ارشيف من : 2005-2008
السيد فضل الله دعا الى حلول لبنانية - لبنانية وعدم انتظار إشارات خارجية تخطط لترتيب المصير الداخلي للبلد لحساب العدو الصهيوني وحليفته أميركا
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين. وتطرق سماحته في الخطبة السياسية إلى الوضع في لبنان فقال "أنه في الوقت الذي لا يزال لبنان يتلقى التهديدات من خلال وزير حرب العدو، ويواجه الاختراقات الإسرائيلية في الجو والبر والبحر، نجد بعض قادته يتحدثون عن نزع سلاح المقاومة تنفيذا للقرار 1559 الذي يعرف الجميع أنه قرار إسرائيلي ـ أميركي فرض على مجلس الأمن لمصلحة العدو الذي لا يرتاح لوجود قوة عربية لبنانية وطنية توازن مواقع القوة بينها وبينه. هذا بالإضافة الى الفوضى الأميركية السياسية والأمنية التي تعمل على اهتزاز المنطقة لحسابها ولحساب "إسرائيل". وأمل السيد فضل الله "أن يعرف اللبنانيون أهمية الحفاظ على وحدتهم الوطنية، ورصدهم للواقع كله، ومواجهتهم للأخطار المحيطة بالمنطقة"، كما أمل "أن ينجح حوارهم لمصلحة الوطن كله لا لحساب تعقيداتهم الطائفية والحزبية والشخصية، وأن يفكروا بالحلول اللبنانية ـ اللبنانية, لا أن ينتظروا الإشارات الخارجية التي تخطط لترتيب المصير الداخلي للبلد لحساب العدو الصهيوني وحليفته أميركا. وعليهم أن يلاحظوا أن الضغوط الدولية ـ والتي تحمل عنوان الأمم المتحدة كما في هذه الأيام ـ إنما توجه للوطن الصغير لتنفيذ قرارات مجلس الأمن لمصلحة "إسرائيل، ولا توجه لـ"إسرائيل" لتنفيذ قراراته لمصلحة الشعب الفلسطيني والمنطقة". اضاف:"إن صناعة لبنان الجديد بمسؤولية لبنانية, بحاجة الى عقول لم تتلوث خططها باللاعيب الطائفية، ولم يتحرك تاريخها بالحروب الوحشية، ولم تصادر الثروة اللبنانية بالسرقة والهدر من قبل لصوص المواقع والوظائف الذين كونوا الثروات الهائلة من دون أن يملك أي قضاء وأي حكم نزيه أن يوجه لهم السؤال:من أين لك هذا؟".
وحول الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة قال سماحته "في المشهد الفلسطيني، تتابع "إسرائيل" الحصار الغذائي والاقتصادي على الشعب الفلسطيني، من أجل تجويعه وإفقاره عقوبة له على اختياره لحركة حماس، بما يمنحها موقع القدرة على تأليف حكومة فاعلة أمينة نزيهة تؤكد القيم الإسلامية الإنسانية في تأسيس الدولة. كما أن "إسرائيل" تتحرك في جرائمها في الاغتيال والاجتياح لخدمة انتخاباتها المقبلة، وتواجه العرب المقيمين في كيانها الغاصب كخطر على صفتها اليهودية". اضاف:"وفي المشهد الأميركي، يهدد الرئيس الأميركي إيران على خلفية أنها تشكل تهديد الحليفته القوية إسرائيل، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن "إسرائيل" هي التي قامت بتهديد إيران بقصف مفاعلاتها النووية عسكريا. وإن الرئيس الأميركي يطلق تهديده للحصول على تأييد مجلسي النواب والشيوخ في بلده، المؤيدين للصهيونية أمام انخفاض شعبيته الى أدنى مستوياتها، بفعل سياسته وأكاذيبه في الحرب على العراق التي كلفت دافع الضرائب عشرات المليارات ومئات القتلى وآلاف الجرحى، من دون أية نتيجة". "ولا يزال الرئيس الأميركي في خطاباته اليومية يتحدث عما يسميه الانتصار الذي ليست له أية إمكانات في احتلاله، لأنه لا يملك أية سياسة فاعلة في حسابات احترام إرادة الشعب العراقي الذي يرفض السياسة الأميركية واحتلالها بعد انكشاف الخداع الواضح له، مما جعله يطالب بانسحاب قواتها من أراضيه بعد أن جلبت للشعب المجازر والفقر والحرمان في السنين العجاف الثلاث". وتابع:"والى جانب ذلك، نستمع الى وزير الحرب الأميركي يبشر الأميركيين بحروب جديدة قائلا: "إن علىا ميركا الاستعداد لصراع طويل ومستمر تتخلله حروب وستكون حروبا حرجة"، مما يقدم للعالم فيها صور الأطفال المهشمة والأشلاء الممزقة للعراقيين والأفغانيين والفلسطينيين.. وبالمناسبة، فإن أميركا لا تشن حروبها لحسابها ولحساب تغيير خريطة المنطقة على قياس مصالحها فحسب، ولكنها تشن هذه الحروب لحساب إسرائيل، وهذا هو ما تعلنه وزيرة خارجيتها في اعتبار إيران "البنك المركزي للارهاب"، ليصفق لها ولرئيسها وإدارته الفريق الصهيوني والمحافظون الجدد في أميركا، الذين يخططون لإعلان الحرب على إيران عند توفر الظروف السياسية والأمنية، وهم يعلمون أن هذه المغامرة قد تتحول الى حرب كارثية ضد أمنهم وأمن إسرائيل والمنطقة كلها". ورأى "ان على العالم المستضعف ـ وفي مقدمته العالمان العربي والإسلامي ـ أن يعرف خطورة أميركا على أمنه واقتصاده ومصالحه من خلال عرض عضلاتها العسكرية، لأنها تستغل قوتها في السيطرة على مقدراته الحيوية، الأمر الذي يفرض على الجميع أن يكونوا على استعداد للمواجهة الدفاعية بكل ما يملكون من القوة.. وعلى الشعب الأميركي أن يقول كلمته الحاسمة في مواجهة هذه الإدارة قبل أن تدخله في حماقة أخرى في المنطقة العربية والإسلامية". ونحن بالمناسبة نسأل دول الاتحاد الأوروبي التي تجري في سياستها وراء الإدارة الأميركية في مسألة الملف النووي الإيراني: لماذا لا تكلفون أنفسكم الاستماع الى إيران وهي التي تؤكد من خلال أعلى سلطة دينية فيها حرمة إنتاج أسلحة نووية، ولماذا تتعاملون مع العرب والمسلمين دائما بأسلوب الاتهام، بينما تضعون إسرائيل موضع الترحيب ولا تثيرون الحديث عن أسلحتها النووية، ولا عن جرائمها اليومية ضد الفلسطينيين؟ وتحدث العلامة فضل الله عن العراق فقال:"أما العراق، فإنه لا يزال يتخبط في مفاعيل الاحتلال من الناحية السياسية، من خلال التدخل الأميركي مع أطيافه السياسية لإرباك عملية تشكيل حكومته من خلال خطوات السفير الأميركي في بغداد الذي يلعب اللعبة الطائفية في أكثر من موقع. إننا نهيب بأهلنا في العراق الانتباه الى قواعد اللعبة الأميركية التي تخطط وتعمل لمصادرة ثرواتهم، وتحويل بلادهم الى مشكلة لكل جيرانها، مما يجعل منها ساحة للصراع على المستوى الإقليمي والدولي وقاعدة للارهاب العالمي الذي قد يحرق المنطقة على جميع المستويات. إننا نريد لهم أن يدرسوا الأخطار الداخلية والخارجية المحيطة بهم، ليعملوا على تأكيد الوحدة الوطنية والإسلامية، واللقاء على حكومة عراقية موحدة، ويبتعدوا عن الاستغراق في خصوصياتهم الحزبية والعرقية والطائفية قبل أن يسقط الهيكل على رؤوس الجميع". اضاف : "هناك قمة عربية سوف تعقد في السودان، والسؤال: هل تؤكد هذه القمة الخلافات العربية حول القضايا المصيرية من خلال التدخل الأميركي في قراراتها ولا سيما في تمييع المسألة الفلسطينية والعراقية، وفي حركة الاحتلال هنا وهناك، ولا سيما أن الانتخابات الإسرائيلية المقبلة سوف تنفتح على أكثر من خطر على الشعب الفلسطيني في الجانب الأمني والسياسي، وخصوصا في المرحلة التي تنطلق فيها حركة حماس لتشكيل حكومتها، مما يجعلنا نتقدم الى كل الأطياف الفلسطينية لتلتف حولها حفاظا على قوة الموقع وانفتاحا على المستقبل في قضايا التحرير على أساس عناوين الوحدة".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018