ارشيف من : 2005-2008

السيد فضل الله: نريد للتفاهم الجديد لحل الازمة الحكومية أن يؤسس لمرحلة تفاهم جديدة تمنع الاختراقات الخارجية للبلد

السيد فضل الله: نريد للتفاهم الجديد لحل الازمة الحكومية أن يؤسس لمرحلة تفاهم جديدة تمنع الاختراقات الخارجية للبلد

ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية " في المشهد الفلسطيني، يتحرك المجتمع الدولي بقيادة دولته العظمى، الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى دولة الاحتلال، "إسرائيل"، ليفرض على الشعب الفلسطيني العقوبات المالية والاقتصادية والسياسية في انتخابه الديموقراطي مجلسه التشريعي الجديد، مانحاً أكثريته المطلقة لحماس التي لم تعترف بـ"إسرائيل" الغاصبة للأرض والقاتلة والمدمرة للإنسان، والتي لم تنفذ أياً من قرارات المجتمع الدولي، ولم تلتزم بتنفيذ ما أعلنت تنفيذه، هذا إضافة إلى الجريمة الكبرى لحماس لدى المجتمع الدولي، وهي مقاومتها لاحتلال "إسرائيل" الأرض والإنسان بحجة الدفاع عن النفس". والسؤال الذي يطرحه الشعب الفلسطيني على ما يسمى المجتمع الدولي، ولاسيما أميركا وأوروبا واللجنة الرباعية، لماذا لم يطالب "إسرائيل" بـ:‏

1 - الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه المحتلة وإزالة الاحتلال المنافي لحقوق الشعوب في الحرية.‏

2 - الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة تطبيقا لقرار مجلس الأمن الدولي 194 في الوقت الذي يقف هذا المجتمع مع كل يهود العالم في القدوم إلى فلسطين وطرد الفلسطينيين من أرضهم وبيوتهم.‏

3 - التأكيد على "إسرائيل" حكومة وشعبا بالامتناع عن العنف في الاغتيال والاعتقال وتدمير البنية التحتية للشعب الفلسطيني.‏

4 - اعتبار القضية الفلسطينية قضية سياسية وليست أمنية.‏

5 - اعتبار مجاهدي الفصائل الفلسطينية مقاومين للاحتلال لا إرهابيين، بل هم مدافعون عن شعبهم بحسب القوانين الدولية.‏

6 - الدخول في المفاوضات السياسية مع حركة حماس من دون قيد أو شرط كأي فريقين متحاربين. إن مطالبة حماس بإلغاء ميثاقها من دون مقابل، والتهديد بالعقوبات الاقتصادية للشعب الفلسطيني، يمثل ابتعادا عن القيم الإنسانية وعن الديموقراطية، في الوقت الذي يقدم فيه لإسرائيل كل الدعم المالي والعسكري والسياسي. ومن اللافت ما نسب إلى رئيس السلطة محمود عباس، أنه لن يكلف حماس بالحكومة إذا لم تعترف بإسرائيل، فإذا كان ذلك صحيحا كان مستغرباً، لأن رئيس السلطة الفلسطينية في تجربته مع العدو، يعرف أن العدو تنكر لكل الاتفاقات مع السلطة، واستهان بحقوق الشعب الفلسطيني، وعمل على إذلاله وإذلال حكومته... ثم إن ذلك يمثل خروجاً عن إرادة الشعب كله. "إننا نعتقد أن على العالم العربي والإسلامي الوقوف مع إرادة الشعب الفلسطيني، وتقديم المساعدات المالية له رفضا للتهديد الأميركي والأوروبي والإسرائيلي، ودفاعا عن خياراته الحرة، والتدخل مع العالم للقبول بها، وامتناعا عن الضغط على العدالة الإنسانية. وعلى الشعوب أن تضغط على أنظمتها ليكون الموقف العربي والإسلامي واحدا في هذا الاتجاه. وإذا كان العدو، إلى جانب أميركا، يهدد بقطع الطريق على حقوق الفلسطينيين من الضرائب والمساعدات، فعلى الشعوب العربية والإسلامية أن تضغط بكل قوة على حكامها، وأن تعود إلى الشارع لترفع الصوت عاليا بوجوب مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأميركية، وأن توضع القرارات العربية بهذا الشأن موضع التنفيذ، ولا تبقى كغيرها مجرد حبر على ورق".‏

اضاف:"إن على المسلمين في العالم أن يتابعوا تحركهم ضد الإساءة إلى شخصية الرسول الأعظم محمد، ليعلم العالم أن هذه المسألة لا تمثل تفصيلا من تفاصيل حرية التعبير، بل هي حرب على الأمة الإسلامية في مقدساتها، وإساءة إلى كل القيم الروحية، ولذلك، لا بد من ممارسة كل الضغوط السلمية في هذا الاتجاه، وأن تنطلق المقاطعة في حركتها الفاعلة والمواقف الإعلامية والسياسية وحركة الاعتراض الحاسمة في الشارع وفي الأوساط العلمية الكبرى، لمنع هذا الامتداد في حركة الجريمة التي تمثلت في الإساءة الكبرى إلى النبي، وفي حملات التشويه المستمرة للإسلام في أكثر من موقع غربي. العراق ثم تطرق الى الوضع في العراق وقال "ونبقى في العراق الذي يتحدث عنه الرئيس الأميركي باعتباره إنجازا من إنجازاته في الديموقراطية، لنلاحظ أن الاحتلال الأميركي قد حوله إلى ساحة للعنف وللفوضى التي بشر بها كجزء من مشروعه مما سماه الفوضى البناءة في العالم، ولنطلب من العراقيين الخروج من الدوامة السياسية في الجدل القائم والتوصل إلى تأليف حكومة وحدة وطنية، تحقق مصالح الشعب العراقي، وتعمل على إزالة الاحتلال، وتقضي على الإرهاب التكفيري الذي يستهدف حياة العراقيين المدنيين الأبرياء، وتؤكد أن النصر هو نصر الشعب كله، لا نصر أميركا الذي يبحث عنه الرئيس بوش في اعتبار الاحتلال حرية وتأكيدا للديموقراطية خلافا لكل القيم الإنسانية الحضارية". وتحدث عن ايران فقال:"لا نزال نتابع التهديدات الموجهة إلى إيران من قبل أميركا وأوروبا في ملفها النووي السلمي، وإعلان أميركا أنها سوف تقف عسكريا ضد إيران إذا اعتدت على إسرائيل، في الوقت الذي يعرف الجميع أن "إسرائيل" هي التي هددت إيران بقصف مفاعلها النووي، وأن إيران أعلنت أنها ستدافع عن نفسها ضد ذلك العدوان، ولكن الرئيس الأميركي يرى في سياسته أن "إسرائيل" هي يدها الضاربة في مشاريعها العدوانية التي تعمل لإيجاد حالة من الاهتزاز في المنطقة من أجل مصالحها ومصالح "إسرائيل" الاستراتيجية ضد العالم كله". اضاف:"إننا نتوجه إلى الدول الأوروبية أن تراعي مصالحها في المنطقة، فلا تخضع للسياسة الأميركية في مخططاتها التي قد تتحول إلى ما يشبه اللعب بالنار، وذلك في استخدام الأمم المتحدة للضغط على إيران وعلى المنطقة كلها. ونريد للعالم الإسلامي أن يقف الموقف القوي الحاسم في رعاية مصالحه، لرفض هذه الاستباحة الغربية في التحالف ضد الشعوب الإسلامية لمنعها من الدفاع عن نفسها، ومن التخطيط للحصول على الخبرة العلمية المتقدمة في تطورها العام". لبنان وتطرق العلامة فضل الله الى الوضع في لبنان وقال:"أما لبنان، فإننا في الوقت الذي نرحب بالإجراءات والمواقف التي جرى اتخاذها لحل الأزمة الحكومية، فإننا نؤكد على رفدها بخطوات عملية تؤدي إلى تعزيز الثقة بين الأطراف اللبنانيين كافة، وخصوصا الممثلين في الحكومة، الأمر الذي يؤكد أن على المعنيين الالتزام بما تحدثوا به عن المقاومة ودورها، لأن من شأن ذلك أن يحمي الساحة الداخلية من خلال تعزيز الثقة داخل مجلس الوزراء نفسه، وانعكاس ذلك إيجابا على الساحة كلها". اضاف:"إننا نرحب بالتفاهم الجديد الذي نريده أن ينعكس إيجابا على الواقع السياسي والاقتصادي للناس، وأن يوقف حملات التراشق الإعلامي والاهتزازات السياسية ، وأن يؤسس لمرحلة تفاهم جديدة تمنع الاختراقات الخارجية للبلد، وخصوصا الاختراق الأميركي الذي كان المسؤول الأساسي عن الانقسام الداخلي الذي انعكس شللا وجمودا في الجوانب الاقتصادية والسياسية وأوحى إلى اللبنانيين بالقلق في جوانب أخرى، منها المسألة الأمنية. هذا في ظل اقتراب المسألة الاقتصادية من حافة الهاوية على المستوى الاقتصادي العام، بعدما صادر النافذون ثروات البلد وأملاك الدولة واستغلوا مواقعهم لإدخال محاسيبهم إلى إداراتها بما لا تحتاجه من موظفين، هذا إضافة إلى الصفقات الخفية التي لا يزال اللبنانيون يدفعون أثمانها الباهظة في سلسلة الديون المتراكمة وآثارها المدمرة". "إننا نحذر من أن كل الضرائب القادمة لن تسد العجز، لأنها سوف تذهب إلى جيوب حراس الفساد وجماعات الهدر، وستبقى الخطة هي تنظيف جيوب الفقراء وتجويع المحرومين ومصادرة حقوق العمال والموظفين، ولاسيما المعلمين... ويظل الهمس في مسألة التوظيف الذي يتحدث فيه الناس عن الطائفية والمذهبية، على طريقة كلما دخلت أمة لعنت أختها". وختم:"أيها اللبنانيون، أيها المسؤولون، أيها السياسيون، إرحموا بلدكم وارحموا المواطنين الذين أتخموا بالتصريحات العنترية والأساليب الإنشائية لتأكلوا كلاما وكلاما، وليبقى الجوع والحرمان يفرض نفسه على الواقع كله".‏

وكان تلقى السيد فضل الله مزيداً من الاتصالات المطمئنة إلى صحته في أعقاب العملية الجراحية الموضعية التي أجريت له، وقد تلقى اتصالاً من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، تم خلاله البحث في الأوضاع العامة. واستقبل سماحته المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" الحاج حسين الخليل، والنائب علي حسن خليل، حيث اطمأنا إلى صحته، ووضعاه في أجواء عودة الوزراء إلى الحكومة والتداعيات الإيجابية لهذه العودة.‏

2006-10-28