ارشيف من : 2005-2008
السيد فضل الله: "نحذر من اثارة الفتنة ونريد من القائمين على الحكم خطة تحاسب المفسدين وتؤكد المصالحة بطريقة واقعية تحفظ البلاد من التدخلات الاسرائيلية والدولية

ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك (ع)، في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين ومما جاء في الخطبة السياسية: "ماذا في جديد شارون؟ إنه يعلن بأن على المجتمع الحر أن يتوحد ضد ما يسميه الإرهاب الإسلامي، ليعلن ـ على هذا الإرهاب ـ حربا بلا هوادة، ويعرض على مصر التعاون معها في ذلك، وهو يقصد به مقاومة الفصائل الفلسطينية لاحتلاله، وقتل الفلسطينيين واعتقالهم وتدمير بنيتهم، في الوقت الذي يمتن فيه عليهم وعلى العالم بانسحابه من غزة، الذي يخطط ـ في امتداده ـ للاستيلاء على معظم أراضي الضفة الغربية ـ بما فيها القدس ـ من خلال المستوطنات والجدار الفاصل وتجميد الحل التفاوضي النهائي، متذرعا باشتراط ضرب الانتفاضة من قبل السلطة في حرب أهلية فلسطينية". وفي زيارته لفرنسا يطالبها بإنقاذ "إسرائيل" من المقاومة الإسلامية في لبنان، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع ـ والأمم المتحدة ـ بأنها هي التي تخترق لبنان يوميا بطائراتها، وتحتل قسما من أراضيه في مزارع شبعا، ولكنه يحاول دائما أن يأخذ دور الضحية في كل إجرامه الاحتلالي الوحشي.. "ومن جانب آخر، فإنه يطالب فرنسا والاتحاد الأوروبي من خلالها بالضغط على إيران في مشروعها النووي السلمي، الذي يخاف من تحوله الى مشروع نووي عسكري، مع علم الجميع بأن إيران قد اعترفت بلجنة حظر التجارب الذرية ووقعت على الاتفاق، بينما لم تعترف إسرائيل بها ولم توقع عليه، وهي التي تملك ترسانة نووية هائلة، من دون أن نرى أي تحفظ أو استنكار من قبل الدول الغربية في أميركا وأوروبا، فضلا عن الدعوة الى محاسبتها على ذلك، فيما لا تزال تحتل الأراضي الفلسطينية وتعتدي على الشعب الفلسطيني، وتهدد كل الدول العربية، وتمتد في تهديدها بقصف المفاعلات الإيرانية.. ومن المضحك أن شارون يصرح بأن فرنسا
"تتفهم خطر حزب الله وسوريا على "إسرائيل"، مع العلم بأنها هي الخطر على لبنان وسوريا في احتلالها لبعض أراضيهما، وتهديدها المستمر لأمنهما". اضاف: "ومن اللافت حديث المسؤولين الفرنسيين عن معاداة السامية، وهو الشعار الذي ترفعه "إسرائيل" ضد كل الذين يعارضون سياستها، بينما ينطلق من جديد بأساليب متنوعة في أبعادها السياسية والثقافية والإعلامية مشروع معاداة الإسلام، هذا الذي حذر منه سابقا الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن هذا المشروع لا يزال يتفاعل في الغرب مستغلا بعض الأعمال التفجيرية التي يقوم بها فريق من الناس الإرهابيين، في ظل استنكار الأكثرية الإسلامية في العالم". "إن على العالمين العربي والإسلامي في هذه المرحلة التي يواجهان فيها الحرب من أكثر من جانب، ولا سيما في تجدد خطر الاحتلال ضد شعوبهما بشكل مباشر أو غير مباشر، اليقظة والحذر والوعي لكل الخلفيات الكامنة وراء الواقع، من أجل عملية الإنقاذ الشامل التي أصبحت تمثل مسألة الوجود على أكثر من صعيد سياسي وأمني واقتصادي وإعلامي وثقافي". "هذا مع الالتفات الى الساحة الفلسطينية في إدارة مسألة الانسحاب من غزة، لكي لا تتحول الى حيلة إسرائيلية تساندها أميركا لتصفية القضية الفلسطينية التي هي سر الخلاص والمصير للعروبة والإسلام معا.. وعلى الفلسطينيين أن يملكوا وعي الوحدة في الموقف والحركة والتخطيط، لتبقى القضية حية صامدة بصمود الشعب كله، واللجوء الى الحوار الموضوعي العقلاني الواعي في كل ما يختلفون حوله". "وإذا كان الإرهاب لا يزال يتحرك بالوسائل الوحشية التي يسقط فيها الأبرياء في البلاد الإسلامية وغيرها، بفعل الاحتلال وردود الفعل عليه، فإن علينا مواجهة الموقف بالمزيد من التوعية والتخطيط، والتأكيد على أن جذور هذه الظاهرة الشريرة تنطلق من خلال السياسة الاستكبارية التي فرضت نفسها على الواقع الإسلامي، الذي يشعر أفراده بالضغط القاسي على شعوبه في كل قضاياها الحيوية المصيرية، الأمر الذي دفع الى الكثير من إرباكات الذهنيات القلقة المنحرفة في إدارة ردود الفعل، بما قد يربك القضية ولا يحل أي مشكلة.. ولذا، فلا بد من إثارة المسألة السياسية الاستكبارية كفعل يثير المشكلة، بالإضافة الى ردود الفعل، ليعرف الجميع بأن القوة ليست حلا بل معالجة الجذور هي التي تساهم في رفع الخطر، ومنها مسألة الاحتلال في فلسطين والعراق". "إن المشكلة التي نواجهها هي إرهاب الدولة المتمثل في أميريكا وإسرائيل، بالإضافة الى إرهاب الأفراد المتخلفين في ذهنياتهم وأعمالهم، وعلينا أن نبقى رافضين كليا لاعتبار المقاومة من أجل التحرير إرهابا، لأنها تمثل حركة تحرير الأرض والإنسان. ويبقى العراق يعاني من نزيف الدم الذي يتفجر من أجساد الأبرياء، ومن الاحتلال الذي يراوغ في استمرار قواته في العراق لتحقيق خططه الاستراتيجية لحماية مصالحه العامة، بعيداً عن مصلحة الشعب العراقي الذي تحولت ساحته الى ساحة للارهاب المتنوع، والى العناوين الطائفية التي يخطط فيها الأعداء لفتنة مذهبية، وحرب أهلية، وفوضى أمنية تأكل الأخضر واليابس، الأمر الذي يدفع المخلصين الى رفع الصوت عاليا للعراقيين أن يأخذوا بأسباب الوعي والوحدة التي هي خشبة الخلاص التي يعبرون فيها الى مستقبل الحرية والانفتاح في أوضاعهم العامة والخاصة، واعتبار الحوار هو الأسلوب الوحيد الذي يحلون فيه مشاكلهم المتنوعة". وتطرق الى الوضع في لبنان فقال: "أما لبنان، فإنه يتعرض لبعض أوضاع إثارة الفتنة العمياء، بما يثيره البعض من خفافيش الظلام من مشاعر الحقد الأسود في الدائرة الإسلامية التي لا تزال تواجه الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، والاحتلال الأميركي في العراق، والاستكبار العالمي في أكثر مواقع الممانعة في العالم العربي والإسلامي، من أجل إشغال المسلمين ـ ومن خلالهم اللبنانيين ـ بالفتنة المذهبية والطائفية لتذهب ريحهم القوية هباء. إننا نحذر الجميع من هذه الأصوات الناشزة، والوساوس الشيطانية الخفية التي يثيرها أكثر من وسواس خناس". ومن جانب آخر، فإننا نريد للقائمين على شؤون البلاد أن يرسموا الخطة الشاملة التي تحاسب كل الذين أفسدوا الدولة، وهدروا المال العام، وعاثوا في الأرض فسادا، من خلال وحدة الموقف على أساس إيجاد مستقبل لبنان الجديد الذي يريده اللبنانيون في سياستهم واقتصادهم وأمنهم، وأن يؤكدوا مسألة المصالحة بطريقة واقعية جدية يلتقي فيها الجميع على الخطوط التي تحفظ البلد من التدخلات الإسرائيلية والدولية، حتى يكون لبنان الحرية هو لبنان الأجيال كلها، ليتجذر الشباب في وطنهم فلا يشعرون بالحاجة الى الهجرة منه. وكان سماحته تلقى اتصالاً هاتفيا من رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة, استنكر خلاله البيانات التي استهدفت السيد فضل الله, وكانت مناسبة للبحث في الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة.