ارشيف من : 2005-2008

السيد فضل الله دعا إلى محاسبة من أجرم بحق البلد وجعله مزرعة للآخرين: الرئيس الاميركي يحاول اجتذاب صغار العقول بحديثه عن ديمقراطية لبنان

السيد فضل الله دعا إلى محاسبة من أجرم بحق البلد وجعله مزرعة للآخرين: الرئيس الاميركي يحاول اجتذاب صغار العقول بحديثه عن ديمقراطية لبنان

أكد آية الله السيد محمد حسين فضل الله أنه "ثمة خرافة تحاول أن تفرض نفسها على الأمة من خلال الدوائر الغربية وخصوصا الأميركية التي تريدنا أن نعتقد جازمين بأن ما نعانيه من آلام ومشاكل إنما انطلق من خلال معتقداتنا ومفاهيمنا وإسلامنا لتدفعنا إلى التنازل عن هذا الإسلام لحساب ما تقدمه من دين جديد يلبس لبوس الديمقراطية وهو أقرب ما يكون للديكتاتورية المغلفة بعناوين إعلامية وسياسية فضفاضة". وقال سماحته في ندوته الأسبوعية "إن ثمة خرافة سياسية كبرى يحاول الرئيس الأميركي أن يجتذب فيها صغار العقول عندما يتحدث عن لبنان كنموذج يحتذى في الديمقراطية ليوحي للعالم بأنه هو الذي صنع لبنان الديمقراطي، والحال أن الجميع يعرف بأن لبنان الذي يمثل حالة فرادة في المنطقة يعيش في نطاق الحركة السياسية والحيوية الفكرية والتغييرات الميدانية منذ أن انطلق كمعادلة دولية تختزن عوامل التغيير المنفتح على الشرق والغرب بكل العناوين المعقدة والفضفاضة"، محذراً "من أننا في الداخل نعيش نوعاً من أنواع الخرافة السياسية التي جعلت الكثيرون يتعاطون مع الرموز السياسية والطائفية الفاشلة وكأنها القضاء والقدر للبنانيين، ربما لأن اللبنانيين لم ينطلقوا كشعب واحد في مسألة التغيير، بل كشرائح متعددة تحسب حساباتها المذهبية، فتطل من خلالها على المسألة السياسية إطلالة انكسار بدلاً من أن تحمل معاول الهدم لتسقط الواقع الفاسد على رؤوس صانعيه، ولتحاسب الذين أجرموا بحق البلد عندما جعلوه مزرعة للآخرين، ولا زالوا يجرمون بحق شعبه عندما يتطلعون إلى ما يريده المستكبر بعيداً عما هي روحية الاستقلال الحقيقي وبعيداً عن كل عناوين الوطنية الصادقة". وأكد السيد فضل الله انه علينا أن نتحرك جميعاً في خط دعوة الأجيال اللبنانية الشابة التي تعيش طهارة القلق في تطلعها للمستقبل، لكي تدخل في عقد اجتماعي وسياسي جديد، يعمل على نبذ الفاشلين ورفض المذهبيين والمنغلقين ليفسح في المجال أمام ولادة جديدة لعقل لبناني منفتح يواجه الخرافة السياسية أو الدينية أو الاجتماعية، وينفتح على لبنان كموقع من مواقع الإنسانية الرافضة لأي وصاية وأي رعاية تحمل عنوان الرحمة وفي داخلها العذاب والموت الزؤام". عن موقف الإسلام من الخرافة الاجتماعية والسياسية، فأجاب: "ركز الإسلام على العقل كقيمة أساسية ومعيار رئيسي في الجانب الاعتقادي والإيماني بما ينفتح على معرفة الله والإيمان بيوم القيامة، كما أنه أراد للعقل أن يكون المصفاة الأساسية التي تنقي التراث وتضبط حركة الفكر ضمن الأطر العلمية والموضوعية.وعلى ضوء ذلك، كان من الطبيعي أن يرفض الإسلام كل الأمور التي لا ترتكز على العقل، وتنطلق على ضوء العاطفة أو الغريزة والانفعال، وفي هذا السياق رفض الإسلام الخرافة كونها لا تمثل حقيقة ولا ترتكز على علم أو دليل، وإنما تتحرك في نطاق مصادرة العقل، ومن خلال بعض الأوهام التي ينسجها الخيال الإنساني". وقال: "ولذا، فنحن نعتقد بأن ثمة رابطا وثيقا بين الخرافة والجهل، فحيثما انتشر الجهل تتفشى الخرافة، بينما نجد بأن المجتمع الذي يأخذ بأسباب العلم تهجره الخرافة أو تعيش في مساحات ضيقة ومحاصرة منه. وربما انطلقت الخرافة في واقعنا الإسلامي على أساس الفهم الخاطى‏ء للغيب والمبالغة في تفسير القضايا الكونية وبعض الأمور المتعلقة ببعض مخلوقات الله كالملائكة والجن تفسيرا يخرجها عن دائرة العقل ويدخلها في دائرة من دوائر الجهل ليضفي عليها هالة تجعلها غير مفهومة في الأذهان العامة، ومن هنا كثر وجود المشعوذين والمتاجرين بالدين والعرافين وغيرهم ممن يدعون صلة بعالم اخر تمكنهم من القيام بأمور غير اعتيادية، الأمر الذي أدى إلى تخلف الأمة إلى حد بعيد وتقديم صورة مشوهة عن الإسلام في اعتباره لدى الكثيرين مسؤولا عن هذا التخلف الذي يعمل على محاربة الأعداء بالأحراز والرقى والتمائم بدل أن يعمل على محاربتهم وفق القانون الإلهي: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة". واضاف: "إن الغيب يمثل جزءا من شخصيتنا الإيمانية، لكن في نطاق القضايا الإيمانية المرتبطة بالله واليوم الاخر، ولكن في ما يرتبط بالحياة الدنيا في شتى مجالاتها، فإن الله تعالى أرادنا أن نتحرك فيها على أساس السنن الكونية التي ترتبط بأسباب مفهومة وعلل يمكن اكتشافها والإفادة منها. وثمة سبب اخر يقف وراء تفشي الخرافة في أوساطنا ويعود إلى الانحطاط السياسي والاجتماعي الذي أصاب الأمة من خلال الاستكبار والاستعمار الذي عمل على تجهيلها وتضليلها ومصادرة عقولها ورعاية مواقع الخرافة ومواجهة مواقع العلم والإبداع فيها، الأمر الذي ساهم في تراجع الأمة وخضوعها لثقافة الانحراف، وبالتالي لمشاريع المستعمر ومخططاته. لقد عمل الإسلام جاهدا على محاربة الخرافة، حيث حرم المداخل التي من شأنها تنمية الخرافة أو العقل الأسطوري، فحرم السحر والشعوذة والكهانة والتنجيم، وقد عرف عن النبي قوله عندما توفي ولده إبراهيم وصادف كسوف الشمس في ذاك اليوم، وقال ال

ناس: كسفت الشمس حزنا على إبراهيم قوله: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد من الناس". وتابع: "ولهذا فإن على العلماء، وعلى الطليعة الواعية في الأمة، أن يعملوا لمواجهة الخرافة التي تزحف على وسطنا الديني والاجتماعي وحتى السياسي من خلال تنمية العقل العلمي والتركيز على الأسس المعرفية والمنهجية الصحيحة في تفسير حركة التاريخ والظواهر الكونية. كما علينا أن نعمل على محاصرة الخطاب الخرافي الذي ينمو كالفطر في مواقعنا الدينية والمذهبية، وأن نفسح في المجال أمام الخطاب العقلاني المنفتح على رحاب العلم وعلى الحقيقة الدينية غير القابلة للتشويه، حتى ولو أدى ذلك بنا إلى أن نخسر الكثير من الأصوات أو من المنتمين على مستوى المرحلة، لأن ما نكسبه على مستوى الأجيال وفي مستقبل الأمة هو الربح الأكيد الذي يحسب في رصيد الإسلام وفي حركته العلمية الممتدة في رحاب الحقيقة".‏

2006-10-28