ارشيف من : 2005-2008
أبواب و"مفاتيح شاتيلا" تفتح أمام شبان فرنسيين يعيشون وقائع الحياة اليومية وتفاجئهم حدة المعاناة

يوسف حاج علي
"جئنا لنقل صورة حقيقية عن معاناة الشعب الفلسطيني في لبنان"، "رغم الوضع المأساوي الذي يعيشون فيه.. يستمرون بالحياة ويحلمون بالمستقبل"، "شجعان رغم حياتهم الصعبة". بهذه العبارات عبّر الشبان الفرنسيون الاثنا عشر الذين يستضيفهم مخيم شاتيلا في اليوم الثالث من زيارتهم الممتدة لأسبوعين، والتي تمت بالتنسيق مع لجنة التوأمة بين مدينة بانيوليه الفرنسية ومخيم شاتيلا.
نام الشبان والشابات الفرنسيون في منازل العائلات الفلسطينية. اكلوا وشربوا معها، شعروا بمعاناتها وألمها، شعروا بأهمية فقدان الحد الادنى من الخدمات الاساسية، تعرفوا الى بعض المهن الحرفية: خبزوا، عجنوا، طبخوا وعملوا كباعة في بعض المحلات، تعرفوا الى الناس والى القضية الفلسطينية والى حجم التعتيم الذي يعانون وتعاني منه قضيتهم في الاعلام الفرنسي. اغلب الشبان هم من اصول عربية وافريقية وآسيوية الا ان هذا ليس ما جذبهم الى هذه القضية بل نبل هذه القضية واحقيتها.
التجربة جديدة لمعظمهم، ورغم ذلك فقد استطاعوا بسرعة التأقلم معها، حتى ان احدهم طلب من رئيس الوفد الزائر ان يمزّق جواز سفره، لأنه قرر ان يعتبر هؤلاء الناس اهله وان يحمل قضيتهم...
"جئت الى هنا كي ارى كيف تسير الأمور على أرض الواقع" يقول لادجي تور (22 عاما، موظف) احد الشبان الزائرين للمخيم والذي كان يساعد صاحب فرن في عمله. ولادجي يعتبر ان حياة الفلسطيني قاسية جدا في مخيمات لبنان، ويرى ان على الدولة اللبنانية ان تبذل المزيد من المجهود وان تسمح لهم بالعمل والطبابة والتعليم.
ويؤكد سويوغو الاذا (24 عاما، طالب معلوماتية) ان هدف زيارته هو التعرف الى الحياة الحقيقية للفلسطينيين، وقد صدمه الاختلاف في مستوى الحياة بين المخيم وخارجه كما اعترف بالنظرة الخاطئة التي كان يملكها عن وضع الفلسطينيين محملا الاعلام والسياسة مسؤولية ذلك.
كريستوف نتاكابانيورا اكد انه لم يكن يعلم بوجود مخيمات للاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والاردن حتى سمع بتنظيم هذه الزيارة، فقرر ان يخوض التجربة ويتعرف اكثر الى الفلسطينيين. ورغم المأساة التي يعيشها هذا الشعب فقد فاجأه الاستقبال والحفاوة اللذان لقيهما منه. اما زميلته ليلى براكني (22 سنة، طالبة مسرح) فقد هالتها الحياة الصعبة للفلسطينيين في لبنان، ففي فرنسا هناك فقر، لكن الجميع يتمتع بحق الطبابة والتعليم وهذه حقوق اساسية يفتقدها الانسان في المخيمات. وما فاجأ ليلى أكثر كان الابتسامة والأمل اللذان لا يختفيان عن وجوه الفلسطينيين وكفاحهم المستمر من اجل الحصول على حقوقهم المشروعة والعودة الى الوطن.
ويعتبر رئيس الوفد يزيد جبارة ان هدف الزيارة هو ان ينقل الشبان رؤيتهم وتجربتهم ومشاهداتهم لاصدقائهم ومحيطهم. وكشف ل"السفير" عن مشروع لتحضير فيلم يصور حياة هؤلاء الناس ولكتاب من توقيع اعضاء الوفد ترافقه صور ورسومات تحت عنوان "lesclefsdechatila" "مفاتيح شاتيلا" على اعتبار ان المفتاح هو رمز عودة الفلسطيني الى وطنه ومخيم شاتيلا هو رمز المقاومة الفلسطينية.
أما رئيس لجنة التوأمة في المخيم محمود كلّم فيرى ان هدف التوأمة هو اقامة علاقة تضامنية مع الأوروبيين للتوعية على القضية الفلسطينيين في جميع المحافل. ويختم كلامه قائلا: "يحزّ في نفسي ان يأتي الفرنسيون من آخر الدنيا للتضامن معنا ومعظم الدول العربية تغلق حدودها في وجوهنا".
المصدر: صحافة لبنانية ـ صحيفة السفير ـ 3 آب/أغسطس 2005