ارشيف من : 2005-2008

السيد فضل الله في خطبة الجمعة: لبنان أول بلد ديموقراطي في المنطقة وأميركا حولته إلى ورقة ضغط، هناك خطة أميركية لإغراقنا بالخلافات وإشغالنا بسوريا وإيران لا "إسرائيل"، مواقف العرب توحي بأنهم أسقطوا القضية الفلسطينية والتزموا الإسرائيلية

السيد فضل الله في خطبة الجمعة: لبنان أول بلد ديموقراطي في المنطقة وأميركا حولته إلى ورقة ضغط، هناك خطة أميركية لإغراقنا بالخلافات وإشغالنا بسوريا وإيران لا "إسرائيل"، مواقف العرب توحي بأنهم أسقطوا القضية الفلسطينية والتزموا الإسرائيلية

ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية وجمهور غفير من المؤمنين. ومما جاء في الخطبة السياسية: "في المشهد الأميركي - الإسرائيلي، يستعيد اللبنانيون ذكرى مجزرة قانا التي حصد فيها الطيران الإسرائيلي أكثر من مئة مدني، بين طفل وامرأة وشيخ وشاب ممن لجأوا الى خيمة من خيم السلام التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة الى مجازر أخرى في أكثر من قرية لبنانية. وقد وقفت الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن لتدافع عن حليفتها ولتمنع الأمم المتحدة من إدانة إسرائيل ولتعاقب الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك الذي أصر على تقديم تقرير يدين المجزرة، لأن أميركا تبرر كل المجازر الصهيونية ضد لبنان وفلسطين والعالم العربي. ومن المضحك المبكي أن الرئيس الأميركي بوش الذي استقبل رئيس وزراء لبنان يتغزل بلبنان الحر السيد المستقل ويتمنى لبيروت استعادة دورها في المنطقة تماما كما لو كانت أميركا هي التي ساعدت في هذا الاستقلال الذي أسقطته‏

"إسرائيل" في اجتياح عام 82 تحت غطاء أميركي، ولم تساعد أميركا في استعادته وانسحاب المحتل من أرضه بل استعاده اللبنانيون بفضل المقاومة الإسلامية اللبنانية التي بذلت دماء وأرواح شبابها المجاهد الحر من أجل سيادته الحرة". أضاف: "تحدث الرئيس بوش عن لبنان بأسلوب غزلي إنشائي من دون أن يقدم أي مساعدة للبنان في اقتصاده وأمنه، ولم يتحدث عن العدوان الإسرائيلي اليومي المتكرر في اجتياح أجواء لبنان وأرضه وبحره، ولم يبادر الى تقديم المساعدات المالية التي قد تقدم حلا للمشكلة الاقتصادية في لبنان، في الوقت الذي نراه فيه يقدم في كل سنة المليارات للعدو من أجل القوة العسكرية التي تمكنه من الاعتداء على المنطقة بما في ذلك القوة النووية المدمرة تنفيذا لخطته في أن تكون إسرائيل الأقوى أمام العالم العربي والإسلامي، فيما يستمر مع مساعديه بتوجيه التهديدات والتهاويل إلى إيران في مسألة ملفها النووي السلمي. إن أميركا لم تمنح لبنان الديموقراطية فهو كان منذ الأربعينات البلد الديموقراطي الوحيد في المنطقة، وإذا كان قد أصيب ببعض التعقيدات والأزمات فإن أميركا تحركت من أجل تحويله الى ورقة ضغط لحساب مشروعها في الشرق الأوسط الكبير لمصادرة المنطقة كلها على صورة احتلالها للعراق الذي حولته السياسة الأميركية الى ما يشبه الفوضى الأمنية والأزمة السياسية والحرمان الخدماتي والاستغلال الاقتصادي والمجازر الوحشية التي تتحرك تحت سمع الاحتلال وبصره وبتسهيل مخابراتي بالتعاون مع الموساد، ولا تزال الأوضاع القلقة تسيطر على هذا البلد الجريح الذي كلما حاول التحرر أصيب بضربة قاصمة تعيده الى المشكلة الصعبة المعقدة". وتابع: "هناك من جانب آخر، الخطة الأميركية - الإسرائيلية - الأوروبية التي تعلن الحرب على الشعب الفلسطيني لتعاقبه اقتصاديا وسياسيا، ولتشجع العدو على معاقبته عسكريا بالقصف الصاروخي والقتل العشوائي والاعتقال المتحرك من دون أي استنكار دولي مما يسمى زورا وبهتانا بالمجتمع الدولي الذي يبرر للمحتل احتلاله وينكر على الشعب مواجهته للاحتلال ويعتبر المواجهة إرهابا كما حدث في العملية الاستشهادية في تل أبيب التي انطلقت المواقف الدولية، وحتى العربية لتحتج عليها من دون أن نسمع أي استنكار أو احتجاج على المجازر الوحشية الإسرائيلية اليومية ضد الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي نعرف فيه أن هذه العمليات تنطلق كرد فعل على مجازر العدو، إذ لا يملك الشهداء غير هذا الأسلوب الذي يتحول فيه المجاهد الى قنبلة ضد المحتل". وقال: "نتابع الخطة الغربية في الضغط على الدول العربية لتمنعها من مساعدة الحكومة الفلسطينية، حتى أن بعض العرب رفض استقبال وزير الخارجية الفلسطيني تحت حجج لا تثبت أمام منطق الواقع. إن الجميع يطلبون من هذه الحكومة الاعتراف بإسرائيل ولا يطلبون من العدو الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والانسحاب من أرضه وتنفيذ خطوط المفاوضات مما يوحي بأن العالم العربي قد أسقط القضية الفلسطينية من حسابه والتزم القضية الإسرائيلية خضوعا للسيد الأميركي الضاغط على الأنظمة بمختلف الوسائل التي يرتجف منها الكثير من الحكام العرب الذين أصبحوا حكاما على شعوبهم لحساب أميركا". أضاف: "نريد للبنانيين أن يعرفوا جيدا أن أميركا التي أيدت إسرائيل في انتهاكها لكل قواعد القانون الدولي في مجازرها في لبنان وفلسطين، ليست صادقة في المطالبة بالتزام الشرعية الدولية في قراراتها إلا بما يؤكد مصالحها والمصالح الإسرائيلية، كما في بعض القرارات الإسرائيلية التي فرضتها على الأمم المتحدة كالقرار 1559 وغيره مما صفق له الكثير من الساسة اللبنانيين، في الوقت الذي رفضت فيه إسرائيل التزام القرارات الدولية كالقرارات 194 و242 و338 وغيرها مما منعت فيه أميركا إدانة حليفتها في ذلك. نريد للبنانيين ألا يصدقوا أميركا في حديثها الغزلي عن لبنان وأن يعملوا على تأكيد وحدتهم الوطنية وأن يؤكدوا استقلالهم وسيادتهم بالاستعداد لصنع القوة في مواجهة العدو والتركيز على دراسة مشاكلهم المعقدة على الصعيد الاقتصادي والسياسي وأن يكون لهم الوعي المنفتح على لعبة الأمم التي تريد إرباك العالم العربي في علاقاته ببلدانه كنتيجة لبعض التعقيدات المفروضة عليه وتحريك الفتنة المذهبية والطائفية بين شعوبه وأن ينطلق الحوار بعيدا عن تأكيد الذات الشخصانية والحزبية بل بالطريقة العقلانية الموضوعية التي تراعي مصلحة الوطن والشعب". وقال: "المسألة أن هناك حركة للعبث بالأمة كلها في سياستها وأمنها واقتصادها، والخطة هي أن يغرق لبنان بالخلافات التي تحاول أميركا إثارتها في مواقعها المتحركة لإشغال اللبنانيين بالكثير من الجدل العقيم ليعتبروا أن سوريا وإيران هما المشكلة وليست إسرائيل، بالتهوين من الخطر الإسرائيلي والتشديد على ما يسمونه خطر المقاومة، لأن البعض يرفض القوة الواقعية التي تنطلق من الداخل ويريد القوة المفروضة عليه من الخارج تحت تأثير الشروط المتنوعة التي لا تمنح البلد قوة

واستقلالا بل تحاول نقله من وصاية الى وصاية تحت شعارات لا علاقة لها بالحرية والسيادة". وختم: "علينا أن نبقى مع شعبنا الطيب الذي دفع الكثير من جهده وأعطى الكثير من حركته في سبيل وجوده الإنساني الفاعل الذي يأخذ موقعه الحضاري بين الشعوب ليستمر في هذا الخط الأصيل.‏

2006-10-28