ارشيف من : 2005-2008

نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لـ "الشرق": احيلكم الى جنبلاط وجعجع ربما يملكان الاجابة عن مشروع الكونفدرالية

نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لـ "الشرق": احيلكم الى جنبلاط وجعجع ربما يملكان الاجابة عن مشروع الكونفدرالية

كتب يحيى جابر:‏

قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان مسيرة الحوار مستمرة والجميع يريدونها، ولكن ربما انتاجيته ستكون اضعف، الا ان حزب الله سيستمر في الحوار حتى ولو وضع البعض العصي في الدواليب.‏

واضاف: نحن مستمرون في الحكومة ولم ندع الى اسقاطها، ونحن لسنا امام مشروع متكامل لمواجهة الحكومة، بل نحن امام افكار مطلبية وسنرى الى اين سنصل؟‏

وقال: «ان مزارع شبعا قضية لها علاقة بمواجهة المشروع الاسرائيلي، ولا يمكن ربط اي نزاع اخر بما يحصل في مزارع شبعا.‏

وتابع قائلا: بالنسبة الى حزب الله ومهما كانت النتائج على طاولة الحوار في البند الاخير (سلاح المقاومة) فنحن ملتزمون بما توصل اليه المجتمعون سابقا وبما قرروه على طاولة الحوار.‏

وتساءل الشيخ نعيم قاسم: كيف نساعد فريق 14 شباط على السيطرة بطريقة خاطئة، في الوقت الذي نعتقد ان رئيس الجمهورية يقوم بدوره بشكل صحيح، وانه حمى المقاومة في اصعب الظروف، وان توجهاته السياسية جيدة لمصلحة لبنان.‏

وتحدث عن قرار الحرب والسلم، قائلا: «لا نريد ان يكون هذا القرار في يدنا، بل هو قرار تتخذه الدولة اللبنانية وما تفعل المقاومة هو الدفاع، ورد الفعل، ولا تقوم بأعمال خارجة عن هذه الدائرة.‏

وعن سلاح المقاومة قال: اذا استخدم هذا السلاح في الداخل يسقط في اول يوم، ولا داعي للخوف، لاننا ندرك ان مهمة هذا السلاح هي مواجهة اسرائيل، ونجحنا بسبب هذه المنهجية وهذه قناعتنا.‏

وعن التظاهرة المطلبية قال، لا نريد من هذه القضية المطلبية رفع الصوت والقول بانه يوجد خطأ في طريقة المعالجة، وبطريقة الاصلاح، وبطريقة التعامل مع القضايا المعيشية والحياتية، ولكن في الوقت عينه نؤكد ان اطلاق معزوفة «ان امر العمليات من الخارج قد اتى» هو هروب من المشكلة، علما ان الناس هم الذين يتظاهرون والشعب هو الذي يرفع صوته، اذ ان التعاقد الوظيفي هو مجزرة بحق الشعب اللبناني، ونحن نعلم ان التعاقد الوظيفي في فرنسا حيث هو اقل وتيرة بعشرات المرات والذي يحصر هذا الامر باول سنتين للعامل، مع ذلك احدث ضجة كبيرة في فرنسا كادت تودي بحكومة دو فيلبان وبالرئاسة الفرنسية عينها، فتم الغاء هذا القانون وليس المشروع.‏

جاء ذلك في حوار شامل لـ «الشرق» عشية التظاهرة المطلبية استهله نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بالرد على السؤال التالي:‏

ـ عشية تحرك هيئة التنسيق النقابية نرى ان البلاد على اعتاب مرحلة من التحرك المطلبي رُمي من قبل ان يبدأ بتهمة «التسييس» وادى في جملة ما ادى الى «تراشق» اعلامي، برأيكم لماذا سلك التحرك المطلبي سبيل الشارع؟ اولم يكن بالامكان مناقشة الامور في مجلس الوزراء وتاليا في مجلس النواب؟ لماذا استباق الامور ووزير المال يقول انه سحب من التداول موضوع التعاقد الوظيفي؟ ولماذا انفتحت لقمة عيش الناس على التسييس، وهل صحيح ان هذا التحرك اتى بامر عمليات سوري؟‏

ـ اذا اردنا ان نتحدث عن المناخات السياسية المتوترة في البلد، فاننا سَنَسِمُ كل المرحلة السابقة بانها مرحلة تهم سياسية منذ اكثر من سنة، اي منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وفي هذه الجواء، للاسف، رفعت القضايا المطلبية من التداول وطرحت مجموعة من الاثارات السياسية التي اربكت البلد والتي جعلتنا في مواجهات داخلية لا ضرورة لها، بحجمها وبطبيعتها، وانصرف المعنيون الى تسجيل النقاط السياسية من دون الالتفات الى الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي الذي اخذ يتفاقم بشكل كبير، والكل يذكر اننا لم نحرك ساكنا في هذا الامر على مستوى الشارع الا عندما حصلت الازمة المشهورة في المازوت، وقلنا يومها ان البرد على الابواب والناس لا تحتمل، فلم يستمع يومها رئيس الحكومة الى مطالب الناس، بالنسبة الى المازوت، ولم يستقبل وفدا منهم في الوقت الملائم، فاضطررنا الى ان نرفع الصوت واتهمنا بالتسييس وثبت للجميع انه عندما حلت وتم الاتفاق على صيغة معينة انتهت قضية المازوت كأي قضية مطلبية.. ومنذ اشهر عديدة لم يحصل بعدها اي شيء على هذا الصعيد، ما يدل ان الموضوع كان مطلبيا بحتا.‏

اما بالنسبة الى المطالب المستجدة عند هيئة التنسيق النقابية، فالمعروف عند الجميع ان هذه الهيئة طلبت مواعيد متعددة مع مسؤولين في الحكومة لمناقشة الملفات المطروحة فلم تحصل عليها، وقالت انها ستطرح فكرة التظاهر منذ اكثر من شهر (تقريبا) والامر موجود امام المسؤولين وامام المعنيين، وبدأت الحكومة بمناقشة القضايا الاصلاحية، من ضمن الورقة الاصلاحية قبل ان تعود الى الهيئات النقابية وقبل ان تشبعها نقاشا واصبحت نقاط اًموجودة على جدول الاعمال من دون الاخذ في الاعتبار آراء الاخرين. هذا الامر احدث مشكلة في البلد، وبالتالي فانه عندما تدعو هيئة التنسيق النقابية فعلى الحزب (حزب الله) ان يبدي موقفه، هل هو مع التظاهر من اجل المطالب ام ليس معها، بصراحة، نحن اعتبرنا اننا معنيون بها وان الناس يطالبوننا وان التعبير بالتظاهر هو تعبير حضاري ومقبول وطريقة في ابداء وجهات النظر، لا نريد من هذه القضية المطلبية الا رفع الصوت والقول بانه يوجد خطأ في طريقة المعالجة وبطريقة الاصلاح وبطريقة التعامل مع القضايا المعيشية والحياتية. هنا جاءت المعزوفة المعروفة، بان هذا الامر هو داخل اطار التسييس وان امر العمليات من الخارج قد اتى. هذا هروب من المشكلة، من الذي يتظاهر، الناس هم الذين يتظاهرون، الشعب هو الذي يرفع صوته، التعاقد الوظيفي هو مجزرة بحق الشعب اللبناني. ونحن نعلم ان التعاقد الوظيفي في فرنسا، حيث هو اقل وتيرة بعشرات المرات والذي يحصر هذا الامر بأول سنتين للعامل، مع ذلك احدث ضجة كبيرة في فرنسا، كادت تودي بحكومة دو فيلبان وبالرئاسة الفرنسية نفسها. فتم الغاء هذا القانون، وليس المشروع.‏

فكيف بالتعاقد الوظيفي، الذي يعتبر مجزرة حقيقية بحق الشعب اللبناني وبحق المستضعفين منه؟‏

كنا نأمل ان تنزع الحكومة الفتيل بطريقة صحيحة، لكن وزير المالية طالعنا بانه «سحب المشروع من التداول» لان الظروف غير ملائمة، يعني، هو مصمم على المشروع، وهو مطروح على النقاش ويريد ان يهيئ الظروف المناسبة له من اجل اقراره. لم يلغ المشروع، اذن هو اجّل نقاشه حتى تهدأ الامور. وانت تعلم ان هيئة التنسيق النقابية لا تستطيع في كل مرة ان تقول قررنا تظاهرة او عندنا تحرك مطلبي. لان هذا الامر يستدعي جمع اطراف متعددة وهم من اجل ان يقرروا (موعد) 10 ايار دأبوا على عقد اجتماعات استمرت لاكثر من شهرين حتى توصلوا الى هذه النتيجة.‏

فاذا افترضنا، انهم اجلوا هذا التحرك تحت عنوان انه «سحب من التداول» فانه يمكن في لحظة من اللحظات ان يصبح قيد التداول،ن ويبدأ النقاش حوله وهم لا يتمكنون من القيام بالاعتراض الملائم والمناسب... وطالما ان الشيخ سعد الحريري، قال ايضا بانه يرفض مشروع «التعاقد الوظيفي» وبانه سيشارك في التظاهر، فهل هو مشارك في امر العمليات الذي اتى من الخارج، كيف يوافق على التظاهر من اجل رفض التعاقد الوظيفي، هذه اتهامات لا معنى لها، سوى الهروب من المشكلة.‏

ـ نقاط الضعف والقوة‏

عندما تريد ان تفهم نقاط الضعف ونقاط القوة مباشرة، كل من يتهم بالتسييس ويرمي الامور الى الخارج ويتغافل عن لقمة عيش الناس انما هو يتصرف من موقع الضعيف الذي ليس عنده اجوبة فيحاول ان يرمي الاخرين بالتهم. يجب ان نكون جريئين وواضحين، ولتقل الحكومة كلمتها ولتعلن موقفها بوضوح ولتعمل على ان تأخذ في الاعتبار مشكلة الناس الاقتصادية والاجتماعية، وليس مشكلة المديونية فقط.‏

نحن لسنا امام بشر لدفع الضرائب، نحن امام بشر يحتاجون الى الطعام والشراب.. لا سيما ان الاجور ما زالت على حالها منذ العام 1996 والناس على صبرهم. ومع ذلك، فبدل ان نفكر في حل مشكلاتهم، نفكر كيف نثقل كاهلهم اكثر بضرائب جديدة وننزل عليهم افكارا جديدة مثل «التعاقد الوظيفي» وخلخلة الامن الاجتماعي وتقليص الخدمات.‏

نحن امام مشكلة حقيقية، ومن حقنا ان نقول، لا. وهذه «اللا» قد تكون في جلسة مجلس الوزراء وهي كانت، وقد تكون في مجلس النواب وقد تكون في التظاهرة، وهذا امر عادي طبيعي فلماذا التوتر؟ ومن عنده موقف تجاه هذه القضية فليناقشها، لكن ان يتهم فهو يهرب بطريقة خاطئة وغير صحيحة.‏

ـ عشية مناقشة تقرير لارسن‏

ـ من المأخذ على هذا التحرك انه جاء عشية مناقشة تقرير تيري رود لارسن في مجلس الامن، وانكم تريدون ان تظهروا في الشارع للمجتمع الدولي ان اي ضغط اضافي على سورية وحلفائها سوف يؤدي الى اللااستقرار في لبنان؟‏

ـ دعني اقول لك شيئا من باب الفكاهة، يبدو ان مجلس الامن هو الذي اختار توقيت هيئة التنسيق النقابية في العاشر من ايار واختار موعدا يشوش على هذه التظاهرة واهدافها وبان موعد العاشر من ايار مقرر في هيئة التنسيق منذ حوالى الشهر ومجلس الامن قرر بالامس ما يريده، اذا، ما هو الربط بين ما هو في مجلس الامن والتظاهرة؟ فاذا كانت التظاهرة من اجل امر مطلبي ستؤدي الى هذا الانعكاس الدولي، فاعتقد ان في الامر سذاجة غير مقبولة واقعيا. لا علاقة لما يجري من قضايا مطلبية بما يجري في مجلس الامن.. لانه للاسف، وكل اسبوعين او ثلاثة، اذا حصل اي تحرك سنواجه في هذين الاسبوعين قرارا في مجلس الامن، لان مجلس الامن اليوم متفرغ للقضية اللبنانية ويضع دائما، المقررات والمقترحات حتى بتنا نرى عدد القرارات المتعلقة بلبنان تفوق عدد القرارات التي اتخذت في عشرات السنين لقارات على وجه الارض.‏

اذا نحن امام ازمة اخرى يجب ان نعالجها بمعزل عن موضوع القضايا المطلبية التي هي حق طبيعي..‏

مسيرة الحوار‏

ـ في ضوء التصعيد السياسي الذي رافق التظاهرة هل تخشون على مسيرة الحوار من ان تتوقف او تنهار؟‏

ـ مسيرة الحوار مستمرة، والجميع يريدونها، لكن البعض يخشى ان يقال انه ضد الحوار ولو كان كذلك، لذلك فانا اعتقد ان الحوار سيستمر لكن انتاجيته تكون اضعف...‏

ـ العلاقة مع سعد الحريري‏

ـ احد اقطاب الحوار قال انه سيحضر ولكن كمراقب! الا يؤشر ذلك على ان المؤتمر وصل الى حائط مسدود خصوصا بعد الانتكاسة التي حصلت في العلاقات بين حزب الله وسعد الحريري؟‏

ـ بالنسبة الينا في حزب الله قلنا منذ اكثر من سنة ان الحوار هو الطريق، وانعقد الحوار ونحن سنستمر في الحوار حتى ولو وضع البعض العصي في الدواليب.‏

ـ وبشخص الامين العام؟‏

ـ وبشخص الامين العام نعم. فليقولوا هم انهم لا يريدون الحوار، هذا شأنهم، لكن نحن سنشارك بفعالية في الحوار وسنقول وجهة نظرنا، لن نتخلى عن هذا المسار تحت اي ضغط من الضغوطات، لن نقبل بأن يكون هناك بدائل، لا في الشارع ولا في الضغوطات الدولية ولا في الوصاية الاميركية، ونعتبر ان قدر اللبنانيين في التفاهم مع بعضهم البعض وان يعترفوا بحقوق بعضهم البعض، وهذا هو السبيل الوحيد.‏

نحن سنستمر في الحوار، حتى ولو خرجت اصوات غير مناسبة في اوقات غير مناسبة. نسأل الله تعالى بأن يعينهم على العودة الى الطريق الصحيح لان لبنان لا يحتمل مغالبة ولا يحتمل وصاية اجنبية ولا يحتمل محاولة تهشيم طرف للاطراف الاخرى... فبناء لبنان لا يتم الا بالتفاهم والحوار والتعاون. ونحن حاضرون، فكما ساهمنا في هذا الانجاز الكبير في ما اتفقنا عليه على طاولة الحوار نحن مستعدون للاستمرار ولو تخلى البعض عن بعض انجازات الحوار.‏

ـ النزول الى الشارع‏

ـ يؤخذ عليكم انكم بادرتم او عجلتم في النزول الى الشارع وانتم تعلمون ان بعض اهداف النزول الى الشارع هو اسقاط الحكومة.. لكنكم لم تتحركوا، او لم تدعموا التحرك في الشارع من اجل اسقاط احد رموز ازمة الحكم في لبنان الا وهو رئيس الجمهورية.. كيف يمكن التوفيق بين الموقفين؟‏

ـ الفرق كبير، بين الشارع الذي كان يدعو اليه البعض في مواجهة رئاسة الجمهورية، والشارع الذي دعت اليه هيئة التنسيق النقابية حاليا لقضية مطلبية. الشارع الاول، ارادوه شارعا مقاتلا بالحجارة والهجوم والاعتداء على قصر بعبدا، اي ارادوه شارعا هجوميا يستخدم وسائل غير سلمية ويؤدي الى مخاطر كبيرة في البلد. هذا الذي اعترضنا عليه، وعلى كل حال، هم سحبوا هذا الاتجاه لانهم عرفوا مخاطره وردود الفعل التي يمكن ان تأتي عليه، وهذا خطر كبير على لبنان.‏

اما الشارع اليوم في هيئة التنسيق النقابية، فهو مجرد تظاهرة سلمية ترفع قضايا مطلبية وهي لا تتحدى احدا ولا تعمل على اسقاط الحكومة ولا تريد اي مشروع سياسي، تقول: توجد مجموعة مطالب عالجوها لنا، ونحن كحزب الله لم ندع الى هذه التظاهرة، هيئة التنسيق النقابية هي التي دعت، نحن لبينا الدعوة، وقلنا اننا سنشارك وسنشارك فيها كتظاهرة مطلبية لا نريد من ورائها اي امر اخر لا ضد الحكومة ولا ضد غيرها ونحن واضحون في ما دعونا اليه، التظاهرة مطلبية، وهي مفتوحة للجميع.‏

ـ اسقاط الحكومة‏

ـ في ضوء ما ستسفر عنه التظاهرة، وفي حال لم تستجب الحكومة الى مطالب هيئة التنسيق، ما سيكون عليه موقفكم في الحكومة، هل انتم مع التوجه لاسقاط الحكومة والاتيان بحكومة اخرى اكثر تمثيلا وشمولية؟‏

ـ نحن مستمرون في الحكومة، ولم ندع الى اسقاطها، وعلى اساس نتيجة التظاهرة، واستجابة الحكومة بشكل او باخر، تقرر هيئة التنسيق النقابية الخطوات المطلبية وكيفية متابعتها. هذا امر ميداني له علاقة بمسار مطلبي، نحن لم نبدأ على اساس اسقاط الحكومة، وليس في برنامجنا ان نطور هذا التحرك في هذا الاتجاه اما ماذا يمكن ان يحصل في المستقبل، وكيف ستكون امور المطالب وكيف ستناقشها الحكومة، وما هي ردود فعل الناس، هذه امور تعالج في وقتها، اي نحن لسنا امام مشروع متكامل لمواجهة الحكومة، نحن امام افكار مطلبية بحتة وسنرى الى اين ستصل.‏

ـ ما هي البدائل‏

ـ يقول رئيس الحكومة ان هذا ما لديه، ومن لديه شيء اخر فليقدمه، حتى الان لا احد من المعترضين على الورقة الاصلاحية تقدم باي اقتراحات محلية بديلة، بينما لديها خطاب سياسي. وشئنا ام ابينا فان الخطاب المطلبي هو في جانب منه خطاب سياسي.. فما هي البدائل التي تقترحونها في موضوع الاصلاح الاقتصادي والمالي؟‏

ـ عندما يجلس مع الهيئات الاقتصادية والنقابية واصحاب الكفاءات والخبرات، ويناقش مضمون الورقة الاصلاحية بتفاصيلها، ويجري النقاش بين الجهات المعنية لا بد ان يتوصلوا الى استنتاجات معينة. تطرح عبر وسائل الاعلام وينافس البعض البعض الآخر، الامر مرتبط بدراسات مباشرة، على سبيل المثال، في الضرائب فكرتان. فكرة اولى ان تعم الضريبة كل الناس وفكرة اخرى ان تكون تصاعدية، تطال اصحاب رؤوس الاموال الكبرى والارباح الكبرى. قد تؤدي هذه المنهجية الثانية الى معالجة في اعطاء المبالغ المطلوبة من دون ان تمس كل الفئات المحرومة والمسحوقة.. هذه فكرة مطروحة ـ لكن نحن نعلم ان التمسك بالفكرة الاولى بشمولية الضرائب والتخفيف على كبار المستثمرين ينطلق من رؤية اخرى لها علاقة باستقطاب رؤوس الاموال. ومن قال ان لبنان لا يستقطب رؤوس الاموال حتى مع بعض الضرائب المرتفعة لهؤلاء، في الوقت الذي تسد امامهم ابواب الغرب وابواب اميركا. وتوجد اموال طائلة عند العرب وعندهم حاجة لان يستثمروها. اذاً يجب ان نرى الصورة بشكل كامل. وهكذا يمكن ان ندخل الى باب الفساد الذي ما زال معشعشا في دوائر كثيرة بتخفيف الفاتورة وتخفيف النفقات المطروحة وان نخرج من دائرة المحسوبيات التي تؤثر على قوة الادارة وقدرتها.. هذا جانب من الجوانب التي تخفف الهدر، اذا، الامور تناقش على الطاولة مع المختصين والمعنيين، ويمكن الوصول الى نتيجة في كل الاحوال لا يمكن ان تكون النتيجة على حساب المزيد من افقار الناس لان ما تأخذه الحكومة من الناس بافقارهم سيكون ثمنه غاليا جدا، سيوجد امامنا ازمات اجتماعية واخلاقية وعملية قد يدفعون بالناس الى اعمال ليست متناسبة مع الوضع الاجتماعي، وهذا كله من امراض ومشاكل الفقر الذي يعم الحال العامة.‏

ـ تقرير لارسن‏

ـ يلاحظ انه عشية دراسة تقرير تيري رود لارسن الذي لكم فيه اوصاف «جميلة جدا». اثيرت مسألة السواتر الترابية في عرسال. والبعض ربط بين هذه السواتر ومزارع شبعا. هل لنا ان نعرف حقيقة الموقف وهل هناك مؤشرات دولية دخلت لاثارة هذا الموضوع. ام انها مصادفة حسب معلوماتكم؟‏

ـ لو كانت النوايا سليمة لتم التعاطي مع ملف مزارع شبعا بطريقة مختلفة عن التعاطي بالعلاقة بين لبنان وسورية. لكن للاسف النوايا غير سليمة، هناك افتعال للمشاكل، هذا الساتر الترابي الذي انشئ او كان موجودا هو عبارة عن مشكلة حدود او عبارة عن مشكلة مهربين، او ضرر لسورية ولبنان مما يحصل في هذه المنطقة ويستلزم ان يكون هناك ساتر او قطع للطريق.‏

يمكن للبنان وسورية ان يشكلا لجنة مشتركة وتناقش هذا الساتر وغيره من السواتر، كما يمكن ان يناقشوا مسألة الحدود بين البلدين ما عدا مزارع شبعا، فإذاً هناك نقاش بالحد الادنى ونقاش بالحد الاقصى. لكن المطلوب ان يكون هناك احترام الطرفين لبعضهما البعض. لا ان تستغل كل قضية ويصنع منها ازمة كبيرة توظف في تقرير لارسن وفي قرارات مجلس الامن، وتستخدم كمبررات من اجل المزيد من الضغط على سورية. هذا غير منسجم، على ما انتجه مؤتمر الحوار الذي دعا الى علاقات مميزة بين لبنان وسورية، كيف تكون هذه العلاقات مع الاتهامات والشتائم وتبادل الاتهامات؟‏

مزارع شبعا‏

ـ هذه ايضا مميزة؟!‏

ـ اما الربط مع مزارع شبعا فهو ربط خطير لان مزارع شبعا مشكلة بين لبنان واسرائيل، مشكلة مع عدو، اما السواتر الترابية فمشكلة بين اشقاء. والمشكلة مع العدو امر محتمل، اما المشكلة مع الاشقاء فهي اننا مختلفون على وضع مكان الساتر، هذه مشكلة جزئية تافهة لا تستحق هذه الاثارة غير العادية.‏

اما بالنسبة الى مزارع شبعا، نحن نعتبر انها قضية خاصة لها علاقة بمواجهة المشروع الاسرائيلي ولا يمكن ربط اي نزارع اخر بما يحصل في مزارع شبعا.‏

ـ في هذا الصدد كان رئيس الحكومة قد طرح قبل يومين فكرة تشكيل مجموعة لجان لترسيم الحدود. واحدة لترسيم الحدود في المزارع، وواحدة في دير العشاير والطفيل وعرسال واخرى في الشمال، تعمل مع بعضها البعض، ما رأيكم؟‏

ـ لا اعلم على من يقترح رئيس الحكومة هذه اللجان، اذا اراد ان يكون هناك عمل جدي وفاعل فمحل مثل هذه اللجان تأتي كنتيجة طبيعية لحوار مشترك بين لبنان وسورية. اما عندما تطرح بهذه الصورة عبر وسائل الاعلام فهي لجان سياسية وليست لجاناً عملية ويراد منها تسجيل نقاط، لاننا نعلم، ان اي اقتراح من اجل ان يكون عمليا في اي جانب من الجوانب لا بد ان يدرس اصحاب العلاقة ويطرح كل منهم وجهة نظره في كيفية المتابعة، المسألة ليست في تشكيل اللجان، ولا في تعدادها، المسألة في هدف العمل.. ما هو؟ عندما يكون الهدف المطروح في لبنان هو تسليط الضوء على مزارع شبعا لاحراج السوريين والانسجام مع توجهات لارسن والقرار الدولي فمعنى ذلك اننا ندخل في الطريق المسدود، لكن عندما يكون الهدف هو التفاهم بين لبنان وسورية لمعالجة القضايا العالقة، ما عدا مزارع شبعا، من حيث الحدود، عندها تكون هناك فرصة لمناقشة تفاصيل قد تنتج وقد تصل الى حلول حقيقية.‏

الحوار والطريق المسدود‏

ـ توصل مؤتمر الحوار الى حل لمجموعة بنود وبقي امامه على ما اذا موضوع رئاسة الجمهورية، ترسيم الحدود في مزارع شبعا، وسلاح المقاومة... هناك من يقول ان المؤتمر وصل الى حائط مسدود، ماذا تقترحون على مؤتمر الحوار لتجاوز هذه العقد المتمثلة في البنود الثلاثة وهل سيؤدي عدم تجاوز ذلك الى نسف المواضيع التي اتفق عليها سابقا؟‏

ـ يوجد بندان على طاولة الحوار وليس ثلاثة. الاول هو ازمة الحكم ومن ضمنها رئاسة الجمهورية.‏

ـ الثاني ترسيم الحدود.‏

ـ لا. لقد انتهينا من موضوع مزارع شبعا.‏

ـ كيف؟‏

ـ عندما اتفق المؤتمر على لبنانية مزارع شبعا وان المطلوب تحديد حدود مزارع شبعا، والتحديد غير الترسيم، والتحديد هنا هو من مسؤولية الحكومة اللبناينة وعليها ان تتابعها بالطرق المناسبة ليثبت لبنان حقه بالطرق التي يراها مناسبة، نحن وصلنا هنا الى الامر التنفيذي، الذي لم يعد لمؤتمر الحوار علاقة بتفصيلاته سوى ان يكون مشرفا او مراقبا لحسن الاداء.‏

والنقطة الثانية هي نقطة سلاح المقاومة من ضمن استراتيجية حماية لبنان. لان العنوان هو حماية لبنان، وعلى هذا الاساس لا بد وان يجري النقاش ضمن هذا الاتجاه.‏

الواضح ان اتجاه مسألة رئاسة الجمهورية هو ابقاء الامور على ما هي عليه، اذ لم يستطع الطرف الاخر، فريق 14 شباط ان يقدم حلولا متكاملة وانما قدم افكارا تطلب من الطرف الاخر ان يساعده على تحقيق مشروعه من دون ان يكون هناك مشروع واضح متكامل ينفع في الانتقال الى خطوة تالية تكون بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، على هذا الاساس يبدو ان امر الرئاسة اصبح محسوما في عدم وجود قابلية عملية او مشروع مطروح لمعالجة موضوع ازمة الحكم.‏

اما بالنسبة الى حماية المقاومة، فعندما نجلس على طاولة الحوار نفهم ما هي الافكار ونطرح الافكار الموجودة عندنا، لكن بصرف النظر عن النتائج، ما نفهمه ان ما توصلنا اليه على طاولة الحوار اصبح ملزما للجميع، ولا يستطيع احد ان يتراجع عنه. ومن يتراجع عنه سيتحمل كل المسؤولية المترتبة على ذلك.‏

بالنسبة الينا، كحزب الله، مهما كانت النتائج، على طاولة الحوار في البند الاخير (سلاح المقاومة) فنحن ملتزمون بما توصل اليه المجتمعون سابقا وما قرروه على طاولة الحوار.‏

ابدال رئيس الجمهورية‏

ـ قبل ان ندخل الى موضوع السلاح، اود ان تجيبني بصراحة لماذا تعارضون ابدال رئيس الجمهورية برئيس اخر، وانتم تعلمون انه بعد سنة وسبعة اشهر سيجري انتخاب رئيس جديد من مجلس نيابي غالبيته ليست من رأيكم ولا من خطكم وبالتالي سيكون رئيسا ليس من ضمن الشروط والمواصفات التي تطلبونها.‏

ـ لم يقنعنا الطرف الاخر بمبررات تغيير رئيس الجمهورية وكل ما في الامر ان هناك رغبة للامساك برئاسة الجمهورية واختيار رئيس يكون مطواعا لجماعة 14 شباط كي يكملوا سلسلة الاطباق على القرار اللبناني تحت عنوان، الاغلبية النيابية، والسيطرة على الحكومة والامساك برئاسة الجمهورية. اذاً، هم يعملون من ضمن حلقة سيطرة ولا يعملون ضمن حلقة توزيع الامكانات والقدرات بما يتلاءم مع مصلحة لبنان.‏

على هذا الاساس لا يمكن ان نساعد في سيطرة الاخرين بطريقة خاطئة.‏

ـ ماذا تخشون؟‏

ـ كيف نساعدهم على السيطرة بطريقة خاطئة في الوقت الذي نعتقد فيه ان رئيس الجمهورية يقوم بدوره بشكل صحيح، وانه حمى المقاومة في اصعب الظروف وان توجهاته السياسية جيدة لمصلحة لبنان وانه يتعامل مع الحكومة ومع القوى المختلفة في لبنان من موقع صلاحياته بشكل عادي وطبيعي، اذاً، لا يوجد ما يبرر تقليص ولاية رئيس الجمهورية.‏

اما ان هذا الامر سيتغير بعد سنة وثمانية اشهر فهذا هو المسار غير الطبيعي.. ونحن لسنا خائفين مما سيأتي وعلى الاخرين ان يقتنعوا بان المسار الدستوري هو الحكم في النهاية، عندما لا يعجبنا شيء او يعجبنا شيء آخر.‏

نحن لا يطرح علينا سؤال لماذا لا تريدون تغيير رئيس الجمهورية، السؤال يطرح على الفريق الآخر، لماذا تريدون تغيير الرئيس.‏

ـ هم الذين يعطلون‏

ـ هم قالوا وحددوا الاسباب؟‏

ـ هم قالوا بانه يعطل لهم القرارات في البلد. وما نراه نحن هو انهم هم الذين يعطلون القرارات واكبر دليل على ذلك هو المجلس الدستوري الذي رفضت الحكومة، حتى الان، ان تعين اعضاءه لانها لا تريد لمجلس دستوري، في هذه المرحلة، ان ينعقد وان ينظر في الطعون النيابية، ويريدون مجلسا دستوريا على قياسهم. وهذا في رأينا تعطيل للمجلس، هذه محاولة لالغاء قدرة القضاء على الاستقلال وبالتالي، التسييس للمجلس الدستوري سيؤدي الى عدم فعالية وجوده بقصد ان يكون جزءا من السلطة التنفيذية التي تأخذ البلد في الطريق الذي يريدونها. وهذا مخالف لاصل فكرة المجلس الدستوري.‏

من هنا، ما قالوه كمبررات ليس مقنعا وليس سليما، ما الذي عطله لهم رئيس الجمهورية حتى الان، هم يعطلون ما يريدون ويسيرون ما يريدون، من الذي اثار بلبلة رئاسة الجمهورية واحاط البلد بتوتر سياسي طوال الاشهر السابقة حيث كان البلد في حالة غليان بسبب ما طرحوه وهددوا به وارعبوا الناس، في الوقت الذي لا يستلزم فيه الامر كل هذه الحركة. امامهم دستور وامامهم صلاحيات فليستخدموا الدستور والصلاحيات كما يسمح لهم.‏

فصل لبنان عن صراع المنطقة‏

ـ هناك من زملائكم على طاولة الحوار من يعترض عليكم ويدعو الى فصل لبنان عن دائرة الصراع مع العدو الصهيوني بحجة ان لبنان تعب ولم يعد قادرا لوحده ان يتحمل المسؤولية والنتائج، والبعض الاخر يقول بان علينا ان نختار بين ان يكون لبنان «هانوي» او «هونغ كونغ» وبانه اختار «هونغ كونغ». وان الاجماع الذي كان يوما على المقاومة لم يعد موجودا بعد تحرير الشطر الاكبر من الجنوب، فلماذا يريد حزب الله ان يستأثر (والكلام لهم) بقرار الحرب ويزج بلبنان في معركة لا يجمع اللبنانيون عليها؟‏

ـ هناك خطأ يروجون له وهو ان لبنان دخل في الصراع العربي ـ الاسرائيلي، في الواقع ان لبنان لم يدخل، انما ادخل في هذا الصراع بسبب اسرائيل.‏

اسرائيل هي التي دخلت الى لبنان واحتلته، وليس لبنان هو الذي تحرش بإسرائيل ودخل الى الحدود الفلسطينية...‏

ـ حجتهم ان المقاومة الفلسطينية التي كانت موجودة في الجنوب هي التي وفرت الذريعة للاحتلال؟‏

ـ خرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان، لماذا بقي الاسرائيلي حتى سنة 2000 ولم يخرج الا بضربات المقاومة؟ لانه اراد من مشروع احتلاله ان ينهي المقاومة الفلسطينية وان يخرجها من لبنان وهذا تحقق له بنسبة كبيرة، واراد ايضا ان يستثمر وجوده في لبنان ليستخدم بلدنا منصة سياسية لارباك سورية ولتوطين الفلسطينيين ولجعل من لبنان ممرا سياسيا وامنيا وعسكريا لاسرائيل من اجل تطويق الفلسطينيين. اذا على هذا الاساس فان اسرائيل هي التي تدخل لبنان في الصراع، وليس لبنان هو الذي يدخل بنفسه وبسبب قراراته ومشروعه، ما فعلته المقاومة هو انها منعت اسرائيل من استثمار لبنان وضيقت خياراتها عن طريق لبنان، هذا الامر يجب ان يستمر، ولا ننكر، ان حجم الاتفاق اللبناني حول المقاومة كان كبيرا جدا الى درجة شبه الاجماع. لكن هذا لا يعني انه لو اراد البعض في لبنان ان يتخلى عن قوة لبنان بان نستجيب له، لان الرأي السياسي هو هذا، لا زالت الاكثرية الشعبية في لبنان، يؤمنون بضرورة الدفاع عن لبنان، وهذا امر كفلته القوانين الدولية والحقوق الشرعية وحق المواطنة وبالتالي فليس صحيحا ان تفرط بقوة لبنان وقدرته لمصلحة فئوية عند البعض.‏

اضافة الى ذلك، فنحن لا نملك قرار الحرب والسلم، ولا نريد ان يكون في يدنا قرار الحرب والسلم. هذا القرار هو تتخذه الدولة اللبنانية، ما تفعله المقاومة هو الدفاع ورد الفعل، ولا تقوم باعمال خارجة عن هذه الدائرة، هل يمكن ان يقال لمن يدافع عن ارضه ممنوع ان تدافع الا بعد ان تستأذن في كل خطوة من الخطوات، هذا امر غير منطقي، وغير سليم، والدفاع اصلا، ليس قرار حرب او سلم، الدفاع هو حماية، وهذه مسؤولية المقاومة ومسؤولية الدولة اللبنانية ومسؤولية الشعب اللبناني، نحن نطالب باقي المتفرجين ونطالب الدولة اللبنانية بان تكون في دائرة الاستعداد الدائم لحماية لبنان. هذا هو المطلوب وليس العكس.‏

ـ هل تسلمون سلاحكم؟‏

ـ هناك حركة ديبلوماسية لبنانية نشطة في بعض عواصم القرار للضغط على «اسرائيل» لتنسحب من مزارع شبعا، في حال قدمت اليكم ضمانات بان «اسرائيل» ستنسحب، هل ستسلمون سلاحكم الى الدولة اللبنانية وتحلون «ميليشيا» حزب الله لتتشكل منها لواء في الجيش اللبناني؟‏

ـ حزب الله واضح في طرحه، هو يقول نحن امامنا هدفان كبيران. الاول تحرير مزارع شبعا وملحقاتها، يعني تحرير الاسرى وحل مشكلة الالغام على الاراضي اللبنانية وما يرتبط بمزارع شبعا، والامر الثاني هو حماية لبنان من ان تعتدي عليه «اسرائىل» ويقف عاجزا امامها، فلو افترضنا ان المساعي السياسية وصلت الى تحرير مزارع شبعا بالديبلوماسية، نكون قد حققنا احد الهدفين، وهذا انتصار كبير وهذا امر نقبله ونفتخر به، يبقى الهدف الثاني وهو حماية لبنان.‏

عندما نناقش الاستراتيجية الدفاعية في مؤتمر الحوار ونتفق على آلية لحماية لبنان في آلية حماية لبنان يتبين موقع السلاح وموقع المقاومة، فاذا استلزمت الحماية ان يكون هناك مقاومة وسلاح بنسبة معينة وبمقدار معين وبظروف معينة يكون هذا الامر قائما، لان الاصل هو حماية لبنان. واذا تبين ان هناك حلولا اخرى تطرح بدائل مقنعة، فنحن حاضرون لهذه الحلول الاخرى التي تؤدي الى حماية لبنان. نحن متمسكون بالحماية استلزمت السلاح او استلزمت خطوات اخرى، لكن، لا يمكننا مسبقا ان نفترض ان الحماية تعني عدم وجود السلاح، قد تعني الحماية تعزيز السلاح، هذا امر مرتبط بالنقاش الذي سيدور بيننا وبين الاخرين.‏

المنظومة الاقليمية‏

ـ هناك ايضا اتهام لسلاح المقاومة بانه جزء من منظومة اقليمية، وان هذا السلاح بات احتياطا استراتيجيا لمشكلة اقليمية (سوريةـ ايرانية) مع الولايات المتحدة. اين الصحة في هذا الكلام والى اي درجة؟‏

ـ منذ الاجتياح الاسرائيلي سنة 1982، حتى اليوم، استخدم هذا السلاح في الدفاع عن لبنان وفي مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، وقالوا الكثير عن خدمات هذا السلاح، سوريا وفلسطينيا وعربيا وايرانيا، لكن من يدرس الوقائع يرى ان النتائج كلها لمصلحة لبنان. ومن الطبيعي عندما يستفيد لبنان ويتحرر لبنان ويحقق مكتسبات ان تستفيد سورية وان يستفيد الاخرون الذين يؤيدون هذا المشروع، وان يكون المتضررون من الذين يساندون اسرائيل، دائما عندما تربح يربح اصدقاؤك معك، وعندما يربح عدوك يربح اعداؤك الاخرون معه. هذا امر طبيعي.‏

اما وجهة هذه المقاومة وهذا السلاح، فهي وجهة معروفة في الدفاع والحماية والعمل من اجل تحرير لبنان وحماية ارضه، لكن تسألني عن ما يمكن ان يحدث من تطورات في المستقبل، لا احد يعلم كيف ستكون التطورات، من سيعتدي على من، وكيف ستكون خارطة المنطقة وما هي الظروف الموضوعية التي تكون آنذاك، انا لا استطيع ان اجيب على موضوع معقد على المستوى الدولي ومترابط مستقبليا، فلو افترضنا مثلا ان اميركا قررت ان تعتدي على لبنان في الوقت نفسه الذي تعتدي فيه على ايران وعلى سورية، هل ممنوع على لبنان ان يدافع عن نفسه لان العدوان قائم على ايران وعلى سورية، اذا هذا ظرف يتطلب موقفا. بالتأكيد ندافع عن انفسنا في هذه الحال، لكن لو افترضنا انهم اعتدوا على ايران ولم يكن هناك شيء في منطقتنا وقامت ايران بالدفاع عن نفسها ـ وهي قادرة على ذلك ـ لا اعلم وقتها كم سيكون حجم المشكلة وكيف ستتصرف اسرائيل.‏

السلاح في الداخل‏

ـ هناك فئة من اللبنانيين تبدي مخاوفها من ان يستخدم سلاح المقاومة في الداخل... وان حزب الله يستقوي بسلاحه ليفرض رأيه في الداخل. وهناك رأي للبطريركية المارونية يقول «انه من غير الممكن القبول بوجود سلاح في يد فئة من اللبنانيين ولا يكون في يد فئات اخرى؟‏

ـ نحن ضد اي سلاح ميليشياوي، لكن سلاحنا هو سلاح مقاومة. المقاومة تتجه في مواجهة العدو ولا تتجه الى الداخل.. وعلى الاقل امامنا تجربة 22 الى 24 سنة، اعتقد انها كافية لتثبت توجه سلاح المقاومة وطبيعة ادائه.. واقول اكثر من هذا، اذا استخدم سلاح المقاومة في الداخل يسقط من اول يوم، هذه قناعتنا. فإذن لا تخافوا لان فشله في داخله اذا كان للداخل، ونجاحه في داخله عندما يكون في مواجهة اسرائيل. ونجاحه تحقق بسبب هذه المنهجية، هذه قناعتنا.‏

اضافة الى ذلك، نحن لا نقبل ان يقارن الوضع بالحسابات الطائفية، خصوصا اننا في الفترة السابقة عانينا داخل الدولة وصرفنا من الوظائف وحرمت مناطقنا من مكتسبات كثيرة وتقاسم الآخرون الجبنة واخذوا ما اخذوا وسرقوا ما سرقوا وفعلوا ما فعلوا في الدولة اللبنانية ولم ننزل يوما لا في تظاهرة ولا في انتخابات ولا في موقف سياسي ولا اجتماعي او اقتصادي بسلاحنا، انما كنا دائما نتابع وفق القواعد السياسية المعروفة، لم يشعر احد انه ينافس جهة مسلحة، دائما كانوا يتعاطون معنا كجهة لبنانية تعمل بالسياسة وفق المنظومة القائمة، هذا حصل في الانتخابات النيابية، وحصل في الانتخابات البلدية، وكذلك في القضايا المطلبية، وفي كل شيء..‏

لا داعي لهذا الخوف، ولا داعي لهذه الاشارات.‏

ـ ما هي الضمانات لذلك؟‏

ـ الضمانات اداؤنا العملي، واذا كانوا يريدون اشياء اخرى فليناقشوننا بها، اما ان يضعوا لنا قواعد ومسلمات بان عليكم ان تتركوا السلاح وتوقفوا المقاومة وعندما نسألهم ما هي الضمانات من ان لا تهجم اسرائيل علينا وان لا تقتل كوادرنا وان لا تحتل قرانا، يقولون هذا امر يمكن ان يكون له ضمانات دولية، وعندما نقول لهم ان الضمانات الدولية لم تحمي سجنا في اريحا فكيف يمكن ان تحمي بلدا بكامله، يقولون، ليس عندنا طرح اخر. انا اقول لك بكل وضوح كما يريدون طمأنة نعطيها واعطيناها وحاضرون لان نعطيها اكثر فاكثر، فنحن ايضا نريد طمأنة ان تكون الحلول التي يطرحونها لا تؤدي الى خراب لبنان وسقوط وتعريض قياداته وقراه الى مزيد من القتل والدمار والخراب والاحتلال.‏

الكونفدرالية‏

ـ يحكى في بعض الاوساط الضيقة جدا ان هناك فكرة لاعادة مشروع كونفدرالية في لبنان. على خلفية طائفية ـ مذهبية تستوحي ما جرى في العراق... وان لا خيار للاقليات في لبنان الا بالعودة الى صيغة التعددية ضمن صيغة كونفدرالية، ما رأيك؟‏

ـ معلوماتي ان الامر غير مطروح، واشدد على اننا لا نقبل الا بلبنان الواحد الموحد الذي يتعامل ابناؤه وفق دستور واحد. لبنان صغير ولا يتحمل، ومن الخطأ ان يسلك البعض هذا المسلك.‏

على كل حال من اجل ان تطمئن اكثر حول امكانية هذا الطرح ام لا احيلك لتسأل شخصين اثنين، ربما يملكون اجابة اكثر وضوحا مني. احيلك الى الاستاذ وليد جنبلاط ليعطي الجواب، والى سمير جعجع، انا اقبل بالاجابة التي يقولانها فهي التي تعبر عما يمكن ان يحصل في لبنان، غير ما قلته اذا كان هناك مشروع.‏

ـ ماذا تتوقع ان يقول وليد جنبلاط وسمير جعجع؟‏

ـ إسألهما.‏

ـ العلاقات مع سورية‏

ـ كيف ترى مستقبل العلاقات مع سورية وكيف تقوّم زيارة الرئيس بري الى دمشق مكلفا من قبل مؤتمر الحوار... ولماذا لم يقم حزب الله بمثل هذه المبادرة مع القيادة السورية لما يربطه بها من وشائج وعلاقات مميزة وممتازة؟‏

ـ خطوة الرئيس بري خطوة جيدة على الطريق لاعادة العلاقات اللبنانية السورية. وحزب الله له اتصالاته مع السوريين ولا يوفر جهدا في هذا الاتجاه ايضا، وهذا امر معروف.‏

ولكن لا اتوقع لهذه العلاقات ان تتحسن في ظل الاثارات التي تعيق انشاء هذه العلاقات من ما يفعله البعض في اثارة قضايا صغيرة وجزئية واكثار عوامل التوتر والالتجاء الى الخارج لمزيد من الضغط على سورية. هذه خطوات تتعارض مع مسعى التوفيق والتعاون مع سورية، اتمنى ان يدرك المسؤولون ان طريق التفاهم له مسار ولكن اذا كانوا لا يريدون هذا المسار في التفاهم فالحديث عن العلاقات اللبنانية ـ السورية وحزبها بطريقة التحرك سيؤدي الى المزيد من التوتر ولن تكون هناك علاقات لبنانية ـ سورية في المدى المنظور على هذا الاساس...‏

ـ وليد جنبلاط‏

ـ كيف تصفون علاقاتكم اليوم بوليد جنبلاط، وهل الاتصالات مقطوعة نهائيا؟‏

ـ لا توجد علاقة، فهو قد اختار مسار آخر في المقلب الآخر، وعمليا لا توجد اي اتصالات، بمعنى اللقاءات او التشاور، او ما شابه، الامر مقتصر على اجواء جلسات الحوار، وهي الجميع.‏

ـ هل انتم نادمون على المرحلة السابقة في العلاقات معه؟‏

ـ ما عملناه سابقا كان ينطلق من رؤيتنا وقناعاتنا وقد قمنا بما هو واجب، ولا نندم على امر في ظروف كانت تستدعي ان نقوم بمثل ما قمنا به.‏

المصدر: صحيفة الشرق اللبنانية 11أيار/مايو 2006‏

2006-10-28