ارشيف من : 2005-2008

مندوب سوريا بالأمم المتحدة: الإرهاب مشكلة خطيرة ومتعددة الأبعاد

مندوب سوريا بالأمم المتحدة: الإرهاب مشكلة خطيرة ومتعددة الأبعاد

وصف الدكتور عبود السرّاج مندوب سورية إلى مؤتمر الأمم المتحدة لاستعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الجريمة المنظمة والذي أنهى أعمال دورته الثانية بمقر الأمم المتحدة في فيينا في الأسبوع الماضي، وصف الحرب الدائرة سراً وعلناً ضد الإرهاب بأنها "أشبه بالحرب ضد السراب".‏

ودعا إلى "ضرورة معالجة الأسباب والجذور الأساسية للإرهاب، وفي طليعتها الاحتلال الأجنبي والعدوان الخارجي والفقر".‏

وأعرب الدكتور عبود السرّاج وهو عميد سابق لكلية الحقوق في جامعة دمشق وأستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية، في تصريح أدلى به إلى مراسل (آكي) في فيينا عن اعتقاده بأن "مشكلة الإرهاب هي مشكلة خطيرة ولها أبعاد سياسية واقتصادية واستعمارية"، واستبعد القضاء عليها في ظل ما وصفه بـ "إرهاب الدولة المنظم الذي تقوم به بعض الدول".‏

كما استبعد الدكتور السرّاج احتمالات نجاح المجتمع الدولي في التوصل إلى حل توافقي شامل لاستئصال شأفة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه، وقال "إنه لا يعرف ما إذا كان أبناء ثلاثة أجيال مقبلة سيشهدون نهاية لهذه المعضلة بسبب ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، وفي ظل فشل الأمم المتحدة في الاتفاق على تحديد تعريف واضح وصريح لمصطلح الإرهاب". ورأى السرّاج أنه لا يمكن للدول العربية والإسلامية الخروج من دوامة ما يلفق بحقها وبحق أبنائها من تُهم الإرهاب، إلا إذا ارتفعت إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية، وبادرت إلى رصّ صفوفها، وتدعيم تضامنها وتعزيز وحدتها في مواجهة التحديات المصيرية التي تفرضها الإمبريالية الأميركية والصهيونية، على حد تعبيره.‏

وكان السرّاج ألقى محاضرة نظمتها جمعية الأطباء السوريين في العاصمة النمساوية تحت عنوان "أضواء على القوانين التشريعية الجديدة في سورية"، أوضح فيها أن عمليات التحديث الهيكلي والقانوني تسير في الاتجاه الصحيح ولكن ببطء. وتحدث عن أهمية تعزيز علاقات التواصل وتوثيق الجسور بين المغتربين السوريين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم وبين وطنهم الأم سورية، منوهاً بالدور البارز الذي تقوم به في هذا المجال وزارة المغتربين في الحكومة السورية، وقال إن وزيرة المغتربين الدكتورة بثينة شعبان، وبالتنسيق مع وزارات الخارجية والداخلية والاقتصاد، بادرت بعد انتهاء مؤتمر المغتربين السوريين إلى تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر، والاستفادة من إيجابيات ظاهرة العولمة والانترنت، ولا سيما بعدما أصبح العالم أشبه بقرية كونية صغيرة.‏

وانتقد الدكتور السرّاج الروتين في دوائر الدولة، وتوقف ملياً عند عدد من العقبات والتجاوزات التي تواكب عملية تطبيق القوانين والأنظمة والتشريعات المدنية في سورية، وفي طليعتها قانون خدمة العلم ودفع البدل، وقانون تشجيع وضمان الاستثمارات في المجالات الاقتصادية والصناعية والعقارية والسياحية، وقانون صرف العملات الأجنبية، ونظام البنوك والتحويلات المصرفية، والقوانين المتصلة بالتجارة والتصدير والاستيراد ومكافحة آفة الفساد التي وصفها بـ "أم الخبائث"، ومكافحة الجرائم الاقتصادية والتجارية. وأعرب السرّاج عن الأسف لكون مجموعة من الشوائب ما تزال تعتور تطبيق غالبية القوانين المرعية الإجراء في سورية، وباتت بأمس الحاجة إلى التحديث والتطوير. ولكنه استدرك قائلا "إن عملية التطوير والإصلاح الهيكلي تتم على قدم وسائق، وإن عملية التحديث ستشمل جميع المرافق العامة وأجهزة الدولة، وبما يضمن تعزيز سيادة القانون وتكريس العدالة والمساواة والنظام الديمقراطي وحقوق الإنسان، وفتح باب الاستثمار أمام جميع المغتربين السوريين والعرب والأجانب.‏

وفي هذا السياق، أشار السرّاج إلى القانون الجزائي الذي تمّ تحديثه في العام 2000، فأوضح أن القانون القديم الموضوع عام 1968 كان يعاقب كل من يقوم بتهريب 25 دولاراً أميركياً أو ما يعادلها بالعملة السورية إلى الخارج بالحبس بين 15 و25 سنة، أي ما يفوق الحكم على متهم بارتكاب جريمة قتل، والذي يُعاقب بالسجن 15 سنة.‏

وأضاف قائلاً: "إن القانون الجزائي الجديد في سورية غيّر نمط عقوبة إخراج العملات الأجنبية أو السورية واعتمدها جنحاً يُعاقب المتهم فيها بالسجن ما بين 5 و10 سنوات.‏

كما أكد الدكتور السرّاج أن عملية تحديث وتطوير القوانين والتشريعات في سورية ستشمل كذلك قانون خدمة العلم بحيث ينص على تخفيض قيمة بدل الإعفاء بالنسبة للطلاب السوريين المقيمين أو المولودين في الخارج أو الذين يتابعون تحصيلهم الجامعي في الخارج، بالإضافة إلى تسريع عملية منح أو تجديد جوازات السفر، وتسهيل عودة المغتربين وتشجيعهم أبنائهم الطلاب على زيارة سورية والاشتراك في دورات تدريبية لتعليم اللغة العربية أو متابعة دراستهم في مختلف مراحل التعليم.‏

وتناول السرّاج الفساد واعتبرهما من أخطر آفات العصر وقال إن إحصائيات الأمم المتحدة تؤكد أن الدول الأعضاء لم تقم بمصادرة سوى 10 % من قيمة عائدات جرائم الاتجار غير المشروع بالمخدرات، مشيراً إلى أنه حتى خلال تنفيذ عقوبة الإعدام بحق اللصوص في أوروبا سُجل ارتكاب عدد من حوادث السرقة بين الجمهور.‏

وقال إن المرسوم 6 بشأن الاستثمار في سورية هو مرسوم قديم ولا يتماشى مع التطورات الراهنة، وأكد أن قضية الاستثمار في سورية كانت ولا تزال قضية معقدة، وشدّد على القول إن رأس المال جبان. كما أوضح الدكتور السرّاج بأن السلطات السورية بصدد إلغاء إجراءات معينة كانت تطلب من بعض السوريين المسافرين قبل حصولهم على جوازات السفر، أو الطلب من المغتربين العائدين مراجعة بعض الدوائر الأمنية أو المخابرات العسكرية، وقال "هناك توجه رسمي الآن نحو إلغاء مثل هذه التدابير لأنها تشكل إحراجاً كبيراً لأصحاب العلاقة وتسيء للمواطن وتتسبب بتضييع وقته في الانتقال من دائرة إلى أخرى. وخلص الدكتور السرّاج إلى تأكيد اتجاه قوي لتخفيض بدل الإعفاء من الخدمة العسكرية، بالإضافة إلى إلغاء الموافقة المسبقة لعودة أو مغادرة المغتربين بدون مراجعة الدوائر الأمنية أو المخابراتية.‏

المصدر: وكالات ـ وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء‏

2006-10-28