ارشيف من : 2005-2008
السيد فضل الله في خطبة الجمعة: نريد للمتحاورين أن يكونوا صادقين في مقولة أن الحوار صناعة لبنانية
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين. وتوقف سماحته عند مجمل الأوضاع والتطورات على الساحتين الداخلية والإقليمية وقال عن الوضع في لبنان "في لبنان، أسدل الستار على جولة أخرى من جولات الحوار الداخلي الذي أعطى الفرصة للقادة السياسيين للقاء والتعارف، مما نأمل أن يحقق بعض الإيجابيات على مستوى التنفيذ الذي يمثل الأفعال الجدية أمام الأقوال والكلمات الفضفاضة. ونريد للمتحاورين أن يكونوا جادين صادقين في مقولة أن الحوار صناعة لبنانية، في الوقت الذي نعرف فيه أن السفارات للدول القريبة والبعيدة تتحرك لتهمس في أذن هذا أو ذاك، من أجل ترتيب الأوضاع الضاغطة هنا وهناك، ولا سيما في مسألة الحديث عن القرارات الدولية التي صنع بعضها في إسرائيل ـ كما في القرار 1559 ـ وصدر الى أميركا وفرنسا ليمتد الى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وذلك من أجل الدعوة الى نزع سلاح المقاومة بحجة استقرار الأمن الداخلي، من دون أي تخطيط لأي برنامج دفاعي يتكفل حماية لبنان من العدوان الإسرائيلي الذي يذكر اللبنانيين بوجوده في اختراقاته اليومية". اضاف:"ويتندر الكثيرون من اللبنانيين في حقيقة رئاسية، وهي أن دور اللبنانيين أن يستمعوا الى كلمة السر العربية والدولية منذ كانت الرئاسات تتحرك في الواقع اللبناني، في عملية توافق بين دولة كبرى هنا ودولة إقليمية هناك". "إننا في نهاية المطاف ندعو الى حوار حول المسألة الاقتصادية ابتداءا من الميزانية المصابة بأكثر من عجز يخشى معه من تشريع المزيد من الضرائب المفروضة على الفقراء دون الأغنياء، امتدادا الى المديونية التي تأكل كل الإنتاج الوطني وتصادر كل مدخرات الناس. وإننا نسأل الأكثرية والأقلية: ماذا أعددتم من البرامج لحل المسألة الاقتصادية التي بدأت تقترب بالبلد الى الانهيار أو الإفلاس؟ وهل تنتظرون مؤتمر "بيروت1", الذي تحيط به كل الأزمات الداخلية من أمنية وسياسية؟ ثم، ما هي اللغة الحضارية السلمية الجديدة في علاقة لبنان بأشقائه، هل تبقى الكلمات السلبية التي يتراشق فيها هؤلاء في النادي السياسي بكلمات السباب والتخوين، ليبقى الواقع العربي في موقع العداوة ولتبرز إسرائيل ـ ومعها أميركا ـ في موقع الصداقة؟ والسؤال: هل أن الجميع يملكون صورة لبنان الجديد السيد الحر المستقل، أم أن المسألة هي اجترار لبنان الماضي في تغييرات الشكل بعيدا عن المضمون؟
وتابع سماحته "في المشهد الفلسطيني، اقتحام الصهاينة سجنا في أريحا يعتقل فيه بعض المناضلين الفلسطينيين، ومقاطعة يتجمع فيها نفر من قوى الأمن الفلسطيني، في عملية قصف مركز سقط فيه بعض القتلى والجرحى، بدعم أميركي وبريطاني، لأن المرحلة هي مرحلة الانتخابات الصهيونية في الكيان الغاصب التي هي بحاجة لأكثر من ضحية فلسطينية وأكثر من إذلال للانسان الفلسطيني هناك، مما قد يساهم في نجاح حزب "كاديما. وهذا مما يدلل على الحقد الأميركي البريطاني على الشعب الفلسطيني، بالتنسيق مع الحقد الصهيوني، الأمر الذي جعل الأعذار التبريرية التي قدمتها الدولتان تبعث على الضحك لأنها لا تخضع لأي منطق. ومن اللافت أن الصمت العربي قد تمثل في موقف أكثر المسؤولين العرب الذين لم يقوموا بأية مبادرة احتجاجية رادعة، ما عدا ذرف دموع التماسيح". اضاف:"إننا نجد في هذه المواقف أن الأنظمة العربية ـ ولا سيما التي صالحت العدو ديبلوماسيا وواقعيا ـ تلتقي مع ما يسمى بالمجتمع الدولي ـ بما في ذلك مجلس الأمن ـ في إبقاء الشعب الفلسطيني تحت رحمة القذائف الصهيونية من خلال المناسبات الانتخابية، أو السقوط تحت تأثير إثارة الغرائز الذاتية للحقد اليهودي ضد العرب والمسلمين، وقد صرح بعضهم أن "لا حدود سياسية في الحرب ضد العرب". "إنه زمن العار والخذلان الذي يقف فيه العرب والمسلمون على الحافة، ليؤمر بهم من خلال مجلس الأمن أو غيره للقفز في المجهول، أو لتخرج عليهم وزيرة الخارجية الأميركية لتفرض عليهم الخضوع لإسرائيل جملة وتفصيلا دون قيد أو شرط، وذلك بالدعوة لاعتراف حركة حماس المجاهدة بإسرائيل لضمان السلام في الشرق الأوسط الذي لا يتحقق ـ حتى من خلال اللجنة الرباعية الدولية ـ إلا بالشروط الإسرائيلية التي لا تترك للفلسطينيين أية فرصة لدولة قابلة للحياة.إنه زمن القهر الذي تذبح فيه الأمة تحت عناوين الشعارات المذهبية، وترتفع فيه الأصوات هناك في العراق أو غيره خشية وقوع الحرب الأهلية من خلال الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، على وقع مجازر الاحتلال والعناصر التكفيرية التي تستحل دماء المسلمين من أتباع أهل البيت، لتجتذب بين وقت وآخر ردود الفعل الدامية بطريقة وبأخرى". وتابع:"ومن جهة أخرى، فإن الخلافات السياسية للفئات المختلفة في العراق تمنع تشكيل حكومة وحدة وطنية، ليبقى العراق في قبضة الفوضى الأمنية والسياسية والحياتية بشكل عام، وليبقى المحتل في موقع الحاجة الى استمراره لحفظ التوازن ـ كما يقول ـ وهو الذي يصرح في كل مناسبة بأنه سوف يبقى طويلا في العراق البقرة الحلوب للبترول، والنقطة الاستراتيجية المطلة على المنطقة للسيطرة على بلدانها بطريقة وبأخرى". ودعا العراقيين الى الانتباه الى قواعد اللعبة الاستكبارية في عملية لعبة الأمم، فلا يستغرقون في خلافاتهم الحزبية أو الطائفية بعيدا عن دراسة الخلفيات الدولية التي تحول العراق الى ساحة للارهاب من جهة، وللصراعات المتنافسة من جهة أخرى. كما دعاهم الى الوعي والحذر للفئات التي تصنع المأساة في كل يوم، ولا سيما في المناسبات الدينية وخصوصا في مناسبة زيارة الأربعين". "وفي جانب آخر، فإن الملف النووي الإيراني السلمي المعروض على مجلس الأمن، الذي يضم أميركا وحلفاءها من الدول التي منحت العدو الصهيوني كل المساعدات لصنع السلاح النووي، ومنعت أية جهة لمحاسبته، لأن أميركا وحلفاءها تعتبر إسرائيل فوق الحساب، فإن هذا الملف لا يزال يتفاعل، ولا سيما في ظل الحديث التهديدي بالحل العسكري ضد إيران. إننا نتصور أن المسألة لا تزال في حركة الضغط الإعلامي، لأن الجميع يعرفون أن الحرب إذا أثيرت ضد إيران فإن المنطقة كلها سوف تتحول الى حريق هائل على جميع المستويات، وسوف يواجه العالم الكثير من الحرب الاقتصادية التي تسقط فيها الكثير من الأوضاع،ولذلك فإن على دول المنطقة أن تفكر طويلا في حمايةأوضاعها من المغامرات الأميركية والأوروبية التي لا تزال تتفاعل سلبا من خلال الاحتلال للعراق".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018