ارشيف من : 2005-2008

آية الله فضل الله: القرار 1559 الذي يطالب بنزع سلاح المقاومة والمخيمات ليس من أجل أمن لبنان بل من أجل أمن "إسرائيل" التي لا يزال خطرها اليومي يسيطر على أجوائه وأراضيه

آية الله فضل الله: القرار 1559 الذي يطالب بنزع سلاح المقاومة والمخيمات ليس من أجل أمن لبنان بل من أجل أمن "إسرائيل" التي لا يزال خطرها اليومي يسيطر على أجوائه وأراضيه

ألقى آية الله سماحة السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور من المؤمنين. ومما جاء في الخطبة السياسية:‏‏

"مرت علينا ذكرى الاحتلال الإسرائيلي الكامل لفلسطين في 5 حزيران 67، الذي لا زال مستمرا تحت سمع الأمم المتحدة وبصرها وبمساعدة أميركا وأكثر من دولة أوروبية وغير أوروبية من الدول الكبرى، بالرغم من قراري 242 و338 المجمدين في أرشيف الأمم المتحدة التي لا يجرؤ أمينها العام على المطالبة بتنفيذهما، وعلى إرسال مبعوثه الى الدولة العبرية لاستعجال ذلك كما يفعل الآن بالإسراع في تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559, المتعلق بلبنان في نزع سلاح المقاومة والمخيمات، وتطويق الواقع السياسي اللبناني الانتخابي والأمني بإرادة أميركية وفرنسية تتحرك في نطاق النفوذ الفرنسي في لبنان، وفي الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، الأمر الذي تمتد مفاعيله السياسية والاقتصادية وربما الأمنية على سوريا لإخضاعها للمطالب الأميركية الضاغطة في فلسطين والعراق، في الوقت الذي لا تزال فيه الضغوط الهائلة على الدول العربية التي سقطت سياسيا أمام أميركا بالضربة القاضية، فلا تملك أية دولة منها الاعتراض على أية إرادة أميركية تتصل بأوضاعها الداخلية أو بالأوضاع العربية، ولا سيما بما يرتبط بالقضية الفلسطينية التي أُريد لها أن تسقط لحساب الخطة الصهيونية على مستوى السياسة والجغرافيا والأمن، وتبقى تحت تأثير الوعود الأميركية في إقامة الدولة الفلسطينية الغارقة في امتدادها وصورتها وقدرتها على الحياة في الضباب".‏‏

"ولا تزال إسرائيل تصادر أراضي الفلسطينيين، وتجرف مزارعهم، وتشردهم من بيوتهم لمصلحة الجدار العنصري الفاصل والمستوطنات في الضفة الغربية، من دون أن يرتفع صوت أميركي أو أوروبي في الضغط على "إسرائيل"، في الوقت الذي نرى فيه وزير خارجية بريطانيا يصر على اعتبار حركة حماس منظمة "إرهابية" لأنها "تستخدم العنف"، ولكنه لا يتحدث عن إرهاب الدولة الصهيونية في العنف المتنوع الذي تمارسه على الشعب الفلسطيني، فلا يمضي يوم إلا ويسقط أكثر من شهيد أو جريح أو معتقل من هذا الشعب الجريح الذي لا يستعمل السلاح إلا للدفاع عن نفسه وعن أرضه وعن حريته واستقلاله.. إن بريطانيا تتحمل المسؤولية السياسية المعنوية التاريخية في احتلال اليهود لفلسطين، ولذلك فإننا نلاحظ أنها تخضع للخطة الأميركية في اضطهاد الشعب الفلسطيني بعيدا عن قضية الحرية وحقوق الإنسان".‏‏

ومن جانب آخر، "إننا نتابع السياسة الأميركية في العالم العربي والإسلامي لنجد أن الإدارة الأميركية تقوم بدور الوكالة عن "إسرائيل" في ملاحقة كل الدول في المنطقة بالضغط، فهي تضغط على سوريا لحساب تأييدها للشعب الفلسطيني تحت عنوان دعم الإرهاب، كما تضغط على إيران في مشروعها النووي السلمي وفي موقفها السياسي من أجل أمن إسرائيل".‏‏

"إن مشكلتنا مع أميركا هي أنها لا تحترم حرياتنا واستقلالنا، وإذا كانت تتحدث عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فإننا نجد في هذا الحديث الكثير من النفاق السياسي، لأن أهدافها الاستراتيجية تتحرك في اتجاه مصالحها المتنوعة في المنطقة على حساب مصالحنا الحيوية".‏‏

" نرفض سياسة الإدارة الأميركية في خطط اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد التي ترتكز على قاعدة تحويل العالم الى ساحة حروب متنقلة تنشر القتل والدمار تحت عنوان مكافحة الإرهاب الذي يختزن في داخله مواقع المعارضة للسياسة الأميركية، والذي يثير الفوضى الهدامة بمختلف الوسائل, ولهذا، فإن العالم قد أصبح بفضل سياسة هذه الإدارة أقل أمنا وأكثر دمارا، وهذا هو الذي جعلها تفشل في احتلالها للعراق وأفغانستان، وتتخبط في تدخلها في لبنان الذي لم تكن سياستها موجهة لتحرير شعبه، ولكن للضغط على سوريا لحساب المسألة الفلسطينية والعراقية، وهكذا فإن القرار 1559 الذي يطالب بنزع سلاح المقاومة والمخيمات ليس من أجل أمن لبنان بل من أجل أمن "إسرائيل" التي لا يزال خطرها اليومي يسيطر على أجوائه وأراضيه".‏‏

"ولا يزال العراق الذي يعاني من ضغط الاحتلال الأميركي، والإرهاب التكفيري، يدفع في كل يوم الضحايا والشهداء من شعبه، بالإضافة الى السقوط الاقتصادي والأمني، في نزيف دام مستمر من دون أي ضوء في نهاية النفق، وفي إثارة للحالة المذهبية من جهة والعرقية من جهة أخرى، وفي الفوضى السياسية التي لم تستطع الانتخابات إخراج البلد منها".‏‏

وتطرق الى الوضع في لبنان فقال:"أما في لبنان الذي تتحرك فيه التحالفات الانتخابية بطريقة ملتوية وغير مستقيمة، حيث تخضع المسألة لعملية ربح الأصوات بدلا من أن تنطلق في العناوين الإصلاحية، وفي القضايا الكبرى. إن المستقبل كم هو عدد الأصوات لدى هذا الفريق أو ذاك الفريق في مسألة الربح والخسارة، وليست هي في انتصار المبادئ والاتجاهات المصيرية، وهذا ما يتحرك به الناخبون في المزيد من الصراخ والانفعال والهرولة وراء العاطفة السطحية للأشخاص الذين فشلوا في التجربة الماضية، أو الذين لا يملكون أية تجربة.‏‏

والسؤال: أين هم شباب "14 آذار" التي يتحدث عنها الكثيرون،وأين قياداتهم، هل نستعيد التاريخ المعقد أو أننا نصنع تاريخ المستقبل ".‏‏

وختم:"إننا لا نريد توزيع الاتهامات ولكننا نتساءل: كيف نصنع حركة الوعي، وانتفاضة المستقبل، وإنسان الإرادة الحرة الذي يرفض الوصاية الأجنبية الجديدة التي تفرضها السفارات، بعد تخلصه من الوصاية القديمة. وهل يبقى لبنان في أساليب الكيدية على طريقة "كلما دخلت أمة لعنت أختها؟‏‏

ويبقى السؤال الذي لن يجيب عليه أحد حول تخطيط البرنامج الصادق الواضح: أي لبنان نريد في صراخ الشعب كله للذين صنعوا المأساة، من أين لك هذا، وأين ضاع مال الدولة، وكيف سقط الاقتصاد أمام الدين العام ".‏‏

2006-10-28