ارشيف من : 2005-2008
السيد فضل الله في خطبة الجمعة: اميركا ومعها "اسرائيل" تمثلان اعلى انواع الارهاب وعلى اللبنانيين ان يطلقوا الخطابات العاقلة والهادئة
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين. ومما جاء في الخطبة السياسية "أن أميركا ـ ومعها "إسرائيل" ـ تمثلان أعلى أنواع الإرهاب، وهذا ما يتحدث عنه الإعلام العالمي ـ بما فيه الإعلام الأميركي ـ بتعذيب المعتقلين في سجن
"أبو غريب" في العراق وفي "غوانتانامو"، وفي السجون الأميركية المنتشرة في العالم المتعامل مع الإرهاب الأمريكي، إضافة الى تعذيب العراقيين في السجن الكبير الذي يتمثل في احتلال بلدهم وابتزاز ثرواتهم وتدمير أمنهم، مما جعل الحديث الأمريكي عن حقوق الإنسان يتحول الى نكتة مضحكة سخيفة، لأن القضية عند أميركا هي حقوق الإنسان الأمريكي والإسرائيلي على حساب حقوق الإنسان الآخر. واضاف سماحته أن هذا ما ينبغي للعالم كله، ولا سيما العالم الثالث، أن يستوعبه من أجل حماية أوضاعه من الحرب المعلنة عليه باسم الحرب على الإرهاب، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع ان أميركا تدعم الأنظمة والحركات الإرهابية في العالم كله، وتحارب الدول الحرة والحركات التحريرية لخدمة مصالحها الاحتكارية. وتابع السيد فضل الله "أن هذا ما نلاحظه في سياستها اللبنانية التي فرضت عليها الوصاية، حتى أن رئيسها ووزيرة خارجيته يتدخلان في كل مفاصل الواقع حتى بما يتصل بموضوع رئاسة الجمهورية، وتحريك جماعتها في النادي السياسي اللبناني لإرباك الواقع كله واهتزاز صيغة التعايش لحساب الحصص الطائفية وخدمة المشروع الإسرائيلي، بالضغط على القرارات الدولية التي صرح المسؤولون الصهاينة بأنهم كانوا وراءها، ولا سيما بالنسبة الى سلاح المقاومة الذي لم يتحرك من أجل الوضع الداخلي، بل ليكون احتياطيا لحماية لبنان من العدو الإسرائيلي". وتوجه السيد فضل الله بالقول للمجتمع الدولي: "إن اللبنانيين يقبلون تطبيق القرارات الدولية بشرط أن تنفذ "إسرائيل" كل القرارات الدولية، لأن الشرعية الدولية التي تطالبون بها وتضغطون من أجلها لا تتجزأ، على طريقة صيف وشتاء تحت سطح واحد". واضاف "إننا نريد للبنان الحرية والاستقلال والسيادة، ولا يقبل أي لبناني أن يخضع لإرادة خارجية بحيث يفقد إرادته في تقرير مصيره، سواء كانت قريبة أو بعيدة، وعلى اللبنانيين أن يطلقوا في خطاباتهم الكلمات العاقلة الهادئة المبرمجة التي تخطط بما يرفع مستوى الناس في إثارة عقولهم لا غرائزهم، لأن الكلمات المتشنجة لا تخدم وطنا، ولا تصلح واقعا، ولا تصنع مستقبلا. كما توجه سماحته الى اللبنانيين بالقول "إرحموا بلدكم ولا تتقاذفوه كما هي الكرة في حركة الأقدام لمصلحة تسجيل النقاط للمصلحة الشخصية، فإن المطلوب هو تجميع النقاط لمصلحة الجميع"، وتابع "إن المجتمع الدولي الذي تسيطر عليه أميركا وتخطط له "إسرائيل" يلعب بالبلد ليكون ورقة للضغط في مكان آخر، وعليكم أن تعرفوا كيف تتحرك لعبة الأمم التي عانيتم منها".
وتطرق السيد فضل الله الى المشهد الفلسطيني فقال "إن "إسرائيل" تقصف غزة بين وقت وآخر، وتحرك طائراتها لتغتال وتقتل وتدمر، من دون أن تتحرك اللجنة الرباعية الدولية في أي موقف اعتراض. والى جانب ذلك تقرر ضم منطقة غور الأردن التي تشكل حوالي ثلث مساحة الضفة الغربية بعدما شارف جدار الفصل الغربي على الانتهاء من رسم حدودها النهائية، على نحو يقضي على آخر مقومات دولة فلسطينية مستقلة،إضافة الى منع التواصل الجغرافي بين الضفة والأردن، والقضاء على إمكانات التوسع الاقتصادي الزراعي والصناعي، وحرمان الفلسطينيين من مدخل للبحر الميت. وتبقى كلمات الدول الغربية في الضغط على حركة حماس التي اختارها الشعب الفلسطيني بطريقة ديمقراطية حرة، ومطالبتها بالاعتراف بـ"إسرائيل" أولاً من دون الضغط على "إسرائيل" للاعتراف بفلسطين الأرض والإنسان والسياسة والاقتصاد، لأن "الدولة" الصهيونية لا ترى حقاً للشعب الفلسطيني في أرضه وتقرير مصيره، بل إنها ترى ما تمنحه من بقايا الأرض الممزقة صدقة منها عليه. ونلاحظ أن أميركا ـ ومعها الاتحاد الأوروبي ـ تعلن عقوباتها للشعب الفلسطيني إذا حكمته حركة حماس، لأن مساعداتها لم تكن من أجل الإنسان الفلسطيني بل من أجل اجتذابه لسياستها المرتبطة بالمصلحة الإسرائيلية لاستكمال استراتيجيتها في السيطرة على كل أرض فلسطين، ومنع اللاجئين المنتشرين في أرجاء العالم من العودة إليها، وتحويل الفلسطينيين الى عمال للمصانع والمواقع الصهيونية، مما يفرض عليهم الخضوع للسياسة الإسرائيلية وخدمة اقتصادها وأمنها. إن أميركا تخطط مع "إسرائيل" وكل أحلافها من أجل إفشال حركة حماس وإرباك حركتها، ولكننا نعتقد أنها سوف تنتصر في الحكم كما انتصرت في الجهاد، وستثبت للعالم بأنها الحركة الأمينة على مصالح شعبها في كل قضاياه، ونريد للعالم الإسلامي ـ وفي مقدمته العالم العربي ـ أن يشعر بمسؤوليته تجاه دعمها وتقويتها ومدها بالمساعدات لرعاية الشعب الفلسطيني كله، من أجل الحصول على حريته في أرضه وإنسانه. وفي المشهد الأمريكي، لا تزال الولايات المتحدة تخطط وتعمل من أجل القوة المطلقة للسيطرة على العالم كله في اقتصاده وسياسته وأمنه، وفي توزيع الاتهام بالإرهاب ضد كل دولة وحركة تعمل من أجل تحرير مواقعها ومواقفها وإرادتها ضد الاستكبار العالمي، الذي يعمل على استنزافها ومحاصرتها والقضاء على مقدراتها لحساب مصالحه، ومنعها من الأخذ بأسباب النمو والتقدم والازدهار. وهذا ما تتحرك به أميركا والمجموعة الأوروبية في منع إيران من الحصول على الخبرة العلمية النووية في مشروعها السلمي، بإعلان الحرب عليها واتهامها بالتخطيط لصنع السلاح النووي، في الوقت الذي تملك فيه أمريكا آلاف الرؤوس النووية التي تهدد بها العالم، كما تملك فيه الدول الكبرى أمثال ذلك، إضافة الى "إسرائيل" التي تملك أكثر من مائتي رأس نووي تهدد بها المنطقة.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018