ارشيف من : 2005-2008
الرئيس الحص: الإصلاح يكون شاملاً أو لا يكون ومدخله يبدأ من السياسة لربط تنمية الموارد بالنشاط الاقتصادي العام وعدم التسرع في الخصخصة

علّق الرئيس سليم الحص في بيان أصدره باسم "منبر الوحدة الوطنية" على الورقة الإصلاحية التي ستطرح على طاولة مجلس الوزراء اليوم ومما جاء في البيان:
أولاً: تنص الورقة على زيادات في بعض الرسوم والضرائب التي ستأتي في ظرف يعاني فيه المواطن من ازمة معيشية خانقة من جراء استشراء ظاهرة البطالة في صفوف اليد العاملة، كما من جراء ركود ملحوظ في الحركة الاقتصادية العامة، الامر الذي سيترتب عليه ارهاق ذوي الدخل المحدود والفقراء بأعباء لا يتحملونها. اما ترداد القول ان الزيادات المطروحة تطال الطبقة الميسورة فلا يبدو مقنعاً. ان تنمية موارد الدولة ينبغي ان تكون في هذه الحالة مرتبطة ليس في زيادة معدلات الرسوم والضرائب، بل في شكل اساسي في تنمية النشاط الاقتصادي العام، وبالتالي تنمية الدخل القومي الذي تتعاظم معه مداخيل الدولة.
ثانياً: علمتنا التجارب ان الاصلاح يكون شاملا او لا يكون، فعبثا الحديث عن اصلاح اقتصادي ومالي دون اصلاح سياسي واجتماعي واداري وحتى ثقافي، فإن ترك الفساد في طرف من جسم الدولة، لن يلبث ان يتفشى في سائر اطرافه. فأين هي رؤية الاصلاح الشامل؟.
ثالثاً: ان المدخل الطبيعي الى الاصلاح الشامل هو الاصلاح السياسي، ومفتاح الاصلاح السياسي هو قانون الانتخاب. فأين هو قانون الانتخاب الاصلاحي؟. ومن مسلمات الاصلاح ان يكون هناك صالحون مصلحون بين اهل القرار. فأين هؤلاء في الطبقة السياسية الحاكمة؟. من هنا نقول بأسبقية الاصلاح السياسي.
رابعاً: تفتح ورقة الاصلاح باب الخصخصة. وأخشى ما نخشاه، تحت ضغط دعوات المسؤولين في دول كبرى، ان يغدو لبنان فريسة الرأسمالية المتوحشة التي تبشر بها الدول الكبرى خارج حدودها ولا تتبناها داخل حدودها. لا يجوز السير في طريق الخصخصة العشوائية او الشاملة. فالخصخصة لا بد ان تكون انتقائية، مبنية على دراسة وافية لكل حالة في الموازنة بين الايجابيات والسلبيات التي قد تترتب على كل منها ماليا واقتصاديا واجتماعيا في المديين المباشر والابعد، خصوصا في وجود اشكالية مهمة تتعلق بما يمكن وما لا يمكن خصخصته من المرافق. فالمرافق التي يسهل خصخصتها هي المجزية، اي التي تسجل ارباحا مثل قطاع الخلوي. والمرافق التي يتعذر خصخصتها هي الي يلازمها العجز، اي التي تسجل خسائر سنوية، مثل مؤسسة كهرباء لبنان. فالاشكالية تتلخص بالتساؤل: اذا كان المرفق مجزياً تستفيد الخزينة من عائداته، فلماذا تعمد الدولة الى التفرغ عنه بالخصخصة؟ صحيح ان الخزينة تستفيد من الوفر الناجم عن انخفاض الفوائد التي تدفع على دين مسدد بحصيلة الخصخصة، لكن الصحيح ايضا ان الخزينة ستخسر عائدات المرفق الذي يباع وهي كبيرة. ولا ننسى في اي حال ان المرافق المرشحة للخصخصة هي عموما ذات طابع احتكاري، ان سلم امرها الى المستثمرين فقد يأتي ذلك على حساب مصالح المستهلكين. اننا ندعو الى عدم التسرع في مشاريع الخصخصة، خصوصا خصخصة الهاتف الذي يدر على الخزينة عائدات هائلة، وهو ذو طابع احتكاري ان لم يكن في احادية الملكية، ففي التواطؤ بين المشغلين في حال وجود اكثر من مشغل. وبين خصخصة الملكية وخصخصة الادارة، فإن خصخصة الادارة عند الحاجة تبقى هي الافضل. اخيرا، ان رفع الدعم عن اسعار المحروقات، بحيث تغدو تلك الاسعار متماشية مع اسعار النفط العالمية، سيكون سببا آخرا لمزيد من الاعباء المعيشية على المواطن قد لا يستطيع تحملها. والحل يكون في اتفاقات تعقد مع الدول المنتجة للنفط لتأمين اسعار خاصة".