ارشيف من : 2005-2008

السيد فضل الله: الواقع يؤكد ارتهان البلد لكن بعنوان النصيحة والرعاية

السيد فضل الله: الواقع يؤكد ارتهان البلد لكن بعنوان النصيحة والرعاية

رأى آية الله السيد محمد حسين فضل الله أن لبنان الذي يدور السجال فيه في كل يوم بقضية للماضي وللحاضر، يتحرك في المتاهات السحيقة التي تشغله عن القضايا الحيوية، ولاسيما المعيشية في أوضاع الطبقات المحرومة في معاناتها الغذائية والحياتية والتربوية والزراعية والصناعية والعملية، فلا نلاحظ الاهتمام بالخطوط الإنقاذية في الدراسات الدقيقة، ولا سيما في مواقع المديونية التي يتحدث بعض الخبراء أن الدين العام سيزيد مليارين بفعل العجز القادم في الموازنة". واكد السيد فضل الله في خطبة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع)‏

"أن المطلوب هو تأكيد الاهتمام للمستقبل الاقتصادي، وللتحرير السياسي من أية وصاية خارجية، وقد لا يكفي الحديث الإعلامي عن نفي الوصاية الجديدة الدولية لأن الواقع يؤكد ارتهان البلد من جديد ولكن بعنوان النصيحة والرعاية وما الى ذلك. وإن مشكلة النادي السياسي في البلد أنه يؤكد الاهتمام بكل شيء إلا بقضايا الناس الأساسية التي تنقذهم من الضياع في متاهات الجوع والحرمان، متسائلاً إلى أين يمضي البلد؟.‏

ومما جاء في خطبة السيد فضل الله السياسية "انعقدت القمة الإسلامية التي تضم 57 دولة للمسلمين في مكة المكرمة، وأكد الجميع فيها على الوحدة الإسلامية ورفض تكفير أي مذهب إسلامي، والعمل على إدارة الحوار الفكري الفقهي الذي يضع الحقيقة الإسلامية التوحيدية في نصابها الصحيح، على هدى قوله تعالى: "فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول".. وكان هناك تأكيد على مواجهة الإرهاب بكل أشكاله، وتحريم قتل أي مدني أو مسالم سواء كان مسلما أو غير مسلم". "إننا مع تأكيدنا أهمية هذا اللقاء والعناوين التي طرحت فيه، كنا نريد للقمة الإشارة أو التصريح الى إرهاب الدولة المتمثل في الولايات المتحدة الأميركية في احتلالها لبعض البلدان الإسلامية كأفغانستان والعراق، وممارستها أكثر من لون من ألوان الإرهاب، وفي الدولة الإسرائيلية التي لا تزال تضطهد الشعب الفلسطيني في احتلالها للأرض وللانسان، وتدميرها للبنية التحتية له، وإصرارها على الاستمرار في ذلك إلا بشروط تعجيزية، في الوقت الذي تمارس فيه الإدارة الأميركية الدعم المطلق لهذه الدولة الإرهابية بكل الوسائل العسكرية والسياسية والاقتصادية، وتؤيد كل خططها في منع الفلسطينيين من حق العودة لوطنهم الذي شرعته الأمم المتحدة في القرارين 194 و242، لأن أميركا لا تدعم الأمم المتحدة في قراراتها المتعلقة بـ"إسرائيل" لمصلحة الشعب الفلسطيني، هذا الى جانب الصمت السياسي عن الجدار العنصري الفاصل والمستوطنات الكبرى التي صادرت الكثير من أراضي فلسطين، وحولت المواقع الشعبية الفلسطينية في القدس والضفة الغربية الى سجن كبير لا يملكون فيه التحرك بحرية". اضاف: "لقد كنا نطمح الى أن تتحدث القمة الإسلامية بطريقة صريحة حاسمة عن هذا الواقع الإسرائيلي الظالم الذي تدعمه الإدارة الأميركية، لتؤكد من خلال هذا الموقف وقوفها الحازم مع الشعب الفلسطيني ولا تقتصر على الكلمات الضبابية الملتبسة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وكنا نود ـ في هذا المؤتمر ـ أن تعلن تحررها من الضغط الأميركي الذي يفرض على دولها تطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية كوسيلة لتطبيعها مع أميركا، وكنا ـ كشعوب إسلامية حرة ـ نود أن نجد في هذه القمة قرارا موجها الى العالم كله أن لا يقف موقفا سلبيا من الحملة على الإسلام كدين، والإساءة الى قداسة شخصية النبي محمد بدعوى حرية الفكر أو الإعلام، في الوقت الذي لا يسمح فيه بنقد اليهود في تاريخهم وسلوكهم وسياستهم واحتلالهم لفلسطين بحجة معاداة السامية". وسأل القائمين على القمة الإسلامية "ماذا يمثل الإسلام بالنسبة الى كل كياناتهم وشعوبهم، وكيف يمكن أن يكونوا صوتا واحدا لحماية الإسلام من كل تشويه وهجوم ومصادرة من دون أن ينال الآخرون عقابا ضاغطا يمنعهم من ذلك؟ ثم إننا نتساءل أمام الدور الذي يمثله الإعلام الثقافي والسياسي والاجتماعي في الصراع الإعلامي في هذا العالم المعاصر، حتى أن بعض الدول الكبرى تحاول خوض حروبها السياسية والأمنية بإعلامها المتنوع المتحرك بأحدث الأساليب، نسأل: لماذا لم تخطط منظمة المؤتمر الإسلامي لفضائية إعلامية حديثة باللغات الحية في العالم كالإنكليزية والفرنسية والروسية والهندية وغيرها، لإيصال الصوت الإسلامي لشعوب تلك الدول، ولتوضيح الصورة الحضارية التي تتميز بها الثقافة الإسلامية، وللدفاع عن الشخصيات المقدسة في الإسلام، ولتحليل الجوانب الإيجابية في التاريخ الإسلامي وللعناوين الإنسانية لما يلتزمه المسلمون من وحي إسلامهم في علاقتهم بالآخرين، وفي انفتاحهم على مسألة الاعتراف بالآخر من خلال الحوار معه في جميع مواقعه، حتى على مستوى حوار الحضارات الذي نقدر للقمة التأكيد عليه لتتحول العلاقات الدولية الى عنوان كبير في الحوار الإنساني ـ الإنساني في تنوعاته". واوضح "لقد كان مؤتمر القمة الإسلامية حدثا كبيرا في عناوينه ومعطياته وقراراته، ونريد له أن يترك تأثيره الإيجابي على الواقع الإسلامي على مستوى العلاقات بين المسلمين، دولا وشعوبا، وعلى طبيعة الأوضاع القلقة السلبية على صعيد الضغوط الهائلة في التحديات الكبرى ضد القضايا الحيوية والمصيرية من قبل الاستكبار العالمي الذي يخطط لاستغلال كل الثروات الإسلامية وللاجهاز على كل المقدرات الاستراتيجية، ليبقى العالم الإسلامي الذي يمثل ربع البشرية على هامش الدول الكبرى التي تتحرك في تحالفاتها للقضاء على كل مواقع القوة الإسلامية بطريقة وبأخرى". وتحدث عن فلسطين المحتلة وقال: "وفي فلسطين المحتلة، انطلقت عملية استشهادية جديدة في ناتانيا قام بها شاب مجاهد عاش القهر الإسرائيلي في نفسه وأهله ووطنه، فتحول الى قنبلة إنسانية تجتاح العنجهية الإسرائيلية في عنصريتها التي تتابع قتل الشعب الفلسطيني بدم بارد وحقد بالغ، واجتياح مدنه وقراه ومصادرة أراضيه ومحاصرة حياته بكل مواقعها الحيوية". واشار الى "ان المشكلة هي أن العالم المستكبر، ولا سيما الأميركي والأوروبي، يبادر الى الاستنكار والشجب واتهام العملية ب

الإرهاب من دون أن يدرس الخلفيات الكامنة وراء الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وهذا ما لاحظناه في عملية الاغتيال التي قام بها الطيران الإسرائيلي ضد مجاهد فلسطيني وإصابة بعض المدنيين بجراح، دون أن نجد أي استنكار من تلك الدول التي ليست مستعدة للحديث مع العدو بأن هذا الفعل العدواني لا بد أن يقابل برد فعل آخر، لأن الشعب الفلسطيني ليس مستعدا لتلقي الضربات من المحتل من دون رد جهادي". وقال:"اننا ندرك الأوضاع الصعبة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في وحشية الاحتلال، ونعرف أنه سوف يستمر في جهاده حتى التحرير، وأنه ما ضاع حق وراءه مطالب، وما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة". وتطرق الى الوضع في العراق, وقال: "أما المشهد العراقي، فصورته المأساوية هي في الأشلاء التي تسقط يوميا جراء الحقد التكفيري الأسود، الذي لا يوفر طفلا ولا امرأة ولا شيخا ولا عاملا يجاهد من أجل إعالة عائلته، بالإضافة الى قوى الأمن الموكلة بحفظ أمن المواطنين من الجريمة. هذا الى جانب قيام الاحتلال بالتحرك العشوائي الذي يطال المدنيين، وبالتعذيب للسجناء بمختلف الوسائل الوحشية، بالإضافة الى جرائم خطف الغربيين الأبرياء من صحافيين أو خبراء، مما يمثل عملية غير إنسانية، ولا سيما عندما يمارسها بعض الذين يمنحون منظماتهم عناوين إسلامية.إننا في الوقت الذي نطالب فيه برفع الصوت عاليا ضد قوى التكفير والاحتلال، ندعو الى استنكار عمليات الخطف التي قد تتحرك للابتزاز المالي، والى إطلاق سراحهم". ودعا العراقيين الى المشاركة في الانتخابات النيابية، واختيار الصادقين الأمناء المخلصين للعراق وأهله وللاسلام والمسلمين، والرافضين للاحتلال وللارهاب، بعيدا عن كل الذهنية العصبية والشخصانية، لأن نتائج الانتخابات سوف تقرر مصير المستقبل العراقي الحر السيد المستقل، فليتحمل كل مواطن مسؤوليته في ذلك كله".‏

2006-10-28