ارشيف من : 2005-2008
السيد فضل الله حذر اللبنانيين من خلفيات الخطة الاميركية الاسرائيلية الاوروبية ورفض تحميل المساعدات الدولية للبنان ألف شرط وشرط

ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين. ومما جاء في الخطبة السياسية: "في الخطة الأميركية سعي متواصل لتحريك الحرب السياسية والاقتصادية والعسكرية ضد إيران، بحجة اتهامها باستخدام الخبرة النووية لإنتاج السلاح النووي، في محاولة للتعاون مع بريطانيا وفرنسا، الدولتين الخاضعتين للسياسة الأميركية في الضغط على العالمين العربي والإسلامي، وخصوصا إيران وسوريا وفلسطين، لحسابات إسرائيلية في التحالف الجديد الذي يدعم أميركا في خططها الاستكبارية، ويساعد إسرائيل في ضغوطها على الفلسطينيين، وفي حصارها للشعب الفلسطيني أمنيا وسياسيا واقتصاديا، وحربها على العرب والمسلمين، مما يجعل من الاتحاد الأوروبي محورا جديدا للعداوة ضد العالمين العربي والإسلامي بعد أن كان يمثل التوازن والاعتدال في علاقته بالمنطقة". "وفي الخطة الأمريكية في بعض التفاصيل, تقديمها الى مجلس الأمن الدولي القرار الفرنسي الصياغة، الأميركي السياسة والأهداف، في نطاق العلاقات بين لبنان وسوريا حول ترسيم الحدود لتثبيت هوية مزارع شبعا، كمدخل لإنهاء دور المقاومة الإسلامية، ليفسح المجال للدولة اللبنانية التي لم تبادر أميركا الى مساعدتها ومساعدة جيشها بالقوة التي يحتاجها كجيش يملك الدفاع عن البلد حتى في مواجهة العدوان الإسرائيلي، بل إن الشرط الأميركي الأساس هو عدم استخدامه ضد إسرائيل عند الحاجة، في الوقت الذي نجد فيه تصاعدا في المساعدة الأميركية لإسرائيل لتكون أقوى قوة في المنطقة، حتى ضد المنطقة كلها، لأن التحالف الأميركي ـ الصهيوني موجه ضد العالم العربي والإسلامي المتمثل الآن في الاحتلال الأميركي المتعاون مع العدو في العراق وأفغانستان، وفي التهديد العسكري لإيران، وفي استخدام الحلف الأطلسي لخدمة حاجات إسرائيل الأمنية.. وفي هذا الاتجاه، يتضمن القرار الضغط لإقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا، مع العلم أن ذلك ـ كما في سابقه ـ من الشؤون الداخلية بين البلدين التي لا علاقة لمجلس الأمن الدولي بها". اضاف:"أما القرار الثاني فيتعلق بإيران ومشروعها لتخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، وهو قرار إسرائيلي في جوهره حتى لو كان مقدما من المندوب الأميركي ومعه بريطانيا وفرنسا، وذلك لحساب إضعاف أية دولة في المنطقة تسعى لأخذ مواقع القوة لحماية استقلالها ومصالحها الحيوية، وكل ذلك لحساب مصالح هذه الدول وغيرها من دول الغرب التي ترى في الشعوب المستضعفة مصدرا لاستغلال مواردها الطبيعية وأسواقها الاستهلاكية لحساب الاستكبار العالمي". وتابع: "أما موقع لبنان من ذلك، فإن هذه الدول تستخدمه من خلال بعض مواقع النادي السياسي اللبناني المنسجمة مع الخط السياسي الأميركي ضد سوريا، في التعقيدات السلبية في أكثر من حالة انتقامية أو ثأرية مغطاة بغطاء الرغبة في العلاقات المميزة، ولكن لا لحساب لبنان بل لحساب المصالح الأميركية في الضغط على سوريا، ليكون ذلك جسرا للضغط على الحكومة الفلسطينية الجديدة ولمصلحة امتداد الاحتلال الأميركي للعراق، وللوصول الى محاصرة إيران لا في ملفها النووي فحسب بل في سياستها الداعمة لمواقع الحرية، وفي مواجهتها لحركة الاستكبار. وبذلك، يتحول لبنان السياسي الى أداة لإشغال سوريا بنفسها سياسيا، وربما إذا لزم الأمر عسكريا، في حين أن الهدف إيران ومعها فلسطين وقبلها العراق. والسؤال: ما هي مصلحة لبنان في هذه الخطة الأميركية ـ الإسرائيلية ـ الأوروبية، وهل يملك هذا البلد الصغير أن يكون جسرا للمشاريع الاستكبارية في مشروع الشرق الأوسط الكبير، وفي الفوضى "الخلاقة"، وفي استنزاف الطاقات والثروات الطبيعية من المنطقة لحساب الشركات الاحتكارية". وحذر اللبنانيين من خلفيات هذه الخطة الجهنمية التي تجعل البلد ممرا للاستعمار ومقرا لمخططاته في العمق الواقعي للسياسة، بالرغم من نفي الحكومة اللبنانية لذلك, وقال: "إننا كنا ولا نزال نؤكد عدم رفضنا المساعدات الدولية للبنان، ولكننا نرفض أن تكون محملة بألف شرط وشرط أو وسيلة للضغط على شعوب المنطقة، ولا سيما الشعوب العربية والإسلامية في سوريا وفلسطين والعراق وإيران. وعلى الجميع أن يدرسوا تاريخ خطط الآخرين في الواقع اللبناني، في لعبة الأمم التي قد تنتج الفوضى من جهة والحرب من جهة أخرى". وقال: "وفي هذا المناخ الفوضوي الأميركي، لا يزال الوضع العراقي يعاني من المجازر اليومية التي تحصد الأبرياء من المدنيين، أطفالا ونساء وشيوخا، في حماية قوات الاحتلال الأميركي بطريقة غير مباشرة، وفي حركة مخابرات الموساد التي تعبث بالأمن العراقي بكل الوسائل الإجرامية بما فيها إثارة الفتن الطائفية والعرقية وتصفية العلماء العراقيين ممن يملكون الطاقات العلمية في الجامعات وغيرها". "والى جانب ذلك، فإن الإرباك السياسي الذي تشرف عليه السفارة الأميركية في ب
غداد، والمسؤولون الأميركيون الذين يزورون العراق بين وقت وآخر، يعمل للتدخل في شؤون تشكيل الحكومة العراقية بالضغط على أكثر من فريق سياسي عراقي من هذه القائمة أو تلك، من أجل أن لا تنطلق حكومة وحدة وطنية تخطط لانسحاب المحتل من العراق". "أما فلسطين، فإنها تعيش في ظل عمليات الاغتيال اليومية للمجاهدين وحصار الشعب كله وتجويعه ومنعه من إقامة دولته الحرة المستقلة، من خلال غطاء أميركي وأوروبي وعربي للضغط على الحكومة الفلسطينية التي انتخبها الفلسطينيون بكل حرية، لأنها لا تنسجم مع الخطة الأميركية الإسرائيلية ـ وربما العربية ـ في إبقاء واقع السلطة الفلسطينية تحت رحمة المناخ السياسي الذي لا يسمح لحركة شعبية ديموقراطية إسلامية أن تؤكد عملية الإصلاح والتغيير لمصلحة الفلسطينيين بكل صدق وأمانة". وختم:" إننا نلاحظ أن المنطقة كلها ـ وفي مقدمها لبنان ـ تنتقل من اهتزاز سياسي الى اهتزاز سياسي آخر، لأنه لا يراد لها أن تستقر في ظل حالة اللااستقرار العامة، وعلينا أن نعرف كيف نثبت أقدامنا على الأرض الصلبة، لندرس المستقبل بطريقة حذرة واعية تعرف كيف تكتشف الآفاق الضبابية والخلفيات الخطرة، حتى نملك أمورنا ونعالجها من خلال إرادتنا الحرة القوية التي تؤكد للشعوب حريتها واستقلالها وقوتها وتطورها في اتجاه الإصلاح والتغيير، وتهيء المناخات الصالحة للحوار من أجل مستقبل يعيش فيه الإنسان إنسانيته، ويجمع الأطياف الثقافية والسياسية على قاعدة مشتركة تنفتح على مواقع القوة، من أجل أمة واحدة قوية تبحث عن موقعها المشرق في مطلع الشمس".