ارشيف من : 2005-2008
السيد فضل الله: المرحلة تهددنا جميعاً وتنذر بالسقوط الكياني للجميع

ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، ومما جاء في الخطبة السياسية " "إن أميركا تعمل على التدخل السياسي في لبنان، من خلال حلفائها والذين يضغطون على المقاومة لنزع سلاحها تحت تأثير حجج غير واقعية، في الوقت الذي لا يملك فيه هؤلاء أية خطة دفاعية واقعية للدفاع عن لبنان ضد العدو الإسرائيلي في تهديداته واعتداءاته المتواصلة, هذا بالإضافة الى إرباك العلاقات السورية ـ اللبنانية، وإبقاء الاهتزاز المتحرك من خلال بعض المحاور المعادية لانفتاح لبنان على محيطه العربي، في خط التكامل الأمني والسياسي والاقتصادي الذي هو القاعدة لازدهار الوطن في نموه وتطوره". ودعا شعوب المنطقة في العالمين العربي والإسلامي "أن يرتفعوا الى مستوى المسؤولية في مواجهة هذا الخطر الأميركي ـ الإسرائيلي، الذي انضم إليه التحالف الأوروبي، من أجل تأكيد القاعدة الاستقلالية وتخطيط التكامل والتواصل الاقتصادي، وتوحيد الجهود والطاقات في عملية صنع القوة، ولا سيما في دعم الحكومة الفلسطينية الجديدة التي يراد إحكام الحصار عليها لمنعها من تنفيذ مشاريعها التنموية". اضاف "إن المرحلة الحاضرة تهددنا جميعا، وتنذر بالسقوط الكياني للجميع، في الوقت الذي تزداد فيه إسرائيل قوة ونزداد فيه ضعفا، وخصوصا عندما تتحرك بعض الأنظمة لتنفيذ المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي في الضغط على الواقع العربي والإسلامي".
وتساءل سماحته "لماذا يلجأ السياسيون الى إدارة الحوار حول قضايا البلد خارج نطاق المؤسسات التي هي الساحة التي تفرض على الجميع أن يعالجوا فيها قضاياهم في نطاق الدولة التي تتكامل في مؤسساتها؟" مضيفاً "أليس هذا دليلا على عدم الثقة بالمؤسسات التي أصبحت موقعاً للتجريح والمهاترات وإثارة الشتائم والسباب والأساليب اللامسؤولة؟".
وحول الورقة الإصلاحية للحكومة قال سماته "إذا كانت الحكومة تتحدث عن مشروعها الإصلاحي، فإننا نتساءل مع الشعب، هل يحمل هذا المشروع المزيد من الضرائب التي تثقل كاهل الناس، وخصوصاً الطبقات المحرومة، وهل تحل لها مشاكلها الاقتصادية؟ ثم، هل يمكن حل المسألة الاقتصادية بدون حل المسألة السياسية التي تنظم للبلد مواقع المسؤولية في عملية التخطيط العلمي لمواجهة التحديات الصعبة التي يضج من خلالها الفقراء في المناطق المحرومة؟ وهل هناك في المشروع الإصلاحي خطة دفاعية تمنع العدو من الاعتداء على البلد؟ وهل هناك خطة لتوفير فرص العمل للشباب حتى لا تصادرهم الهجرة؟ وكيف نمنح المعلمين والموظفين والعمال حقوقهم التي يستطيعون فيها العيش الكريم؟ إنها أسئلة تفرض على الدولة وعلى المتحاورين دراستها قبل أن يسقط البلد تحت تأثير الإفلاس الاقتصادي والانهيار المالي، بعد أن وقع تحت تأثير الإفلاس السياسي. ليست هذه الأسئلة أسئلة التحدي، ولكنها أسئلة الصراخ الشعبي الغارق في مشاكله المصيرية".
وقال السيد فضل الله "في المشهد الأميركي تعترف وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية أن إدارتها "ارتكبت آلاف الأخطاء التكتيكية في المنطقة، ومنها احتلال العراق", والسؤال: من هو الذي يدفع ثمن هذه الأخطاء ولاسيما إذا كانت نتائجها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وماذا تنتظر المنطقة من الأخطاء الجديدة التي ربما تكون في حجم الاستراتيجية بما يتصل بمصائر الشعوب التي لا تحترمها الإدارة الأميركية في سياستها المرتكزة على مصالحها الاستكبارية، وهذا ما تمارسه ضد الشعب الفلسطيني في الدعم المطلق لـ"إسرائيل" في مشاريعها الاستيطانية، ومحاصرتها له في اقتصاده بقطع المساعدات عنه عقوبة لحكومته المنتخبة". اضاف:"إن الإدارة الأميركية تعمل على إرباك الواقع السياسي في العراق بالضغط عليه في تحديد رئيس حكومته الذي يتمتع بالترشيح الديموقراطي حسب الدستور، ثم في منع أية حكومة سابقة أو لاحقة من الحصول على عناصر القوة الأمنية والاقتصادية، والإعلان المستمر بأنها سوف تبقى جاثمة في احتلالها على أرض العراق من خلال قواعدها العسكرية الجديدة، وإبقاء الفوضى الأمنية التي تجتاح العراقيين وتصنع المأساة في بلادهم من خلال التفجيرات والمجازر اليومية المتنقلة، وقد كان آخرها المجزرة الوحشية في النجف الأشرف". "إن شعوب المنطقة ترى في أميركا السرطان السياسي والأمني الذي يمنع الناس من الاستقرار، ويهدد تطورهم ونموهم الاقتصادي تحت شعارات خادعة لا تلتزم بها هذه الإدارة، كحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ونشر الديموقراطية بل إنها تحركها كعناوين لتبرير سيطرتها على العالم". وتابع: "ولعل من بين هذه الوسائل موقفها من الملف النووي الإيراني السلمي، الذي تثير ـ من خلاله ـ الحرب الديبلوماسية ضد إيران، وتضغط على الاتحاد الأوروبي لمشاركتها في ذلك، وتصل بالأمر الى التهديد العسكري, ثم توجه الهجوم الى إيران في استعداداتها العسكرية الضاربة للدفاع عن نفسها، بينما تتحالف مع "إسرائيل" لإعلان تهديدها ضدها، وتبرر لها امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل".