ارشيف من :آراء وتحليلات
باختصار: هو الصبح بات قريبا

كتب محمد يونس
مشهدان يختصران مدى الانحدار الذي وصل إليه البعض ممن نصب على مقدرات الأمة، في المشهد الأول صورة تظهر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يشد على يد وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني وهو يبتسم للمصورين، وفي المشهد الثاني جرافة اسرائيلية تقوم بإزالة خيمة أقامتها عائلة فلسطينية بالقرب من بيتها الذي استولى عليه مستوطنون صهاينة.
في المشهد الأول تشعر بحرارة اللقاء أما في الثاني فتشعر بمرارة الذل والتشريد وبرودة الخريف المقبل على الشتاء.
مشهدان آخران، الأول صورة لزعيم عربي كبير يقارع الكؤوس بحرفية ومهارة مع الرئيس الأميركي جورج بوش في البيت الأبيض، والثاني صورة لأشلاء عائلة في أفغانستان أو العراق بعد غارة حاقدة نفذتها طائرات أميركية على المنزل.
في المشهد الأول تشعر بحرارة الأقداح وهي تتقارع وفي المشهد الثاني تشعر بحرارة الحديد والنار وهما يمزقان أجساد الأطفال والنساء.
هذا باختصار هو حال امتنا اليوم، أناس لم يعد يمنعهم خجل من إشهار عمالتهم فيتمتعون بزبد هذه الخيانة ولو إلى حين، وأناس خلت الدنيا من ناصر لهم ومعين وذائد عن عيالهم وعرضهم وبيوتهم فيختبرون طعم الحرية والعزة والكرامة المضرج بدمائهم.
لقد وصلنا إلى نهاية المطاف، وصلنا إلى المرحلة التي لم يعد فيها أصحاب المشهد الأول قادرين على ارتداء الأقنعة، وباتوا يدركون أن هوة تفصل بينهم وبين شعوبهم، فأصبح لزاما عليهم اللجوء إلى الأسياد ليستمدوا منهم قوة فرضهم على الشعوب ومقدراتها، كما أن هذه الشعوب باتت مدركة لكل علاقات هؤلاء "الزعماء" الخفية والمشبوهة، ولم يعد بالإمكان الضحك عليهم، فعيونهم صارت منيعة أمام الرماد المذر.
قد يكون في هذه المشاهد ما يشبه السخرية لكنها أيضا مؤشرات ضوئية على اقتراب النفق المظلم من نهايته والليل الأليل من أفوله، فالصبح بات أقرب مما يتوقعه الكثيرون.
الانتقاد/ العدد1317 ـ 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
مشهدان يختصران مدى الانحدار الذي وصل إليه البعض ممن نصب على مقدرات الأمة، في المشهد الأول صورة تظهر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يشد على يد وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني وهو يبتسم للمصورين، وفي المشهد الثاني جرافة اسرائيلية تقوم بإزالة خيمة أقامتها عائلة فلسطينية بالقرب من بيتها الذي استولى عليه مستوطنون صهاينة.
في المشهد الأول تشعر بحرارة اللقاء أما في الثاني فتشعر بمرارة الذل والتشريد وبرودة الخريف المقبل على الشتاء.
مشهدان آخران، الأول صورة لزعيم عربي كبير يقارع الكؤوس بحرفية ومهارة مع الرئيس الأميركي جورج بوش في البيت الأبيض، والثاني صورة لأشلاء عائلة في أفغانستان أو العراق بعد غارة حاقدة نفذتها طائرات أميركية على المنزل.
في المشهد الأول تشعر بحرارة الأقداح وهي تتقارع وفي المشهد الثاني تشعر بحرارة الحديد والنار وهما يمزقان أجساد الأطفال والنساء.
هذا باختصار هو حال امتنا اليوم، أناس لم يعد يمنعهم خجل من إشهار عمالتهم فيتمتعون بزبد هذه الخيانة ولو إلى حين، وأناس خلت الدنيا من ناصر لهم ومعين وذائد عن عيالهم وعرضهم وبيوتهم فيختبرون طعم الحرية والعزة والكرامة المضرج بدمائهم.
لقد وصلنا إلى نهاية المطاف، وصلنا إلى المرحلة التي لم يعد فيها أصحاب المشهد الأول قادرين على ارتداء الأقنعة، وباتوا يدركون أن هوة تفصل بينهم وبين شعوبهم، فأصبح لزاما عليهم اللجوء إلى الأسياد ليستمدوا منهم قوة فرضهم على الشعوب ومقدراتها، كما أن هذه الشعوب باتت مدركة لكل علاقات هؤلاء "الزعماء" الخفية والمشبوهة، ولم يعد بالإمكان الضحك عليهم، فعيونهم صارت منيعة أمام الرماد المذر.
قد يكون في هذه المشاهد ما يشبه السخرية لكنها أيضا مؤشرات ضوئية على اقتراب النفق المظلم من نهايته والليل الأليل من أفوله، فالصبح بات أقرب مما يتوقعه الكثيرون.
الانتقاد/ العدد1317 ـ 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008