ارشيف من : 2005-2008

آية الله فضل الله: لن نخضع لأي قوة تعبث بالبلد أمنيا وسياسيا والمطلوب حوار عقلاني وموضوعي

آية الله فضل الله: لن نخضع لأي قوة تعبث بالبلد أمنيا وسياسيا والمطلوب حوار عقلاني وموضوعي

ألقى سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين. ومما جاء في الخطبة السياسية: "المنطقة تهتز سياسيا وأمنيا بفعل السياسة الأميركية المنفتحة على أكثر من موقع للسياسات الغربية، الى جانب السياسة الصهيونية، في خطة الأكاذيب الاستخبارية التي ارتكزت عليها الاحتلالات الأميركية، ولاسيما الاحتلال للعراق الذي اعترف الرئيس الأميركي بأنه ذهب الى العراق بالاستناد الى "معلومات استخبارية خاطئة"، مدافعا في الوقت ذاته عن قرار إبقاء الاحتلال قائلا: "ليس بالإمكان أن نغادر العراق قبل تحقيق النصر". اضاف سماحته:"السؤال الذي نوجهه للرئيس بوش ولإدارته "من هو الذي يحمي الشعوب الواقعة تحت ضغط المصالح الأميركية من "الأخطاء" القادمة للاستخبارات الأميركية، سواء على مستوى ضغط الاحتلال غير القانوني الذي لم يحصل على شرعية الأمم المتحدة، أو الخطط الاقتصادية والسياسية التي تربك مصالح الشعوب في الضغوط الهائلة التي تطبق على مواقع معارضيها أو أصدقائها لإخضاعها لمصالحها الامبريالية؟. حتى أننا قرأنا عن وثائق سرية نشرتها وسائل إعلام أميركية تتحدث عن أن البنتاغون "يشن حربا نفسية بكلفة 400 مليون دولار لتحسين صورة واشنطن في كافة أنحاء العالم"، بما في ذلك الدول الحليفة، كما أن الأجهزة الأميركية تتجسس في الوقت ذاته على الجماعات الأميركية المناهضة للحرب، وعلى النشاطات السلمية الداعية للسلام". "والسؤال للدول الأوروبية التي أيدت أميركا في احتلالها، ودافعت عن الأساس الذي ارتكزت عليه، بما في ذلك بريطانيا من خلال رئيس وزرائها مدافعة عن موقفها التحالفي معها: ما هو موقفها الآن من تكذيب الرئيس الأميركي لكل منطقها في الدفاع عن الاحتلال؟".‏

واشار السيد فضل الله الى "إن أميركا ماضية في الحرب السياسية على المنطقة، وفي التهديد بالعقوبات الاقتصادية وغيرها لاسيما على سوريا من أجل ترويضها وإخضاعها لتأييد احتلالها للعراق، ولإبعادها عن دعمها للشعب الفلسطيني بحجة اتهامها بدعم ما تسميه الإرهاب، مستغلة موقعها في مجلس الأمن الذي تتحرك فيه مع الحليفين الفرنسي والبريطاني". وتطرق الى الوضع اللبناني وقال:"أما لبنان الذي يعيش الاهتزاز الأمني على مستوى الاعتداء على حرية الصحافة والمعارضة، فإنه يواجه الخطر الكبير من خلال الأوضاع القلقة في إسقاط الثقة بالقضاء اللبناني، وإعلان الكثيرين من السياسيين إسقاط مصداقيته وفقدانه لصلاحية إعطاء الأحكام للجرائم الواقعة في ساحاته، وإسقاط الثقة بالأمن اللبناني الذي لا يملك القدرة على اكتشاف وضبط الخلل الأمني الذي يتمثل في التفجيرات المتحركة والاغتيالات الوحشية، حسب أكثر من تصريح أو تحليل لتبرير المطالبة بمحكمة ذات طابع دولي. وربما تصل الأمور بالواقع اللبناني ـ بفعل إيحاءات الوصاية الدولية البارزة ـ الى المطالبة بقوات الحماية الدولية، تحت تأثير مقولة العجز عن حماية لبنان نفسه في الداخل والخارج". وابدى خشيته من وصول المشكلة الى هذا المستوى، وقال: "نريد للذين تأخذهم الغيرة على هذا البلد الصغير أن يعملوا على تقوية قواته الأمنية والعسكرية بالتدريب القوي الذي تملك فيه الدفاع عن البلد، وبتقديم الوسائل والآليات التي تمكنه من القيام بذلك، ولا سيما من الدول العربية الغنية التي تتحدث عن الاهتمام بلبنان الأمن والسياسة والاقتصاد".‏

وقال سماحته: "إننا نؤكد على النادي السياسي اللبناني أن يتوازن في طروحاته وفي تحليلاته، بالطريقة التي ينفتح فيها على الحوار العقلاني الموضوعي الذي لا يتحرك في نطاق تسجيل النقاط ضد هذا الفريق أو ذاك، ويبتعد عن أساليب التشنج التي تثير الانفعال وتحرك الغرائز، ولا سيما الطائفية التي قد يتحول فيها الاختلاف السياسي على مستوى المعارضة أو الموالاة الى هزات طائفية من هنا ومذهبية من هناك، في ظروف قاسية قد تحول البلد ـ لا سيما في شبابه ـ الى حريق هائل لا يواجه المستقبل بالقضايا الحيوية والمصيرية التي تنطلق في إطار التحديات في حاجات الشعب المحروم ومشاكله، وفي الأخطار المحيطة بلبنان كله. ليكن الشعار الموحد هو شعار الوحدة الوطنية في نطاق التنوع السياسي والثقافي والديني الذي يمثل الغنى الحضاري للبلد، إذا أحسنا رعايته وحمايته والتخطيط له".‏

ورأى السيد فضل الله إن على اللبنانيين أن يطلقوا الكلمة الحاسمة, وقال:" لن نخضع لأية قوة أخرى لتعبث بالبلد أمنيا وسياسيا، وإن هناك فرقا بين الصداقة مع الآخرين وبين الخضوع لهم، ولنحرك العلاقات مع الأشقاء العرب ومع الأصدقاء في العالم على أساس المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل والتعاون على أساس الحرية والقوة للمنطقة كلها، وليكن دور لبنان أن يكون الساحة التي تنفتح على المنطقة كلها بالتخطيط لما فيه صلاح المنطقة ولا سيما فلسطين، ولما فيه صلاح العالم كله، ليبقى لبنان رسالة في ميزان القيم الروحية والإنسانية التي يحملها. ولنؤكد للجميع بأننا، في معارضتنا لكثير من السياسات الداخلية والخارجية، ننفتح على الإيجابيات ولا نقتصر على السلبيات".‏

واضاف: "وتبقى قضية الحرية في فلسطين للشعب الفلسطيني ورفض العدوان الإسرائيلي في احتلاله المتنوع في وحشيته ودماره، بالإضافة الى قضية الحرية للعراق في الموقف من الاحتلال الأميركي البريطاني بالمطالبة بانسحابه من أجل انتصار العراق لا انتصار الإدارة الأميركية الذي يريده الرئيس بوش. في الوقت الذي نبارك فيه للشعب العراقي حركته الانتخابية، وكلنا رجاء أن يقف مع وحدته الإسلامية والوطنية محافظا على هويته العربية، وليكون عنصر تعاون للمنطقة كلها، وحركة حضارية تستعيد للعراق موقعه الحضاري الإنساني والإسلامي في المستقبل كله".‏

وختم سماحته:" نريد للبنان أن يرتفع الى أن يكون لبنان الوطن للانسان كله، ويبتعد عن لبنان النظام الطائفي، وتبقى الطوائف في بعدها الإنساني لا العنصري مصدر غنى له وللمنطقة كلها".‏

2006-10-28