ارشيف من : 2005-2008
بيان عن المكتب الإعلامي للسيد فضل الله يسجل على الرئيس المصري افتقاره إلى الدقة في رصد حركة المسلمين الشيعة

سجّل بيان صدر عن المكتب الاعلامي لآية الله السيد محمد حسين فضل الله، على الرئيس المصري حسني مبارك، افتقاره إلى الدقة في رصد حركة المسلمين الشيعة، مؤكداً أن الشيعة مخلصون لأوطانهم، وقدّموا الغالي والنفيس دفاعاً عنها، مشيراً إلى أن موقف الرئيس المصري جاء مغايراً للحركة المصرية في لبنان ومحيطه المثيرة للاهتمام. ودعا سماحته في البيان إلى حركة عربية وإسلامية وحدوية تتّسم بالحسم في مواجهة الاحتلال الأمريكي للعراق، مشدداً على أهمية وجود تعاون مصري إيراني للحفاظ على الكيان الإسلامي كله، محذّراً من التركيز على الجانب الطائفي في الخطاب العربي الرسمي وغير الرسمي، مشيراً إلى أن المسلمين الشيعة ينطلقون في خطّ الولاء للإسلام ولأوطانهم، ولذلك فهم أصيلون في هذا الولاء وهذا الانتماء. وقد جاءت هذه المواقف لسماحته في إطار بيان أصدره تعليقاً على كلام للرئيس المصري، مفاده أن ولاء أغلبية المسلمين الشيعة لإيران أكثر مما هو لبلادهم وأوطانهم، وفيما يلي نص البيان:
"في الوقت الذي كان اللبنانيون ومعهم العرب يتابعون بكثير من الاهتمام السعي المصري لرأب الصدع داخل الساحة اللبنانية والحركة المصرية المثيرة للاهتمام لتوطيد العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي والإسلامي، فوجئوا، ومعهم العرب والمسلمون، بالموقف الأخير للرئيس حسني مبارك، الذي حاول التأكيد فيه أن أغلب الشيعة يوالون إيران وليس دولهم. ولعلّ المفاجأة الكبرى تنطلق من أن هذا الموقف لا يتّسم بالدقة، ويأتي مغايراً للحركة المصرية في لبنان ومحيطه، وفي توقيت أقل ما يقال فيه إنه غير موفق، حيث إن الأمة تنتظر حركة عربية وإسلامية وحدوية تتّسم بالحسم في مواجهة الاحتلال الأمريكي للعراق، لتحميله المسؤولية حيال المشهد اليومي الدامي هناك، من خلال الفوضى الأمنية التي أحدثها، أو من خلال تشجيعه المباشر أو غير المباشر للمجازر التي يرتكبها التكفيريون في العراق. إننا نسجّل على الرئيس المصري افتقاره إلى الدقة ـ ربما من خلال عدم وصول التقارير الدقيقة له ـ في رصد حركة المسلمين الشيعة، وخصوصاً الشيعة العرب، في إخلاصهم لأوطانهم، وذودهم عنها، وتقديم الغالي والنفيس في سبيل قضايا الأمة الكبرى، وفي طليعتها القضية الفلسطينية التي ظلّت حاضرة في حركتهم السياسية والجهادية، وفي ثقافتهم التعبوية، بالطريقة الثابتة والأصيلة، في الوقت الذي تنكّر الكثيرون لهذه القضية، لا بل عملوا على التحرّر منها، فيما وقفت الجمهورية الإسلامية في إيران لتدعم الشعب الفلسطيني وانتفاضته بكل ما تستطيع. إنّ علاقة المسلمين الشيعة بإيران، سواء في جانبها الثقافي أو في جانبها السياسي، تنطلق من كونها تمثّل قاعدة أصيلة في مواجهة الاستكبار العالمي، وفي دعمها للقضايا العربية، ينبغي ألا تثير تعقيدات أحد، وخصوصاً في الساحة العربية، كما أن علاقات المسلمين السنّة بمصر ينبغي ألا تثير أية تعقيدات، بل إن المطلوب هو أن تنطلق مصر ببعدها الإفريقي والإسلامي، لترفد إيران ببعدها الآسيوي والإسلامي، لتشكّل الدولتان العماد الأساسي لتعزيز الوحدة الإسلامية والحفاظ على الكيان الإسلامي كله، وليكون تعاونهما في هذا الخط مع بقية الدول والحركات الإسلامية والتحررية والعروبية، الأساس لصون الأمة كلها من الفتنة التي أطلق شرارتها المحتل الأمريكي، وجرى التقاطها من قِبَل الجماعات التكفيرية التي لا تعيش همّ الإسلام في كل حركتها المدمّرة ومآسيها الدامية التي تمثل وصمة عار داخل الساحة العربية والإسلامية. إن الخطورة، كل الخطورة، تكمن في أن يبدأ الخطاب العربي الرسمي أو غير الرسمي في التركيز على الجانب الطائفي أو المذهبي، والانسياق وراء الأوضاع التي يعمل المحتل الأمريكي لتعزيزها على حساب الواقع الإسلامي، وعلى حساب شعوب المنطقة وسلامها وقضاياها الكبرى، وأن نتناسى الجرائم الكبرى التي ترتكبها إسرائيل يومياً ضد الفلسطينيين، أو نتعامى عن المخطّط الكبير لإسقاط الأمة كلها واحتوائها، وندخل في حسابات الوهم التي يبحث فيها هذا الفريق أو ذاك عن النصر الذاتي بعيداً عن قضايا الأمة ومصيرها... إن المسلمين الشيعة لا يتنكرون لواجباتهم الإسلامية، ولا لمتطلبات دورهم العربي، ولا يمكن لأحد التشكيك في انتمائهم ودورهم الوطني جنباً إلى جنب مع أخوانهم من المسلمين السنّة، ومع بقية الطوائف والمجموعات في العالم العربي، فهم الذين وقفوا مع أخوانهم السنة في العراق، ومع السلطة العثمانية ضد الاحتلال الإنكليزي في ثورة العشرين، لتأكيد وحدتهم الإسلامية في مواجهة الاحتلال، وهم الذين قدموا التضحيات الجسام لتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، وعملوا على صيانة البلد وحمايته، وعلى وحدة بنيه في أخطر المراحل وأصعبها، وحيث كانت طروحات التقسيم تتداولها الأطراف الدولية، وحتى بعض الجهات المحلية. إن المسلمين الشيعة ينطلقون في خط الولاء للإسلام كله، والتزام الحكم الشرعي الذي يجعلهم يفاخرون بالعلاقات مع أخوانهم المسلمين العرب أو من القوميات الأخرى، ولذلك، فهم أصيلون في هذا الولاء لإسلامهم، وفي هذا الانتماء لأوطانهم من البلدان العربية إلى الباكستان وأفغانستان وغيرهما، والمطلوب تمتين اللحمة في داخل الأمة لحماية قضاياها، وصون وحدتها في مواجهة المستكبر والمحتل الأجنبي، الذي يستبيح كل شيء، وخصوصاً في فلسطين والعراق".