"السادة رؤساء الدول والحكومات السيد الأمين العام للأمم المتحدة السيدات والسادة، يشكل لقاؤنا اليوم المرحلة الثانية من البحث المعمق الذي استهل في جنيف في العام 2003 حول مجتمع المعلوماتية، وقد شهدت الفترة الممتدة بين هذين الموعدين نموا مضطردا لاستخدام التقنيات الالكترونية والمعلوماتية، ما يضعنا امام تحدي ايجاد استراتيجيات هي بحد ذاتها في تجدد دائم. لنبادر أولا الى الملاحظة ان هذا النمو لم يحصل من دون مخاطر. اننا نختبر بشكل يومي، صعوبة التوفيق بين فيض رسائل الاتصالات الحديثة، من جهة، وضرورة احترام حق الفرد في الخصوصية. كذلك، فان علم الجينات يفتح بالطبع للطب آفاقا كانت للامس القريب غير متوقعة، الا ان عمليات التلاعب التي قد تطاول هذا العلم تجعل من الجنس البشري عرضة لاخطار من السهل توقعها للاسف. واخيرا، فان احتكار وسائل الاعلام الالكترونية من قبل من هو في موقع القوة او الغنى، لأمر يهدد بفرض نموذج ثقافي وحيد على امتداد كوكبنا، وذلك على حساب التنوع الذي يشكل مصدر الغنى الاول لحضاراتنا. من هنا، فان من صلب أولويتنا ضرورة اعتماد نموذج مؤسساتي يحض على تطوير تقنيات المعلوماتية الحديثة، ويساهم في الحد من تحويراتجاهاتها بشكل لا يتلاءم مع قيمنا ولا مع المثال الانساني الذي تقوم عليه مجتمعاتنا. وان هذا النموذج قد شكل مصدر الاستلهام لاتفاقية التعددية الثقافية التي أقرتها، منذ وقت قريب، الجمعية العمومية للاونيسكو، وهي اتفاقية لاقت من قبل لبنان دعما قويا، يطيب لي في هذه المناسبة ان احيي هذا النموذج. كذلك، فان مجتمعاتنا، وقد عبرت عن مدى تعلقها برؤية تعددية لعصر المعلوماتية الذي دخله عالمنا، مدعوة لان تضاعف افادتها من التقنيات الحديثة، كي تؤكد اكثر فاكثر خصوصيتها وتظهر مدى قدراتها الابداعية. ان هذا لامر حتمي في ميدان الثقافة، ومن الواجب ان يكون كذلك في الميدان الاقتصادي، فمن خلال اتساع مفهوم لا مركزية القدرات الانتاجية، المحصورة سابقا بالغرب الصناعي، تفتح المعلوماتية اليوم للعالم الاقل نموا، حتى الان، آفاقا برفاهية جديدة. وأكثر، فان المعلوماتية، وقد ساهمت في تطوير نظم ادارة الدول، غدت محرك الادارة الرشيدة، وهو أمر يجب ان يتضاعف يوما بعد يوم، كشرط لدخول بلداننا في آسيا وافريقيا والشرق الاوسط في الحداثة".‏