ارشيف من : 2005-2008

لنائب الحريري: تقرير ميليس خطوة اولى في مسار الكشف عن الحقيقة ونعلن قبولنا بنتائجه للمضي في متابعة جوانب التحقيق ورفعها إلى محكمة دولية للاقتصاص من الجناة

لنائب الحريري: تقرير ميليس خطوة اولى في مسار الكشف عن الحقيقة ونعلن قبولنا بنتائجه للمضي في متابعة جوانب التحقيق ورفعها إلى محكمة دولية للاقتصاص من الجناة

وجه رئيس كتلة "المستقبل " النيابية النائب سعد رفيق الحريري رسالة الى اللبنانيين لمناسبة صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجاء فيها:‏

"في اليوم الخمسين بعد المئتين، دقت ساعة الحقيقة، لتعلن باسمكم وباسم كل الشرفاء في وطننا وفي العالم العربي والعالم، أن دم الشهيد رفيق الحريري ودماء رفاقه في مسيرة الحرية والكرامة والسيادة والشهادة لن تذهب هدرا. وأن الجناة الذين خططوا للجريمة الإرهابية، وشاركوا في تنفيذها وتغطيتها، سيتم سوقهم بإذن الله، إلى المصير الذي يستحقونه. وإذا كانت المسؤولية السياسية، تقتضي مني في هذه اللحظة التاريخية، أن أترفع عن مشاعر الغضب حيال الكثير من الوقائع والتفاصيل التي وردت في تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة الإغتيال، فإن الواجب يقتضي مني، في المقابل، أن أرفع باسم كل اللبنانيين نتائج هذا التقرير، إلى روح الشهيد العظيم رفيق الحريري وأرواح الشهداء الأبرار الذين سقطوا في مذبحة الرابع عشر من شباط".‏

وأضاف" إن الله سبحانه وتعالى أراد أن تظهر بشائر الحقيقة في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان، وعلى عتبات ليلة القدر، التي أعزها رب العالمين، بأنها خير من ألف شهر. وكأن القدر هو على موعد جديد مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، الذين يتطلعون إليكم من جنات الخلد إن شاء الله، كي تأخذ العدالة مجراها الكامل، وكي يكون هذا اليوم، يوم العبور من الحقيقة إلى إحقاق الحق، وإنهاء مسلسل الإجرام والإرهاب، بحق لبنان وشعبه وقياداته. إن رفيق الحريري لم يستشهد بالصدفة. وهو الذي حمل، مع كل اللبنانيين الشرفاء، مشروع انقاذ لبنان، واسترداد سيادته وحريته، على مر السنين الماضية، مدركا المخاطر الجسيمة التي كانت تتربص به، وتحاول تصفية هذا المشروع بكل الوسائل. فقد سبق جريمة الرابع عشر من شباط محاولات اغتيال سياسية عدة، استهدفت تعطيل مشروع رفيق الحريري، واستخدمت في سبيل ذلك، كل أشكال الضغوط والتهديد، التي ناءت بها كرامته الشخصية، لعشرات المرات، وما كان لها أن تتمكن من صلابته في مواجهة التحديات. فعلوا ذلك في العام 1998، وكرروا التجربة في العام 2000، ثم بعد مؤتمر باريس2، ثم قبل التمديد، وبعد التمديد لرئيس الجمهورية، رغما عن إرادة اللبنانيين، وفي مخالفة دستورية لا شرعية، غير مسبوقة في تاريخ لبنان. وبين هذا الموعد وذاك، مسلسل طويل جدا جدا، من الحملات، والإساءات، والأفخاخ السياسية. ورفيق الحريري في المقابل، يرفض تسليم البلاد لنظام الوصاية الأمنية، ورموزه في الداخل والخارج. فشلوا في اغتياله سياسيا، فاغتالوه جسديا.أرادوا، بالمصطلح الشائع، إزاحته من الساحة الوطنية اللبنانية.أصبح رفيق الحريري خطرا كبيرا على مشروعهم. أصبح خطرا على نظام الوصاية والتسلط. أصبح خطرا على أدوات ابتزاز لبنان والدولة اللبنانية. نظموا الجريمة، وأعدوا العدة الكاملة للمجزرة. وكان لهم الرابع عشر من شباط. بعد الرابع عشر من شباط، ارتفعت رايات الحقيقة في كل لبنان، وباتت مطلبا لكل اللبنانيين. وفي الرابع عشر من آذار، وصولا إلى هذه اللحظة، اكتشف القتلة، أن مشروع رفيق الحريري يزداد قوة، وأن الشعب الذي وجه أصابع الاتهام، بعيد الساعات الأولى لوقوع الجريمة، لم يخطئ الهدف.‏

وقال"إن الشعب الذي وجه أصابع الاتهام، بعيد الساعات الأولى لوقوع الجريمة، لم يخطئ الهدف، وأن الالتفاف حول شعار الحقيقة لأجل لبنان، كان أعظم بما لا يقاس، مما توقعه المجرمون. إننا اليوم أمام منعطف جديد في حياتنا الوطنية والسياسية، نحمل الألم والغضب في القلب، ونراهن على الأمل والمستقبل، في العقل واللسان".‏

وتابع "صدر تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية السيد ديتليف ميليس، في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. وهو تقرير نعلن بشكل قاطع، قبولنا بنتائجه، وبتوصياته، وبكل المندرجات التي تضمنها، للكشف عن الحقيقة. واللبنانيون الشرفاء الذين ترقبوا التقرير على أحر من الجمر، سبق أن تعرضوا لحملات منظمة، من التشكيك بدور ومهام لجنة التحقيق الدولية، وهناك مع الأسف الشديد، قلة من جهات معروفة، تطوعت لتنظيم تلك الحملات، وأشاعت في الرأي العام اللبناني، موجات متتالية من القلق، عززتها جرائم التفجير المتنقلة في العديد من المناطق. بناء عليه، ومن موقع مسؤوليتي، التي أودعني إياها الشعب اللبناني الوفي، في الإنتخابات النيابية، ومن موقع الأمانة للارث الوطني الذي سلمه الرئيس الشهيد، لعائلتنا، ولرفاقنا في تيار المستقبل، أرجو من جميع إخوتي اللبنانيين الشرفاء، ومن كل القوى السياسية والأهلية في لبنان، أن يتوقفوا معي عند المسلمات الآتية:‏

أولا:إن التقرير الصادر عن لجنة التحقيق الدولية، هو الخطوة الرئيسية الأولى، في مسار الكشف عن الحقيقة، التي نتطلع إلى استكمال فصولها، وصولا إلى العدالة، التي تشكل، وحدها، مصدر الإطمئنان الكامل، للشعب اللبناني، وللدولة اللبنانية واستقرارها. والوصول إلى العدالة، يرتب على المجتمع العربي والدولي مسؤوليات إضافية، تحملنا على مناشدته، للمضي في متابعة جوانب التحقيق في الجريمة كافة، ورفعها إلى محكمة دولية، قادرة على الاقتصاص من المجرمين الجناة.‏

ثانيا:إن حماية نتائج التحقيق الدولي، مسؤولية وطنية لبنانية، بقدر ما هي مسؤولية عربية ودولية، لا يجوز التفريط بها، أو التلاعب بموجباتها، تحت أي ظرف من الظروف. ونحن نتطلع في هذا السبيل، إلى كل القيادات السياسية، والروحية، والنقابية، وإلى سائر الهيئات، الأهلية، والثقافية، والإنسانية، كي تعبر عن مشاركتها في التفاف جميع اللبنانيين، حول إرادة تحقيق العدالة، بعد أن أخذ المجتمع العربي والدولي في يد لبنان، وأصدر قراره التاريخي، بتشكيل لجنة التحقيق الدولية، في جريمة الإغتيال. إن لبنان أمام فرصة ذهبية، لتأكيد وحدته الوطنية، وصون عروبته، وتحصين استقلاله، وترسيخ أمنه، وإصلاح مؤسساته، وبناء دولته الحديثة. وهي فرصة يجب ألا تضيع، وأنا على ثقة بأن اللبنانيين الشرفاء، لن يسمحوا لأي جهة، داخلية أو خارجية، أن تعمل على تبديدها.‏

ثالثا:إن النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق الدولية، لن تكون محل مساومة داخلية أو خارجية، لأن دماء اللبنانيين، دماء رفيق الحريري ورفاقه، باتت، ومنذ اليوم، غير قابلة للمساومة، وهي ليست معروضة لأي شكل من أشكال المقايضات السياسية ولن نقبل أن تكون وسيلة للاقتصاص السياسي أو غير السياسي، في ساحات أخرى.‏

رابعا:من بين أهم النتائج، التي نقرأها في تقرير لجنة التحقيق الدولية، سقوط المنظومة الأمنية، في إدارة شؤون الدولة، وسوق العديد من رموز هذه المنظومة إلى السجن. ولبنان الذي دفع ثمنا باهظا جدا جدا، لمثل هذا السقوط، تشهد عليه دماء الشهيد رفيق الحريري، وسائر الشهداء الأبرار، لا بد من أن يحقق الإنتقال الكامل، والنهائي، من مخلفات الدولة الأمنية، وفي كل موقع من مواقع السلطة، إلى واقع الدولة الديموقراطية الحديثة الكفيلة بحماية الوفاق الوطني، واحترام القانون والدستور.‏

خامسا:إن ضلوع حفنة من الأشرار في الجريمة الإرهابية، لن يحجب الرؤية، عن معرفتنا العميقة، بحقائق التاريخ المشترك، مع الشعب السوري، الذي سيبقى بالنسبة لنا، كما كان على الدوام بالنسبة للرئيس الشهيد رفيق الحريري، شعبا شقيقا وعزيزا، نتطلع معه إلى خدمة قضايانا القومية، وإرساء علاقات الأخوة، القائمة على الصدق، والاحترام المتبادل. إن الجريمة الإرهابية النكراء، لن تخرج لبنان من عروبته، ولن تتمكن الأيدي الآثمة، وبعض الأبواق الإعلامية اليائسة، من تأليب اللبنانيين على ولائهم الوطني والقومي. إن هويتنا العربية لا تحتاج إلى شهادات حسن سلوك من أحد. ولن نرضى بعد اليوم، من اي جهة كانت، أن تخضع اللبنانيين إلى فحوص ولاء وانتماء ووفاء، لقضايا العرب ومصالحهم. كونوا على ثقة مما نعلنه اليوم. نحن لا نطلب الثأر. نحن نطلب العدالة، وستأخذ هذه العدالة مجراها الكامل، بإذن الله. نحن نريد لاستشهاد رفيق الحريري أن ينير الطريق، نحو لبنان جديد، تخرج منه فلول السلطة الأمنية، ليستعيد قواعد النظام الديموقراطي السليم، ويعيد الاعتبار لكل المبادىء والقيم التي تحول دون الاستمرار في انتهاك الدستور. نريد لروح رفيق الحريري، وأرواح الشهداء اللبنانيين، أن تبقى عنوانا لالتزام لبنان بانتمائه العربي، ونريد لخط رفيق الحريري أن ينتصر، كي تنتصر الوحدة الوطنية في لبنان. إننا أمام حدث تاريخي، استثنائي، في حياة لبنان والمنطقة. لقد كان الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق دولية، في جريمة الاغتيال، حدثا نوعيا وفريدا في تاريخ الأمم المتحدة، وجاء التقرير الصادر عن لجنة التحقيق، ليضع لبنان في واجهة الأحداث العالمية. ولطالما كان رفيق الحريري في حياته، ومسيرته الوطنية، واجهة التحركات، التي تمكنت من تجديد الثقة بلبنان، ودوره ودولته".‏

وقال" إن المجتمع الدولي لا يثأر لرفيق الحريري فحسب. بل يؤدي دوره الإنساني ويحقق العدالة، ويعلن كما لم يتم الإعلان من قبل، أن الحقيقة في قضية رفيق الحريري لن تموت، وأن الجناة سيلاحقون، وسيعاقبون، للمرة الأولى. هي المرة الأولى، التي تكشف فيها الحقيقة، في جريمة كبرى من سلسلة الجرائم الإرهابية التي روعت اللبنانيين وغيرهم في قضايا أخرى، وتحكمت بمصيرهم لعشرات السنين.‏

وشكر الجهات القضائية والأمنية اللبنانية التي تعاونت مع لجنة التحقيق الدولية، والقاضي ديتليف ميليس ولجنة التحقيق الدولية والأمم المتحدة وامينها العام كوفي أنان والدول الأعضاء في مجلس الأمن والمجتمع العربي والدولي وخص بالذكر المملكة العربية السعودية، ومصر، وفرنسا على وقوفهم إلى جانب لبنان في محنته .‏

وكالات ـ"الوطنية"‏

2006-10-28