ارشيف من : 2005-2008
تزايد الانتقادات الدولية لتونس بشأن حقوق الإنسان

قبل أيام من انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية في العاصمة التونسية ( 16 و 18 من الشهر الجاري) ، تتعرض الحكومة التونسية لانتقادات متزايدة بسبب ما يوصف "بإجراءاتها التي تقيد حقوق الإنسان وتحد من حرية التعبير في البلاد".فمنذ تفجر أزمة الرابطة التونسية لحقوق الإنسان التي تم منعها من عقد مؤتمرها في 21 من شهر أيلول / سبتمبر الماضي، بموجب حكم من المحكمة، عاد هذا الملف ليطفو على السطح وليثير تفاعلات شتى على المستويين المحلي والأوروبي.وفي آخر التطورات، يستمر الإضراب عن الطعام الذي بدأه ثمانية ممثلين لأحزاب محظورة وناشطين في مجال حقوق الإنسان، منذ 18 تشرين الأول الماضي ، حتى اليوم، في محاولة من قبل ناشطي المجتمع المدني والحقوقيين لـ"حث الحكومة على إعطائهم حق الحركة والعمل".
وقد تم نقل اثنين من المضربين إلى المستشفى بسبب تدهور حالتهم الصحية.وفي هذا السياق، وجه رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، مختار طريفي، انتقادات حادة لسياسة الحكومة التي "أدت إلى تدهور وضع حقوق الإنسان في البلاد بصورة مقلقة في الفترة الأخيرة".وفي مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء الفرات "وكالة خاصة في هولندا"، على هامش مشاركته في نقاشات البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ حول نفس الموضوع، أعرب عن "استغرابه أن تعقد القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية في بلد يعتقل فيها عدد من الناس لا جريمة لهم سوى استعمال شبكة الإنترنت"، مشيراً إلى أن"هناك الكثير من المواقع على شبكة الإنترنت تقوم الحكومة بحجبها تماماً".
ولدى سؤاله حول فاعلية الإضراب الذي يقوم به الناشطون، أجاب طريفي "بعد أن فشلت كل جهودنا السلمية السابقة في حث الحكومة على إطلاق حرية التعبير وتحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد، لجأنا إلى شكل آخر من النضال السلمي"،"أي أن الجسد هذه المرة هو الذي يعمل على المطالبة بالحقوق". وأشار إلى أن "منظمات المجتمع المدني تتعرض لضغوط كبيرة من جانب الحكومة التونسية ولدينا الكثير من الجمعيات والمنظمات غير المعترف بها، على الرغم من أنها موجودة على الأرض، لا تتمكن من العمل والتحرك بحرية" وأكد " تعرّض الكثير من الناشطين للاعتداءات وتعاني الجمعيات من ممارسات وضغوط شديدة تؤدي إلى عرقلة عملها.
وأشار إلى أن "كل مؤسسات المجتمع المدني المستقلة عن العمل الحكومي تجد نفسها حاليا في هذا الوضع الحرج والحكومة تنتهج سياسة قمعية على مختلف الأصعدة وتتحملها كل القطاعات".كما أضاف طريفي أن "الدولة تسيطر تماماً على الصحافة التي لا تتمتع بحرية التعبير" "فالوضع الآن بالغ السوء وجامد عموماً".
وأشار طريفي إلى أن "هناك في تونس حاليا 500 معتقل سياسي ترفض السلطات الإفراج عنهم, وظروف اعتقالهم غير إنسانية"، معرباً عن "استنكار منظمات المجتمع المدني في تونس، للإجراءات التي تتخذها الحكومة، خاصة قبل انعقاد القمة، والتي أدت إلى تدهور وضع حقوق الإنسان، في الوقت الذي من المفترض أن تعمل فيه على تحسين هذا الوضع".ومن بروكسل، أجمع المسؤولون الأوربيون على انتقاد إجراءات الحكومة التونسية تجاه ملف حقوق الإنسان، خاصة في هذا الوقت حيث "من المفترض أن تعمل الحكومة على تحسين صورتها على الصعيد الدولي".
ووضعت البعثة البرلمانية الأوروبية، التي زارت البلاد منذ حوالي شهرين تقريراً ضمنته انتقادات قوية للسلطات الرسمية بسبب ما تقوم به من "انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان وتقييد لحرية التعبير" وقالت النائبة الأوروبية هيلين فلوتر، في هذا التقرير أن "اختيار تونس لاستضافة القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية لم يكن مناسباً بالضبط".وبعد ذلك تلتها زيارة، بينيتا فيريرو فالدنر، المفوضة الأوروبية المكلفة الشؤون الخارجية وسياسة الجوار،إلى العاصمة التونسية حيث تحدثت إلى القيادة التونسية بشكل واضح ضرورة دفع الأمور باتجاه تحسين شروط عمل منظمات المجتمع المدني، تنفيذاً لاتفاق الشراكة الموقع بين الطرفين منذ عشر سنوات.وعلى الجانب الرسمي التونسي، أكدت مصادر حكومية أن الجدل الدائر حالياً ما هو إلا "محاولات لتشويه صورة البلاد" التي "تتمتع بإعلام حر وتستطيع الجمعيات الأهلية ممارسة نشاطها".ورأت المصادر الحكومية أن التقارير الطبية المعطاة حول الحالة الصحية للمضربين "مبالغ فيها وتهدف إلى تضليل الرأي العام"وأكدت المصادر الحكومية أن هذا الإضراب "لا معنى له لأن القانون التونسي يضمن للجمعيات المرخصة حق العمل بحرية".
بروكسل ـ وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء