ارشيف من : 2005-2008
دراسة للهيئة الصحية الاسلامية: 43,4 بالمئة من الاطباء يدخنون

رعى وزير الصحة العامة الدكتور محمد جواد خليفة قبل ظهر ليوم في نقابة الاطباء "بيت الطبيب" في التحويطة اعلان الهيئة الصحية الاسلامية عن " دراسة التدخين عند الاطباء: نسبته وسلوكياتهم مع المرضى في هذا المجال"، بالتعاون مع "الملتقى العربي للعلوم الاجتماعية والصحية".
حضر المؤتمر اضافة الى الوزير خليفة، نقيب الاطباء في لبنان الدكتور ماريو عون نقيب اطباء الشمال الدكتور غسان رعد، الدكتور قيصر حجازي ممثلا نقابة اطباء الاسنان، مسؤول العلاقات العامة في حزب الله صلاح نون، المدير العام للهيئة الصحية الاسلامية المهندس عباس حب الله وحشد من الاطباء المهتمين.
بداية آيات من القرآن الكريم، فالنشيد الوطني، ثم عرض فيلم وثائقي عن الهيئة الصحية الاسلامية.
ثم القى كلمة الهيئة الصحية الاسلامية المهندس حب الله فقال :"ان جمعية الهيئة الصحية الاسلامية قد تبنت برنامج مكافحة التدخين منذ اكثر من 10 سنوات، وقد جعلته من اولويات برامجها الصحية والاجتماعية، واصدرت قرارا يمنع التدخين في ادارتها والمراكز والمستشفيات وساهمت في منعه في اماكن اخرى، وعملت ومازالت تعمل مع المنظمات العربية والدولية ووزارة الصحة والبرامج الوطنية والجمعيات الاهلية في سبيل مكافحة هذه الآفة التي تفتك بشبابنا ومجتمعنا".
اضاف :" لقد ساهمت آخر دراسة قامت بها الهيئة، والتي كانت بعنوان" نسبة انتشار التدخين بالأركيلة بين طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية في مدارس الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، والتي كانت ايضا بدعم من الملتقى العربي للعلوم الاجتماعية والصحة، ساهمت هذه الدراسة في توضيح الصورة العامة والتفصيلية لآفة تدخين النرجيلة لدى هذه الشريحة من الشباب، كما قامت الهيئة الصحية الاسلامية وبناء على تلك الدراسة باعداد وتنفيذ البرامج المختلفة الموجهة لتلك الشريحة، والتي بعض منها كان اجراء مسابقات (رسم واسئلة واجوبة) مع تقديم جوائز للفائزين واصدار كتيبات في هذا السياق، وتنفيذ برامج توعية عبر محاضرات ودورات عمل وما شابه، هذا بالاضافة الى استعمال الوسائل الاعلامية لهذه الغاية، حيث بثت مواد مختلفة منها فلاشات تلفزيونية على طريقة الرسوم المتحركة".
وتابع :"اننا وفي هذه المناسبة لابد وان نحيي الجهود التي بذلت وتبذل من قبل بعض النواب في العمل على استصدار قرار لمنع الاعلانات والترويج للتدخين على الاعلام المرئي والمسموع، وخصوصا كتلة الوفاء للمقاومة ولجنة الصحة النيابية ووزارة الصحة العامة. اننا نؤكد على اهمية اصدار هذه القوانين، وان يكون لها دورها المكمل في تفخيض نسبة المدخنين، وخصوصا لدى الشباب والاطفال تحت عمر 18 سنة، اضافة الى منع اعلانات الترويج للتدخين ".
وختم:" ويبقى ان نقول ان موضوع مكافحة التدخين يحتاج الى تكاتف الجهود بين الجمعيات الاهلية والبرامج الوطنية والنقابات المهنية والمنظمات الدولية، على برامج ذات سياسات واهداف محددة نعمل عليها جميعا لمكافحة هذه الآفة التي باتت منتشرة في مجتمعنا بشكل يؤثر على نموه وتقدمه".
ثم كانت كلمة "الملتقى العربي للعلوم الاجتماعية والصحية" الدكتور سليم اديب فقال:" ان الملتقى العربي يكاد ان يكون الفسحة الوحيدة التي تجمع اطباء واختصاصيين في العلوم الانسانية على الساحة العربية".
واعلن "ان كلفة سرطان الرئة في لبنان، ان قضى على المريض في السنة الاولى، تقع على 60 الف دولار اميركي" .
وختم:" آن الاوان للاطباء ان يتحملوا مسؤولياتهم المهنية والمعنوية في احترام دورهم كامثلة في المجتمع بالامتناع عن التدخين بشكل كامل او في اقل الايمان عن التدخين العلني، كذلك علينا تحمل مسؤولية حشد الدعم والضغط على صانعي القرار السياسي مباشرة عبر نوابنا او عبر وزارة الصحة العامة والنقابات المعنية لتحقيق الترجمة الفعلية في القانون اللبناني لاحكام الاتفاق الدولي. ان هذا العمل محتم علينا لعلمنا بعبء التبغ على صحة مجتمعنا واقتصاده.
ثم القى النقيب عون كلمة اعلن فيها عن اتخاذ قرار بمنع التدخين في بيت الطبيب وينفذ قريبا، وقال: "لقد قامت المجتمعات المتحضرة الغربية وحكوماتها بحملة كبيرة على التدخين محذرة من المخاطرة الكبيرة التي يلحقها بصحة الانسان، وقد صدرت التشريعات والقوانين التي تحظر التدخين في الاماكن العامة وفي الباصات ومترو الانفاق وحتى في المقاهي والمطاعم، اضافة الى ذلك قامت هذه الدول بفرض ضرائب ورسوم باهظة على سعر الدخان من اجل الحد من التدخين. اما في البلدان العربية فانه من مدعاة الاسف ان تلك البلاد العربية هي اكبر مستهلك للسجائر في العالم، اضف الى ذلك ان نوعية التبغ المرسل الى الشرق الاوسط يعد من الدرجة الثالثة الو الرابعة من ناحية الجودة، وهذا نوع من انواع الاستثمار".
اضاف:"اما في لبنان الذي هو موضوع دراستكم، وخاصة مايتعلق بالجسم الطبي اللبناني الذي تظهرالدراسة ارقاما خطيرة عن نسبة المدخنين بين الاطباء، قد تكون الحرية من اهم ميزات لبنان ولكن ليس لاحد الحق في التسبب في الاذى للاخرين، وقد صدر في لبنان قرارا يمنع التدخين في الاماكن العامة ولكنه بقي خبرا على ورق، وحتى المؤسسات الاستشفائية دون حسيب او رقيب".
وقال:" بالنسبة للاطباء وهم الادرى بمضار التدخين وهم الذين يشخصون ويعالجون الامراض الناتجة عنه، ولا ننسى ان الاطباء هم جزء من المجتمع اللبناني، وهنا لا نعطي اسبابا تخفيفية ان قلنا ان الوضع النفسي والمادي والمعنوي للاطباء حيث الضغوطات المعيشية والتعدي على حقوقهم وكراماتهم قد تكون وراء هذه النسبة المرتفعة من المدخنين بين الاطباء، كل ذلك يدعونا الى العمل كنقابة اطباء وكهيئات المجتمع المدني لتكثيف الجهود للتنبيه من مخاطر التدخين، ومع الاسف تثقيف الاطباء من جديد من اجل تعميم ذلك على مرضاهم وعلى افراد المجتمع".
وختم قائلا :" في النهاية حسنا فعلت الهيئة الصحية الاسلامية في اقامة هذه الدراسة وهذه الندوة لتسليط الضوء على واقع الاطباء في لبنان حيث يطلب منهم الكثير، وفي المقابل نحجب عنهم حقوقهم البديهية في الحياة اللائقة والكريمة، ولكن يجب علينا كاطباء الاستمرار بتأدية رسالتنا الانسانية بكل تفان، واصلاح ذواتنا لكي نكون قدوة صالحة لباقي شرائح المجتمع".
والقى الوزير خليفة كلمة اعرب فيها عن تقديره للهيئة الصحية الاسلامية لانشغالها بهذه الامور الاجتماعية والصحية، وهي تعكس تماما الامتداد للمجتمع المقاوم، بحيث نجد في الطرف الاخر تقديم الشهداء والدماء من اجل التحرير، ونرى الجذور الاخرى المتعقمة بهذا المجتمع، ان كان بتأسيس المراكز والمؤسسات الصحية والانطلاق في ورش عمل، ان على صعيد الصحة المدرسية او على صعيد الاحصاءات لمواضيع شائكة ومهمة، يعالجها العالم خصوصا موضوع التدخين. ففي الموضوع الصحي في هذا المجال، وخلال مشاركتها في مؤتمر وزراء الصحة العرب في القاهرة منذ فترة شهرين، كان هناك اهتمام كبير بموضوع التدخين، لان امراض العصر في مجتمعها اصبحت مختلفة تماما عن الامراض التي عصفت بالمجتمعات بعد فترة الحرب العالمية، فمعظم الامراض والكلفة الاستشفائية والطبابة ومستوى العيش يرتبط بالامراض المكتسبة، والبعض منها يكون مكتسبا بشكل ارادي او يمكن تجنبه".
اضاف :" اليوم تنطلق ورش العمل التي تعالج الامراض التي تنتج عن التدخين وامراض القلب والشرايين والسكري، خصوصا ان تواجدت هذه الامراض في نفس الوقت تؤدي الى مشاكل ضعف على القطاع الصحي، واظن ان المجتمع الدولي وفي مقدمته منظمة الصحة العالمية سوف تقوم بتحويل قسم اكبر من هذه الموارد، تجاه هذه الانواع من الامراض في الوقت الحاضر. بالنسبة لموضوع التدخين، لقد تم سحب احدى القرارات المتعلقة باقرار مشاريع لتنظيم التدخين والدعاية ونسب النيكوتين في السيجارة وعدد السجائر في العلب والنرجيلة في الجلسة الماضية لمجلس الوزراء، على ان يتم درس وتقييم الموضوع من جديد. وكما قلنا سابقا، فان هناك ضيق نظر كبير اذا ما اردنا ان نربط بعض المعطيات والمؤاثرات الاقتصادية ببعض المواضيع التي قد تؤثر سلبا ليس فقط على الصحة العامة وعلى مدى العمر نتيجة مردود مادي او اقتصادي، والمعلوم ان المجتمعات التي تسمح بالتدخين تريد الموازنات الاخرى ان كان على صعيد موازنات الرعاية الاولية او الوقاية في الامراض او الاكتشاف المبكر للامراض او موازنات الاستشفاء، بينما تسير الامور على العكس هنا. وفي احدى الدراسات الاخيرة التي لاخظناها، تبين بين معظم الدول العربية ان لبنان من اعلى نسب دول المدخنين، وفي آخر كتيب صدرت عن منظمة الصحة الدولية اشار الى ان هناك بعض المجتمعات تترواح نسب التدخين فيها نحو ال 45% وهي ارقام عالية جدا، وتبين ان لبنان ان لم يكن الدولة الوحيدة يضاف اليه دولة اخرى التي لم تقم بالتزاماتها تجاه منظمة الصحة العالمية في مايتعلق باتفاقيات الحد من التدخين". وتابع :"المشكلة في لبنان ليست موضوع الحد من التدخين، ففي مجتمعنا اليوم نلاحظ ان هناك عددا من الامور يجب النظر اليها بنوع من الموضوعية والدقة لحل هذه المشاكل. لذلك نقوم بدعم كامل لسجل السرطان الوطني بحيث في فترة لا تتجاوز الستة الارقام النهائية، مع العلم ان هناك دراسات تثبت مدى انتشار امراض السرطان والامراض التي لها علاقة بالتدخين، وهنا اشرت في مجلس الوزراء في الجسلة السابقة الى ان عدد المسنين في لبنان هو عدد متدني جدا واننا من الشعوب التي لا تتغير كثيرا نتيجة الاوضاع الصحية، وفي لبنان فقط اقل من 5% من الشعب اللبناني تزيد عمرهم عن ال 64 سنة وهذا من المؤشرات البيئية على الوضع الصحي العام".
وختم قائلا:" لابد هنا ان اعبر عن تقديري للهيئة الصحية الاسلامية في لبنان والملتقى العربي على هذه الدراسة، التي تعتبر دراسة قيمة تضاف الى الجهود التي تقوم بها وزارة الصحة وعدد من المؤسسات العلمية الاهلية، لكي يتم تقييم هذا الموضوع من جميع جوانبه واقتراح الحلول مستقبلا".
نتائج الدراسة
ثم عرضت دراسة قامت بها السيدة ريما بدران والدكتورة سوسن زغيب تبين فيها ان 4،43 في المئة من اطباء لبنان يدخنون. واجرت الهيئة الصحية الاسلامية بالتعاون مع الملتقى العربي للعلوم الاجتماعية والصحة دراسة ميدانية حول التدخين لدى الاطباء اللبنانيين شملت عشرة بالمئة من اطباء الصحة والاختصاصيين واطباء الاسنان في لبنان، وقد اختيرت العينة عشوائيا من لائحة الاطباء المسجلين في النقابات المعنية وعلى جميع الاراضي اللبنانية.
وبحسب الدراسة فان 4،29% من الاطباء اللبنانيين هم من المدخنين المنتظمين للسجائر و 5،8% منهم من المدخنين السابقين، وتبين الدراسة ان 14% من الاطباء لا يهتمون بسؤال مرضاهم ان كانوا يدخنون ام لا و 13% لا يجربون نصحهم بالاقلاع عن التدخين، ومن ضمن الاطباء الذين يتدخلون ليترك مرضاهم التدخين 35 % منهم فقط يقدمون طرقا حول كيفية الاقلاع عن هذه الافة.
وتشير الدراسة الى ان درجة التدخل لمنع التدخين لدى الطبيبات اقل منها لدى الاطباء الاختصاصيين في الطبابة مقارنة بالجراحة والمختبر والاشعة واطباء الاسنان، كما ان الاطباء المقلعين عن التدخين كانوا اكثر حماسة لاقناع مرضاهم بالاقلاع عن التدخين من اولئك الذين لايزالون مدخنين منتظمين.
لقد هدفت الهيئة الصحية الاسلامية من خلال هذه الدراسة الى ايضاح نقاط الخلل في معالجة احدى الافات الرئيسة المسببة للامراض التي يمكن تجنبها،اذا تمت دراسة واقعها ومسبباتها بشكل علمي ممنهج مقترن بالارقام. وقد تبين من خلال الدراسة ان انظمة الاقلاع عن التدخين الاجتماعية السلوكية بين الاطباء في لبنان تعاني نقاط ضعف تثقيفية بالدرجة الاولى حيث يجب التعاون بين مختلف القطاعات لتجاوزها كي لا تنطبق على الاطباء اللبنانيين مقولة "يداوي الناس وهو عليل".
المحر رالمحلي ـ"الوطنية"