ارشيف من : 2005-2008

السيد فضل الله: يتحدثون عن الإصلاح ولا يسمحون بالحوار حول قانون من أين لك هذا ومحاسبة رموز الحرب وظروف المديونية وماذا عن الخطة الدفاعية

السيد فضل الله: يتحدثون عن الإصلاح ولا يسمحون بالحوار حول قانون من أين لك هذا ومحاسبة رموز الحرب وظروف المديونية وماذا عن الخطة الدفاعية

ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين. ومما جاء في الخطبة السياسية: "في المشهد الأميركي، نلتقي بتصريح الرئيس الروسي بوتين عن أميركا أنها "الذئب الذي يأكل ولا يستمع الى أحد، ولا نية لديه في الاستماع الى أحد، كيف يختفي كل الكلام المبالغ فيه عن حقوق الإنسان والديموقراطية حين يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحه الخاصة، حينها كل شيء يصبح ممكنا ولا تعود هناك أي حدود". " ومن جانب آخر، فإن الإدارة الأميركية لا تزال تتحدث عن الدبلوماسية في معالجة الملف النووي الإيراني، ولكن في أكثر من إشارة الى التهديد بالتدخل العسكري في نهاية المطاف إذا لم تخضع لقرار مستقبلي في مجلس الأمن في إيقاف التخصيب، بالتنسيق مع دول أوروبا الخاضعة لأميركا في سياسة المنطقة ـ ولا سيما بريطانيا وفرنسا ـ بالإضافة الى الضغط على لبنان وسوريا للتدخل في قراراتهما الداخلية في علاقاتهما الخاصة، من خلال قرار جديد لمجلس الأمن الذي تحول الى مجلس خاضع لأميركا وحلفائها للحرب السياسية والعسكرية ضد شعوب المنطقة من أجل مصالحها الاستراتيجية الخاصة. وقد يتساءل العالم الحر عن السبب في الضغط على إيران في ملفها النووي السلمي، وإعلان الحرب الإعلامية والنفسية والاقتصادية والعسكرية عليها في توقيت مستقبلي، بينما لا تضغط على كوريا الشمالية التي أعلنت عن امتلاكها القنبلة الذرية: هل أن أميركا تخوض حربها ضد إيران لمصلحة الأمن الإسرائيلي الذي يخشى من القوة الإسلامية في إيران والمنطقة، لأن أميركا خاضعة للفريق اليهودي في أميركا وإسرائيل، بالإضافة الى المحافظين الجدد، مما يجعلها في موقع العدو الاستراتيجي لمصالح العرب والمسلمين، مع ملاحظة أخرى وهي التحرك الأميركي لتطوير الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، في أكبر ميزانية مالية لتحقيق ذلك من أجل تخويف العالم الحر، ولا سيما العالم الثالث". وحذر الشعوب المستضعفة من هذا الخطر الأميركي في تهديد قضاياها ومصادرة أمنها وسياستها، الأمر الذي يفرض عليها المزيد من التخطيط لحماية أوضاعها الحيوية المصيرية، ولأن أميركا لا تبعث على الثقة حتى لحلفائها الذين يعيشون الخوف من مخططاتها وضغوطها الخفية حسب الظروف". وقال: "وفي ضوء ذلك، لا بد لإيران من التخطيط لموقع دفاعي استراتيجي، وللبقاء في موقع الإصرار على خطتها في التحدي العلمي الاستراتيجي في ملفها السلمي، وفي التحضير للدفاع عن نفسها ضد التهويل الأميركي ـ الإسرائيلي بالحرب ضدها، ونحذر الشعب الإيراني المسلم من كل الوسائل المخابراتية التي تخطط لإيجاد الارتباك السياسي من أجل الفتنة الداخلية لتحقيق هزيمة في حالة السلم بما لا تملكه في حالة الحرب، وعليه المحافظة على وحدته في مواجهة كل التحديات". وتطرق الى الوضع في فلسطين وقال:"أما في فلسطين التي نلتقي بالذكرى ال58 للنكبة في احتلال اليهود بالدعم الغربي الذي منحهم كل الإمكانات لتأسيس دولتهم التي قامت على تشريد الفلسطينيين من أرضهم، واضطهادهم في أرضهم ومنعهم من العودة إليها، وتحريك أقوى الأسلحة الأميركية في مجازر يومية وحشية اجتاحت عشرات الألوف، وفي اعتقالات عشوائية ضد الآلاف من الفلسطينيين، وفي حصار اقتصادي يستهدف التجويع والتدمير بالتعاون مع أميركا وأوروبا التي تلعب لعبة التمييع وإضاعة الوقت، في سياسة نفاقية خادعة من خلال التلويح بالدولة الفلسطينية المستقلة التي تتحدث عنها اللجنة الرباعية الدولية من دون جدوى، لأنها لا تزال خاضعة للخطة الأميركية. وإذا كانت قد قررت في اجتماعها الأخير تكليف الاتحاد الأوروبي بالبحث عن إنشاء آلية موقتة لنقل المساعدات مباشرة الى الفلسطينيين، فإننا نتصور أن ذلك سوف يمتد الى مرحلة سقوط الإنسان الفلسطيني تحت تأثير التجويع على جميع المستويات". اضاف: "ولعل من أخطر الأمور أنه في هذا الجو الذي يراد فيه إحداث نكبة جديدة في الشعب الفلسطيني، نجد السلاح الفلسطيني يقع في المحذور الذي طالما حذرنا منه، ويسقط فيه القتلى والجرحى في الصراع بين حركتي حماس وفتح، مما قد يؤدي الى استكمال الخطة الإسرائيلية في السيطرة على كل الواقع الفلسطيني في لعبة التجاذب بين السلطة وحكومة حماس. إننا نرى في هذا الاقتتال جريمة كبرى وخيانة عظمى، ولذلك فإننا نؤكد على الجميع العمل للخروج من هذا المأزق القاتل، لتعود الوحدة الفلسطينية في خط المقاومة وترتيب البيت الفلسطيني ضد الاحتلال كله. ثم تطرق الى الوضع في العراق وقال:"أما في العراق، فلا تزال الدوامة في المجازر اليومية تحت رعاية الاحتلال الأميركي ـ البريطاني، وتخطيط وتنفيذ الموساد الإسرائيلي، وإرباك المسألة السياسية في الخلافات الفئوية التي تعطل جهود حكومة الوحدة الوطنية من أجل الحصول على حصة طائفية أو عرقية أو شخصية لا مكان فيها للحصة العراقية الوطنية الشاملة، وهذ

ا مما يطيل عمر الاحتلال من جهة، ويعطل الحلول الجذرية والتحرر الوطني الشامل". وقال:"أما في لبنان، فلا يزال الإنسان اللبناني يعيش في أكثريته الساحقة تحت خط الفقر، ويتخبط في مناخ سياسي في إثارة أكثر من ملهاة في صراع الأقلية والأكثرية، واستعراض القوة الصوتية التي يرتفع فيها الصراخ بالتخوين الوطني من خلال الاتهامات المتبادلة التي تضع فريقا في دائرة سورية, وفريقا آخر في دائرة أميركية ـ أوروبية ـ إسرائيلية، في حوارات متنوعة قد تشبه موضوعاتها الخلاف حول جنس الملائكة، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن المسألة الاقتصادية هي المسألة الخانقة التي تمنع الشعب كله من التنفس من خلال جوعه وحرمانه وتهجيره من وطنه، الأمر الذي لا بد للمتحاورين أن يديروا الحوار حول حل المشكلة الاقتصادية بعيدا عن فرض ضرائب جديدة تزيد الفقراء فقرا من دون أن تقترب من امتيازات الأغنياء، ولا سيما في مصادرتهم لأملاك الدولة، ومن المسؤولين الذين أثروا على حساب الدولة عندما كانوا يتقلبون في أحضان الوصاية السابقة من خلال أوضاع الهدر والفساد. ثم جاؤوا يتحدثون عن الإصلاح ولا يسمحون بالحوار حول قانون "من أين لك هذا"، ومحاسبة رموز الحرب والسياسة وظروف المديونية التي جعلت البلد يعيش على حافة الانهيار. ثم ماذا عن الخطة الاستراتيجية الدفاعية عن لبنان، وهل المشكلة للبنانيين هي إسرائيل أو المقاومة؟ إن المواطن يتساءل في هذه المتاهات السياسية والأمنية والاقتصادية: ما هي النهاية؟ هل هي نهاية الخلاص من الخطر أو نهاية السقوط في هاوية الانهيار؟؟ "‏

2006-10-28