً بحزب الله وأدائه السياسي والفكري، وقال ان حزب الله مظهر الفكر الاسلامي الأصيل في لبنان، وهو يمثل الخط الأمامي للعالم الاسلامي.‏

وأضاف ان نجاحات وانتصارات هذه القوة الجماهيرية والمؤمنة في الميادين السياسية والثقافية والاجتماعية والعسكرية في لبنان هي حصيلة الإخلاص والتوكل على الله، مؤكداً ضرورة حفظ وتأصيل هذه الميزة كأداة رئيسية في مواجهة اعداء الاسلام.‏

واعتبر الرئيس احمدي نجاد أن حزب الله كقوة ذكية وواعية يشغل موقعاً مميزاً في قلوب مسلمي العالم، مضيفاً أن العالم الاسلامي لا سيما الشعب الايراني يتابع بحرص ودقة وحساسية وجدية بالغة التطورات في لبنان ومواقف ودور حزب الله فيها، مجدداً دعم الجمهورية الاسلامية للبنان حكومة وشعباً ومقاومة، وداعياً الى ضرورة تمتين الأواصر والعلاقات بين الشعبين اللبناني والايراني.‏

الأمين العام السيد نصر الله بدوره أكد أن مقاومة العدوان تشكل القضية الرئيسية ومحور مجمل التطورات اللبنانية، مشدداً على ان توجهات حزب الله تنصبُّ على مقاومة العدو والوقوف بقوة بوجهه، الا اننا نتسم بالمرونة والتسامح على الصعيد الداخلي، والتعاون والتفاهم مع القوى السياسية.‏

وضمن استعراضه للأحداث الأخيرة وتطورات الساحة اللبنانية المتسارعة قال السيد نصر الله ان حزب الله يتمتع اليوم بمكانة وتأثير في التطورات على الساحة اللبنانية، وعلى مستوى المنطقة أكثر من أي وقت مضى.‏

الرئيس المنتهية ولايته السيد محمد خاتمي الذي أعرب عن سعادته للقائه وفد حزب الله وهو يردد على الدوام احترامه وحبه للشعب اللبناني، كانت مواقفه ربما أكثر جلاءً وشفافية من ذي قبل، حيث اعلن بوضوح ان استراتيجية ايران تنص على تعزيز قوة حزب الله الذي هو حزب سياسي مستقل وإسلامي، وأن مشروع نزع سلاح حزب الله هو مجرد وهم.‏

كما دعا اللبنانيين الى الوحدة والتماسك لتفويت الفرصة على اعداء لبنان، وتخطي الأزمة الراهنة لما فيه مصلحة كل اللبنانيين.‏

أما الشيخ هاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي استغرق لقاؤه مع وفد حزب الله أكثر من ساعة ونصف، فقد تطرق الى تفاصيل تطورات الأوضاع السياسية في لبنان حيث تشتهر عنه الدقة في المتابعة، كما أن الملف اللبناني يحظى بعنايته الخاصة، وقالها باطمئنان وثقة كبيرة لوفد الحزب، ان حزب الله في موقع قوي، ولن تتمكن الولايات المتحدة من فرض ارادتها عليه، مجدداً عزم ايران على دعم حزب الله وضرورة تعزيز ما وصفه انتشار القوة الشعبية الحقيقية الوحيدة في لبنان باعتباره المدافع الوحيد عن هذا البلد في وجه التهديدات الأجنبية.‏

وفد قيادة شورى حزب الله الذي يضم الى جانب الامين العام سماحة السيد حسن نصر الله الشيخ نعيم قاسم والسيد ابراهيم امين السيد والشيخ محمد يزبك والسيد هاشم صفي الدين والحاج حسين خليل ومسؤول مكتب حزب الله في ايران السيد عبد الله صفي الدين، وقبل زيارته ضريح الإمام الخميني الراحل (قده) وقراءة الفاتحة الى روحه الطاهرة، التقى الوفد الرئيس السابق لمجلس الشورى الاسلامي الشيخ مهدي كروبي، بحضور عدد من النواب ومسؤولي الخارجية الايرانية، وتباحث الطرفان حول أوضاع المنطقة ولبنان وايران، وخلال تساؤل للشيخ كروبي حول وضع حزب الله والمقاومة بعد هذه الأزمة اجابه احد المسؤولين الايرانيين الرفيعي المستوى، وبلهجة تبعث على الثقة، قد رتّبوا اوضاعهم في لبنان، واطمئنوا عليها، وتجاوزوا الأزمة، لهذا هم يقومون حالياً بزيارة ايران.‏

وهنا أثنى الشيخ كروبي على دور المقاومة وحزب الله، وقال نحن والشعب الايراني نتابع بدقة وشغف اخبار لبنان وتطوراته، متمنياً ان يتجاوز اللبنانيون هذه المرحلة التي شعرنا ـ يقول كروبي ـ للوهلة الاولى انها قد تطيح بالاستقرار والسلم الأهلي في لبنان.‏

هي زيارة تكللت بالنجاح، فحزب الله أوصل وجهة نظره، وهي ليست غريبة اساساً لدى القيادة الايرانية التي أثنت على دور هذا الحزب، وجددت دعمها له ولمقاومته، انطلاقاً من كونه الخط الأمامي للعالم الاسلامي.‏

والزيارة ـ دون شك ـ حملت مجموعة رسائل لأعداء لبنان وأصدقائه، وربما اهمها ان ايران لا تزال تشكل العمق الاستراتيجي لجبهة الممانعة والمقاومة في المنطقة، وان المشروع الاميركي الصهيوني لن يكتب له النجاح ما دامت ارادة المواجهة شعاراً يعمل الاحرار في هذه المنطقة للحفاظ عليه، وعدم سلخه عن ضمير ووجدان الأمة الاسلامية.‏

2006-10-28