ارشيف من : 2005-2008

التظاهرة النقابية في الصحافة

التظاهرة النقابية في الصحافة

تظاهرة 10 أيار إنذار للحكومة‏

لم تُسقط تظاهرة 10 أيار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة على غرار تظاهرة 6 ايار 1992 التي أسقطت حكومة الرئيس عمر كرامي، لكنها شكلت بضخامة الحشد الذي ضمته ومضمون مطالبها النقابية والاجتماعية وخلفية القوى السياسية المشاركة فيها، "انذارا" قويا للحكومة، على الاقل من حيث رفض سياساتها المالية والاقتصادية وورقتها الاصلاحية المطروحة للمناقشة.‏

ذلك ان التظاهرة التي اعترف وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت بأن عدد المشاركين فيها تجاوز الـ250 الف شخص اي ربع مليون، وفقا لتقديرات قوى الامن الداخلي، عكست حرص القوى الثلاث الرئيسية التي دعمتها وهي "حزب الله" وحركة "امل" و"التيار الوطني الحر" على حصر المشاركين فيها بالقطاعات النقابية ولكن مع اعطاء الحشد الزخم الكافي لايصال الرسالة السياسية الى الحكومة وقوى14 آذار "بالكف عن الاستقواء بمنطق الاكثرية"، على ما اوضح احد اركان هذه القوى، خصوصا ان "لا قرار بعد باسقاط الحكومة". واذ بدا الحضور القوي لـ"حزب الله" طاغيا في التنظيم و"الانضباط"، فان ما اثير عن حضور "ضعيف" لـ"التيار الوطني الحر" عزاه "التيار" نفسه الى توجيهات اعطيت لاعضائه بعدم استعمال الاعلام البرتقالية وارتداء الثياب البرتقالية تجنبا لاحتمال حصول اعمال شغب يقوم بها مندسون لا علاقة لهم بالتيار وقد يلجأون الى رفع راياته تضليلا.‏

وفي اي حال، تميزت التظاهرة التي اعتبرت من اضخم التظاهرات النقابية التي شهدتها بيروت، بطابعها السلمي التام وسط حدود قصوى من الهدوء والانضباط، فلم يسجل اي حادث احتكاك بالقوى العسكرية والامنية التي نشرت بكثافة لحفظ الامن. كذلك تميزت بحدود قصوى من التعبير السلبي ضد الحكومة وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية.‏

ومع اعترافه بالطابع الديموقراطي للتظاهرة، قال رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ليلا لـ"النهار" ان "الامور تستلزم اقصى درجات الهدوء والتروي وليس النزول الى الشارع". وتساءل: "ماذا بعد التظاهرة؟ هل ادت الى معالجة افضل لمشكلة قائمة؟".‏

واضاف: "علينا ان ننظر الى مصلحة الناس على المديين المتوسط والطويل. وما حصل اليوم عمل ديموقراطي ولا يعتقدن احد اننا عشاق ضرائب. علينا ايجاد حل لا يكون موقتا. وانا لست من النوع الذي يهوى القيام بترتيبات سريعة لاسترضاء موقت. ولكي اكون صادقا مع الناس علي ان اقول ان هناك مشكلة واقترح حلولا لها على الا تكون الحلول موقتة‏

بل على المدى الطويل. في النهاية ان الحوار الهادئ البناء هو السبيل الافضل لمعالجة كل المشكلات وحماية مصالح الناس".‏

بري‏

في المقابل، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ"النهار": "لله الحمد فان ما حصل اليوم مر بسلام. وكما شاهدت وشاهد اللبنانيون نفذت التظاهرة بهدوء ومن دون اعتداءات او شغب او ضربة كف، ولم تكن هناك الا كلمة واحدة لمسؤول نقابي وبالتالي فان هذه التظاهرة يجب ادراجها في اطارها النقابي الصرف وليس اكثر من ذلك، ولا بد من ان يبدأ الان حوار ضروري بين الحكومة وهيئة التنسيق لان اهمية ما جرى تكمن في بدء هذا الحوار".‏

ولاحظ ان التظاهرة "احدثت نقلة من اجل التحاور لا من اجل المناكفات وخلق المشكلات"، لافتا الى ان النقابات ابدت استعدادا لذلك وهي طلبت منه مساعدة من اجل تحقيق التفاهم وانه ابدى استعدادا لذلك. وقال انه كان يأمل في ان يعود رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الى بيروت مساء الثلثاء من اجل تفادي التظاهرة. وهو كان اجرى اتصالا به في لندن لهذه الغاية، لكن تأخر السنيورة في العودة حال دون تأجيل التظاهرة. واضاف: "لعل ذلك خير، فهيئة التنسيق والمتظاهرون هم ابناء الدولة وعلى الحكومة التعاون للتوصل الى تفاهم".‏

ونفى ان تكون للتظاهرة اي علاقة بمؤتمر الحوار الوطني، مؤكدا استمرار هذا الحوار في موعده، مشيرا الى ان التظاهرة "هي حافز من اجل متابعة ما نحن في صدد الاتفاق عليه في الحوار".‏

عون‏

وقال العماد ميشال عون لـ"النهار" ان التظاهرة "اطلقت دينامية جديدة يقودها الشعب من جراء عجز السلطة والجمود في الاشهر الاخيرة. اما اذا لم تدرك الحكومة ابعاد هذه التظاهرة ولم تحاول معالجة المشكلة، فان هذه الدينامية التي هي البداية ستجتاح الحكومة".‏

واذ لم يستبعد اسقاط الحكومة في مرحلة لاحقة، اعتبر "ان لا فراغ في اللعبة الديموقراطية. في اللعبة العسكرية فراغ. اما في اللعبة الديموقراطية فان في الامكان ابدال الحكومة الحالية بأخرى. واذا رفضت الاكثرية فلتؤلف هي حكومة جديدة وتواصل المواجهة معنا".‏

واضاف ان ما حصل "كان اول الدينامية الشعبية التي ستكون اكبر بكثير. وآمل من السلطة في الا تلعب دور ماري انطوانيت. وهذا تحذيرنا لها".‏

واكد ان الاكثرية الحالية هي "وهمية بالوقائع وليس بالادعاء، وعليها العمل بجدية اكبر، ولا يمكنها الا ان تشارك القوى الاخرى في الحكم لا ان تلتزم سياسات حيال الخارج لا تستطيع تنفيذها وتعود على لبنان بالضرر".‏

ولم يستبعد عون ان يكون لـ"الدينامية الشعبية تأثير على الحوار الوطني تجميدا او تعديلا في مساره او حتى انهاء له. ان الجواب عند الحكومة. عندما ضعفت دينامية الحوار تحرك الشارع، فكيف اذا تجمد الحوار. ماذا سيحصل عندئذ؟".‏

المصدر: صحيفة النهار 11أيار/مايو 2006‏

2006-10-28